اقتصاد

أكثر من 16 ألف % معدل التضخم في سورية.. خبيرة اقتصادية: قرارات الحكومة والسياسة المالية أهم الأسباب

أكثر من 16 ألف % معدل التضخم في سورية.. خبيرة اقتصادية: قرارات الحكومة والسياسة المالية أهم الأسباب

 

شهدت البلاد منذ عام 2011 أزمة اقتصادية حادّة، لم تعهدها منذ عقود، تركت آثارها الكارثية على عموم الشعب السوري الذي بات أكثر من 90 % منه تحت خط الفقر.

وبحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء، بلغ معدل التضخم بين عامي 2011 و2021 مقدار 3852.29 بالمئة، فيما تضاعفت الأسعار بما يقرب من 40 ضعفاً.

في المقابل، قدرت وزارة المالية في بيانها المالي، لعام 2022، معدلات التضخم بـ 100.7 بالمئة، و104.7 بالمئة لعام 2023.

وذكرت الوزارة أن معدل التضخم بين عامي 2011 و2023 بلغ 16137.32 بالمئة، والأسعار ازدادت بما يتجاوز 161 مرة.

في السياق، تحدثت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة “رشا سيروب”، أن هذه النسبة المرتفعة جاءت نتيجة الارتفاع المستمر في أسعار مجمل السلع، مشيرة إلى أن أكثر المواد ارتفاعاً بالأسعار هي السلع الغذائية والمشروبات غير الكحولية، والنقد ومصاريف السكن والكهرباء والمياه، وخلاف ذلك من المواد التي تشكل حوالي 75 بالمئة من حجم إنفاق الأسرة.

وقالت “سيروب” لصحيفة “الوطن” المحلية يجب دراسة انعكاس هذا الرقم على المستوى المعيشي للمواطن، فعلى الرغم من عدد الزيادات في أجور المواطنين خلال سنوات الحرب إلا أنها لم تكن تتواءم مع نسبة الزيادات في الأسعار.

اقرأ أيضاً: رفع سعر الفيول بنحو 30%.. خبير اقتصادي: القرار سيفاقم الأوضاع ويزيد التضخم ويؤثر باحتياجات المواطن اليومية

وأشارت إلى قصور القوة الحقيقية للدخل الذي ارتفع 10 أضعاف عن بداية الأزمة ولكنه بقي أقل بكثير مقارنة مع ارتفاع المستوى العام للأسعار.

وحول أسباب التضخم، اعتبرت “سيروب”، أن أهمها تضخم التكلفة الناتج عن قرارات الحكومة عندما لجأت إلى رفع أسعار حوامل الطاقة عدة مرات، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة أسعار السلع والخدمات المنتجة في الداخل.

وثاني أسباب التضخم، بحسب “سيروب”، خروج جزء كبير من الأراضي السورية الواقعة شمال شرق سورية عن سيطرة الحكومة، والتي تعد السلة الغذائية والطاقوية، ما جعل الاعتماد بشكل رئيسي على الاستيراد لسلع الطاقة والقمح.

أما السبب الثالث للتضخم، فيتعلق وفق الخبيرة الاقتصادية، بالسيولة النقدية أو الفائض في المعروض النقدي نتيجة انخفاض الإنتاج من السلع والخدمات.

وقالت “سيروب” لكي تستطيع الحكومة تمويل إنفاقها العام خلال سنوات الحرب في ظل انخفاض إيراداتها العامة والعجز الكبير في الموازنة العامة للدولة، لجأت إلى الإصدار النقدي “طباعة العملة”، ونتيجة عدم وجود صادرات والتراجع في المخزون الاحتياطي للدولة “الذهب أو القطع الأجنبي”، أضحى قسم كبير من العملة التي يتم تداولها في سورية غير مغطى بقوة اقتصادية حقيقية، وهذا يؤدي إلى فائض سيولة في الوقت الذي تتراجع فيه كمية الإنتاج من السلع والخدمات في الداخل.

وأشارت إلى أن عدم استخدام وزارة المالية ومصرف سورية المركزي لأدواتهما المالية والنقدية، سبب هام لحدوث التضخم.

وقالت، المصرف المركزي لديه ثلاث أدوات وهي معدل الفائدة والاحتياطي القانوني وعمليات السوق المفتوحة (عمليات بيع سندات الخزينة)، لافتة إلى عدم وجود أرقام ضخمة عند طرح هذه السندات لكون المصارف لا تسهم بشكل كبير بتمويل عجز الميزانية العامة عن طريق سندات الخزينة.

وأضافت “سيروب” أما عن أداة معدل الفائدة كان سلبياً نتيجة ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، وعندما فكر مصرف سورية المركزي بتحريكها خلال العام الماضي، حرّكها بشكل بسيط جداً وبالتالي لم يكن مجدياً، إضافة إلى أن الاحتياطي القانوني لم يتم استخدامه خلال سنوات الحرب سوى مرة واحدة فقط.

ولفتت إلى أنه كان بالإمكان استخدام أدوات من نوع آخر ذات أثر أكبر، كتشجيع الإقراض من السيولة المتاحة في المصارف لتمويل العملية الإنتاجية.

ورأت “سيروب”، أن السياسة المالية كانت سبباً هاماً للتضخم، حيث لجأت إلى رفع الأسعار لتحقيق إيرادات أكبر.

ولفتت الخبيرة الاقتصادية، إلى عدم صحة ما يقال بأن الإيرادات الضريبية انخفضت نتيجة انخفاض أرباح الشركات، معتبرة أن حجم التهرب الضريبي ضخم جداً، ويوجد الكثير من الأنشطة لا يتم الإعلان عنها لكونها تعمل في الظل والخفاء ولا تصرّح عن حجم أرباحها الحقيقي.

وتساءلت “سيروب” لماذا لا تلجأ وزارة المالية إلى تحصيل هذه المنابع الضريبية وبالتالي لن تضطر إلى رفع الأسعار بهذا الشكل الكبير، إضافة إلى استثمارات أملاك الدولة التي ما تزال حتى الآن غير ملائمة لأسعار السوق الرائجة، وبالتالي يستفيد منها المستثمر الخاص فقط دوناً عن الحكومة، وهنا يجب إعادة النظر في كيفية استثمار هذه الأملاك، ما دامت هذه المشروعات تعد ربحية بامتياز وليست خدمية.

ولفتت الخبيرة الاقتصادية، إلى أنه نتيجة لهذه التراكمات تقوم الحكومة بالمعالجة بالطرق السهلة المتمثلة في رفع الأسعار الذي ينعكس بشكل فعلي على المواطن ذي الدخل المنخفض.

ورأت “سيروب”، أنه يجب التفكير في أدوات غير تقليدية في سنوات الحرب، مضيفة، في دول الخارج تتركز الثروات عند شريحة ضئيلة جداً تعادل ثرواتها مجموعة دخول السوريين كاملة، فلماذا لا يفرض ضريبة على هذه الثروة التي تعد ممتلكات وأملاكاً يحققها الأشخاص لا تستثمر في العمل الإنتاجي بالداخل السوري، لتحقيق إيرادات جيدة جداً للخزينة العامة للدولة؟!

يذكر أنه مع انتهاء الربع الأول من عام 2023، ارتفع وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد، إلى أكثر من 5.6 ملايين ليرة سورية، أما الحد الأدنى فقد وصل إلى 3,546,083 ليرة سورية.

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كشفت مؤخراً، أن ما يقارب 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، ويحتاج أكثر من 15 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، وطالبت اللجنة، بتحرك فوري لمعالجة الوضع الحرج الذي يعيشه السوريون، مشددةً على أن كلفة عدم التحرك ستكون لا تحتمل.

كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى