تحت ستار الهدنة في دير الزور.. “قسد” تشن حملة اعتقالات و”العشائر” تجد “حرب عصابات” طريقاً للمواجهة
تحت ستار الهدنة في دير الزور.. “قسد” تشن حملة اعتقالات و”العشائر” تجد “حرب عصابات” طريقاً للمواجهة
يواصل مقاتلو العشائر في ريف دير الزور الشرقي، هجماتهم على مواقع ميليشيا “قسد”، على الرغم من مرور عشرة أيام على إعلان “قسد” انتهاء الاشتباكات.
وذكرت مصادر محلية، أن هجمات المقاتلين العشائريين، لم تهدأ على مواقع وحواجز لـ “قسد”، في أرياف دير الزور الشرقية والغربية، وآخرها هجمات في بلدات الصبحة وذيبان والحوايج.
وبحسب مصادر صحيفة “الأخبار” اللبنانية، فإن العشائر ترى أنها خسرت جولة مع “قسد”، نظراً إلى عدم توازن القوى عسكرياً بينهما، إلا أنها تستعدّ لجولات أخرى، من خلال التحوّل إلى ما يعرف بـ “حرب العصابات”.
وذكرت المصادر، أن هذا السيناريو سيكون، في حال تحقّقه، الأصعب على “قسد”، أخذاً في الاعتبار صعوبة مواجهته، وخاصة أن العشائر بدأت تتحدّث، من خلال المواقع والمنصّات التي تتبنّى حراكها، عن تنظيم نفسها عسكرياً وإعلامياً، استعداداً لمعركة طويلة الأمد في المنطقة.
وذكرت المصادر، أن مقاتلي العشائر لا يزالون يعدّون شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، “إبراهيم الهفل”، مرجعية عسكرية لهم، يستندون إليها في مواصلة التصعيد ضد “قسد”.
ووفق المصادر، تجلّى هذا في تزايد هجماتهم بشكل لافت، بعد صدور بيان صوتي جديد لـ “الهفل”، أكد فيه استمرار القتال ضدّ عصابات “قسد” في ريف دير الزور، داعياً إلى الوقوف وقفة رجل واحد، وبيد من حديد ضدّ الظلم.
وأشار “الهفل”، إلى أن الاتجاه السياسي للعشائر يتّجه نحو الطريق الصحيح من أجل تحقيق المطالب في إدارة مناطقنا على المستويَين العسكري والمدني.
اقرأ أيضاً: ريف دير الزور على صفيح ساخن.. الاحتلال الأمريكي لم ينفذ وعوده والعشائر العربية لا تثق بـ “قسد”
وبحسب المصادر، أكدت تصريحات “الهفل” وجود نشاط سياسي داخلي وخارجي للعشائر، لإقناع الولايات المتحدة بضرورة تغيير نهجها في التعاطي مع “الانتفاضة العشائرية”، في دير الزور، والاستماع إلى صوتها الحقيقي، بعيداً عن الشخصيات التي تقدّمها “قسد” على أنها ممثّلة للعشائر.
وذكرت المصادر أن شيخ شمل العكيدات، “مصعب الهفل”، يجري لقاءات متواصلة مع مسؤولين أميركيين في السفارة الأميركية في الدوحة، في محاولة لتفنيد روايات “قسد” حول العشائر، والضغط في اتجاه الاستماع إلى مطالب هذه الأخيرة.
وعلى المستوى الداخلي، وبحسب المصادر، عُقدت عدّة اجتماعات في حقل العمر بين الأميركيين والشيخ “هفل جدعان الهفل”، العمّ الأكبر للشيخ “إبراهيم”، والذي عيّنه بعض الشيوخ والوجهاء شيخاً مؤقتاً للقبيلة، إلى حين عودة الشيخ “إبراهيم” إلى بيت مشيخة القبيلة في بلدة ذيبان.
في المقابل، تواصل ميليشيا “قسد”، حملة اعتقالات واسعة تنفّذها في المنطقة، على رغم النصائح الأميركية بضرورة النظر في مظالم أبناء العشائر، والعمل على تحسين واقع الخدمات وتمثيل السكان الأصليين في المجالس المحلية.
وأكدت مصادر عشائرية، شنّ “قسد” حملة اعتقالات واسعة في ريف دير الزور الشرقي الممتدّ من ذيبان، وصولاً إلى الباغوز، طالت العشرات من أبنائها، وتخلّلها الاستيلاء على أكثر من عشرة منازل وتحويلها إلى مقارّ عسكرية، مع منع الأهالي الذين نزحوا في اتّجاه مناطق سيطرة الحكومة السورية من العودة.
وزعمت مصادر مقربة من “قسد”، بأن الحملة تهدف إلى تمشيط كامل المنطقة التي شهدت توتراً أخيراً، وضمان عدم وجود أسلحة وأشخاص يهدّدون أمنها من جديد، نافيةً وجود أيّ قرار بمنع الأهالي من العودة إلى قراهم وبلداتهم التي غادروها نتيجة الاشتباكات في الأيام الماضية.
وبحسب المصادر، تواجه “قسد” اتهامات بمخالفتها للتعهّدات الأميركية، بتسليم قرى الريف الشرقي وبلداته إلى أهلها، مع إعادة الأسلحة والآليات المصادَرة منهم، وضمان عدم المساس بممتلكاتهم، أو اعتقال أيّ شخص منهم.
وبالتزامن مع هذه التطورات، روّجت العديد من الصفحات المعارضة، لتشكيل جسم سياسي ومدني في ريف دير الزور، بإشراف أميركي، بما يضمن إدارة أبناء العشائر لمنطقتهم بعيداً عن “قسد”.
ووفق ما تم نشره، جرى تداول اسم الرئيس السابق لما يسمى “هيئة التفاوض العليا”، المدعو “رياض حجاب”، ليكون رئيساً لهذه الهيئة، وذلك بدعم من قطر، التي تدفع نحو الحصول على دعم أميركي لهذا التوجه، مع إمكانية توسيع الإدارة العتيدة لتشمل بقية المناطق العربية في الرقة ومنبج.
وهو ما ردت عليه مصادر عشائرية، نافية تبنّي العشائر لأيّ شخص ليكون رئيساً لأيّ جسم عسكري أو مدني جديد لإدارة مناطق دير الزور الخاضعة لنفوذ قسد والأميركيين.
وأكدت المصادر، أن الحراك العشائري الأخير غير مرتبط بالمعارضة ولا بالحكومة، مضيفة أن الضغط العشائري مستمرّ في الداخل والخارج على “التحالف الدولي”، لدفعه إلى تغيير نهجه، وإبعاد “قسد” من المنطقة.
وأشادت المصادر، بالدور الذي يقوم به شيخ شمل العكيدات، “مصعب الهفل”، في الخارج، لإيصال الواقع الحقيقي، ومعاناة سكان المنطقة، وإبراز عدم وجود أي تغيّر في نهج “قسد” المتّبَع في إدارتها.
وكانت مجلّة “فورين بوليسي”، الأميركية، حذّرت من أن الاشتباكات بين “قسد” والعشائر تهدّد استراتيجية واشنطن في سورية.
وأوضحت المجلة، أن اندلاع العنف العربي – الكردي يهدّد بالإخلال بالتوازن الدقيق الذي أبقى تنظيم “داعش” وغيره من خصوم الولايات المتحدة في مأزق.
واعتبرت أن الانتفاضة العربية، رغم أنها هُزمت على ما يبدو، إلا أن تأثيرها سيكون كبيراً، مرجّحةً أن تدفع التجربة المشتركة في القتال ضدّ عدو مشترك، العشائر في دير الزور، والتي لديها تاريخ سابق من النزاعات، إلى وضع خلافاتها جانباً للتركيز على الهدف المشترك المتمثّل في الانتقام، ما يوفّر وقوداً كافياً لتمرّد طويل الأمد.
ورأت المجلة، أن على الولايات المتحدة، رغم التحدّيات العديدة التي تواجهها في أماكن أخرى، أن تكرّس تركيزاً كافياً لسورية والمنطقة، لضمان عدم ظهور انقسامات مماثلة بين “قسد” والفصائل العربية الأخرى المتحالفة معها، محذّرةً من أن الفشل في ذلك سيخلق مساحة للخصوم لتقويض مكاسب واشنطن التي حقّقتها بشقّ الأنفس.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع
