تدوير الملابس القديمة عادة اجتماعية فرضتها الظروف الاقتصادية
مشاهدٌ وتجاربٌ عديدة تعيشها النسوة عند استقبال مناسبات الأفراح والأعياد، أو التحضير لافتتاح العام الدراسي الجديد، ولكل وقت حكمه.
كما بات الذهاب إلى الخيَّاط بالنسبة لربة المنزل “ميساء” حاملةً معها مجموعة من الملابس القديمة سبيلاً لإخفاء عورة المعيشة الصعبة، بطرق وحيل لخلق بدائل عن شراء قطع جديدة باتت من أحلام الزمن الجميل، مستخدمةً أفكاراً تجعل أسرتها تتماشى مع احتياجاتها من اللباس.
خيار إجباري
لم تكن “ميساء” الوحيدة أمام هذا الخيار، إنما مثال صغير يحكي واقع الكثير من الأسر السورية، التي عزفت عن تسوُّق الملابس الجديدة، ليس اكتفاءً أو كرهاً بها، إنما هرباً من كابوس الإرتفاع الجنوني الذي طال كل شيء، وصولاً إلى الهواء الذي نتنفسه.
كما هو حال “منار مصطفى” 28 عاماً التي باتت تقصد محال ألبسة البالة، بعد اتفاق بينها وبين خياطتها لإجراء تعديلات على القطع، بما يتناسب مع ذوق “منار” التي باتت مجبرة للخروج يومياً من وإلى المدرسة بعد تعيينها كمعلمة.
كما أن للاستهلاك اليومي للعديد من قطع الملابس مثل بنطلونات الجينز والبيجامات سبباً في لجوء “رغد محمود” 30 عاماً لتحويلها إلى شورتات وبيجامات جديدة بكلفة لا تتجاوز ال 20 ألف ليرة أجور الخياطة.
توارث القطع
ونظراً لصعوبة تأمين الملابس لأفراد أسرتها المميزة بتقارب أعمار أفرادها، إلا أن “ناهد حسين” وجدت في تدوير الملابس فرصة لتصميم فساتين لبناتها، تُدخل البهجة لقلوبهم، بدلاً من شرائها بثمن يقارب 150 ألف ليرة، والذي يعادل راتب موظف لشهر واحد.
كما لجأت الأربعينية “هدى العثمان” وهي أم لأربعة أطفال لإعادة ترتيب ملابس أولادها لتتناسب مع مقاساتهم الجديدة، مبينةً أن الأمر لا يكلفها سوى إضافة تفاصيل مميزة لكل قطعة بمبلغ لا يتجاوز 5000 -10000 ليرة.
حسب الطلب
من الممكن تحويل بنطال قديم مقاسه كبير لبنطال صغير بجودة مقبولة، كما تحولت البطانيات لجاكيت شتوي سميك يقاوم برد الشتاء، وغيرها من الاحتمالات طرحتها الخياطة “سماح صبحي” أثناء درز فستان صغير بين يديها، موضحةً أنه ومنذ افتتاحها للمحل لم تأت لها أي زبونة بقطعة قماش جديدة.
كما لم يعد تفصيل الملابس الجديدة وجهة الزبائن اليوم، فأكثرهم يلجؤون للإصلاح بدلاً من الشراء، هذا ما أكده الخياط “سمير حداوي” الذي باتت مهمته أخذ القياسات اللازمة لإعادة تصنيع القطع بالقماش المتوفر، ومن ثم إجراء إضافات لتبدو أكثر جاذبية.
في حين شكل الفارق الكبير بين تكلفة التعديل وثمن القطعة الجديدة في السوق حافزاً كبيراً لرواج هذه الظاهرة برأي الخياط “فارس محمد” الذي استهوته الفكرة، مؤكداً الفجوة الكبيرة بين كلفة إعادة تدوير الملابس وبين شرائها، والذي قارب الـ 40 ألف ليرة، مشيراً إلى ازدياد الإقبال على هذا العمل قبل فترة العيد لتوفير مبالغ مادية كبيرة للكثير من العائلات.
بارعة جمعة