اقتصاد

التسويق الإلكتروني.. عمل بتكاليف قليلة ومردود جيد

التسويق الإلكتروني.. عمل بتكاليف قليلة ومردود جيد

 

انتشرت خلال السنوات القليلة الماضية في سورية ظاهرة العمل عبر الإنترنت، نتيجة فقدان الكثير من السوريين لعملهم بسبب الحرب تزامناً مع انتشار واسع للثورة التكنولوجية لاسيما مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي دفع البعض منهم إلى اتخاذ التسويق الالكتروني مصدر رزق بأقل التكاليف وبرأس مال محدود، لكن رغم سهولة التسويق والبيع الالكتروني إلاّ أن لهذا النوع من العمل مصاعب ومخاطر أهمها غياب التشريعات القانونية الواضحة في التعاملات الالكترونية، حيث لا وجود  لغطاء قانوني يحمي الزبون والمسوق بذات الوقت، ما تسبب بوقوع حالات نصب واحتيال كثيرة لدى الطرفين.

ازدادت أرباحها بنسب جيدة

“ديمة” تعمل في بيع الألبسة والأحذية منذ ثلاث سنوات، أشارت إلى أنها تسوّق لمنتجاتها عن طريق الفيسبوك، حيث تستطيع أن تصل لعدد أكبر من الزبائن عبر صفحات التواصل الاجتماعي فهي ترسل البضائع عبر شركات الشحن إلى كافة محافظات القطر، لافتة إلى أنّ أرباحها ازدادت بنسية جيدة بعد اتباع هذه الطريقة، وأن الترويج لبضائعها أسهل وأفضل من الترويج التقليدي الذي يحتاج جهد ووقت أكثر.

بيع العقارات عبر الفيس والواتساب

بينما يعمل “حيدر محمد” في بيع العقارات والأراضي عبر الواتساب والفيس بوك بعد أن فقد عمله بإحدى المصانع بريف دمشق بسبب الحرب، منوهاً أن هذا النوع من العمل غير مكلف، لذلك أصبح بمثابة مهنة، مشيراً إلى أن دخله بدأ يزداد بوتيرة متسارعة، فأي شخص يريد أن يبيع أو يشتري عقاراً يضع إعلان عنده بهدف التسويق له، وتالياً على كل عملية بيع أو شراء يتقاضى مبلغ مالي جيد، لافتاً أنه يصل إلى كل المحافظات السورية بهذه الطريقة، متوقعاً في المستقبل أن يصبح البيع الإلكتروني هو المعتمد بكل شي بدلاً عن التقليدي وذلك تماشياً مع التقدم والتطور الإلكتروني

لا يخلو من النصب والاحتيال

أمّا “نجود” سيدة تعمل في مجال بيع الاكسسوارات اليدوية وأدوات المكياج، حيث ترسلها عبر شركات الشحن من دمشق إلى كل المحافظات، موضحة أن عملها كان جيد في البداية، إلاّ أنها تعرضت عدّة مرات إلى النصب من قبل بعض الزبائن حيث ترسل لهم البضاعة المطلوبة دون ارسال ثمنها، وقد تكررت الحادثة عدة مرات دون أن تتمكن من استرداد حقها، ما جعلها تفكر مليّا بالإقلاع عن ارسال بضاعتها خارج دمشق.

بدوره “سامر المصطفى” الاستاذ الدكتور في قسم ادارة الأعمال – كلية الاقتصاد – جامعة دمشق وعميد المعهد العالي للتنمية الادارية سابقاً، أشار في تصريح خاص لـ كليك نيوز، إلى أنه لم يعد بإمكان أي مؤسسة أو منظمة مهما كان نوعها أن تتجاهل التسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فالهاتف المحمول يعد تقنية تسويقية جديدة للغاية في هذا المجال حيث أنه توفر الوصول المباشر للعملاء والتفاعل معهم بشكل شخصي، كما يسمح للمسوق الوصول إلى الشخص بشكل مباشر بتكلفة وجهد أقل.

دوافع البيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي

وبيّن “المصطفى” أنّ الدوافع للبيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي جاءت بسبب تصاعد الأزمة السورية واستمرارها لأكثر من عقد، حيث فقد الكثير من السوريين وظائفهم أو اضطروا إلى تركها بحثًا عن رواتب أعلى تسمح لهم بتغطية احتياجاتهم، كما أنها طريقة سهلة ومريحة تقلل من وقت البحث عن المنتج، ويمكن القيام بها من أي مكان بطريقة سريعة واقتصادية.

وكشف “المصطفى” أن هذه الطريقة تحتاج إلى متابعة مستمرة والعمل على مدار الساعة لتحقيق التبادل والحوار مع العميل بطريقة تفاعلية ومتزامنة، بالإضافة لامتلاك الخبرة بالتعامل مع تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، بالمقابل فإن المصداقية والثقة تكون ضعيفة بالنسبة للمشتري في السوق السورية فيما يتعلق بالجودة والأسعار وغيرها من الجوانب.

مخاطر عديدة

وأضاف “المصطفى” أن التسويق الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي يعاني من مخاطر متعددة وكثيرة لاسيما الجانب القانوني، حيث لا توجد تشريعات وقوانين واضحة للمستهلك عن التعاملات الإلكترونية، كما يعاني المسوق إلكترونيا صعوبة في تقديم منتجات تتناسب مع توقعات العملاء أو خلق انطباع جيد نحو جودة المنتجات التي يقدمها وتناسبها مع أسعارها، لافتاً أنه في حال حدوث خلاف في جودة المنتجات المشتراة إلكترونيا بين المشتري والبائع لا توجد جهة مسؤولة عن رد الغش والغبن عن المشترين بالشكل المناسب، بالإضافة إلى أن المواقع قد تكون غير مرخصة وتالياً لا يستطيع المشترى الشكوى عليها.

وبين أنه بالرغم من المخاطر السابقة أصبح المستهلك السوري متقبلاً لفكرة التسويق الإلكتروني بنسبة 20 – 30% ويتعامل بها وخاصة جيل الشباب يقلل من وقت البحث عن المنتجات والحصول عليه بأسرع وقت ممكن وهذا مؤشر على ازدياد استخدام التسويق الإلكتروني في السوق السورية وبدأ ينجح في بعض القطاعات المصرفية والسياحية والاتصالات وغيرها.

صعوبات التسويق الإلكتروني

وذكر “المصطفى” أنه من صعوبات التسويق الإلكتروني هي خدمة الدفع عبر الإنترنت وهذه الخدمة غير متوفرة في بلدنا على نطاق واسع، ويمكن أن تكون شبه معدومة، إضافة إلى ضعف تقنيات الإنترنت والاتصالات مع أن هناك حلول محلية بسيطة لم تتجاوز الحلول الطارئة.

وأخيرا نقص في المهارات الفنية المطلوبة وغيرها، مؤكداً أن السوق الإلكتروني السوري مازال عشوائيا وغير منضبط على أرض الواقع، حيث لم يتطرق القانون السوري إلى صياغة التشريع وإنشاء الإطار الذي يضبط ويضمن أنماط الأعمال، وتالياً، فإن التعامل معها دون إطار قانوني فعلي يشكل مسؤولية.

اقرأ أيضاً: بعد السماح بتصديره من يوقف ارتفاع أسعاره؟.. التجار يسحبون زيت الزيتون من الأسواق

ولا يوجد تفسير كاف في القانون السوري لمفهوم التجارة الإلكترونية بشكل عام، الأمر الذي يتطلب فهم عميق للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وكيفية استخدامها لأغراض التسويق الإلكتروني، وقدرة على إبداع حملات تسويقية مبتكرة وجذابة تجذب الجمهور المستهدف.

موضحاً أن هذا يفرض ضرورة ضبط قطاع السوق الإلكتروني، وأيضاً وجود ضوابط شفافة وواضحة للطرفين المستهلك والمسوق الإلكتروني في قانون حماية المستهلك لزيادة ثقة المستهلك بالتسويق الإلكتروني ومصداقيته ومنها ما يتعلق بالبيانات جراء أي اتصال إلكتروني بغرض التسويق المباشر للشخص المعنى بالبيانات وأن يكون للمرسل عنوان صحيح وكاف للوصول إليه مع ضرورة وضع آليات واضحة وميسرة لتمكين الشخص المعنى بالبيانات من رفض الاتصال الإلكتروني أو العدول عن موافقته على إرسالها.

اقرأ أيضاً: مع اقتراب رأس السنة.. بطاقة اليانصيب تباع بأكثر من ضعف سعرها في حمص

وشدد دكتور الاقتصاد على ضرورة الاحتفاظ بسجلات إلكترونية مثبت بها موافقة الشخص المعنى بالبيانات وتعديلاتها، أو عدم اعتراضه على استمراره بشأن تلقى الاتصال الإلكتروني التسويقي وذلك لمدة 3 سنوات من تاريخ آخر إرسال.

وكذلك إلزام المواقع والصفحات والمجموعات الإلكترونية التي تقوم بأنشطة تسويقية وإعلانية بامتلاك سجل تجاري بهدف تنظيم عمليات الشراء والبيع والتجارة التي تتم بالوسائل الإلكترونية، مشيراً إلى أن قانون حماية المستهلك في سورية اقتصر على أن عمليات البيع أو الشراء أو العمليات التجارية المخالفة للقوانين والأنظمة القائمة تخضع للمسؤولية القانونية على غرار العمليات التجارية التي تتم في الحالات العادية، ونتيجة لذلك فهي عقد بين البائع والشركة وهذا عام جداً.

ميليا اسبر- كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى