اقتصاد

رغم ارتفاع أسعارها.. سوق الألبسة “البالة” ملجأ الفقراء في ظل ارتفاع الألبسة الجديدة

رغم ارتفاع أسعارها.. سوق الألبسة “البالة” ملجأ الفقراء في ظل ارتفاع الألبسة الجديدة

 

تضبط “رغداء” (موظفة) في إحدى الدوائر الرسمية، ايقاع حياتها على الساعة العاشرة ونصف من صباح كل يوم سبت، وتتوجه إلى سوق الألبسة المستعملة (البالة) في دمشق لترى ما هو جديد فيها، حتى لو لم تشتري لكنها اعتادت على هذا النظام، فكما تقول أنها “مهووسة بلباس البالة لأنها تجد فيها الجودة، إضافة إلى أن أسعارها مقبولة مقارنة بالملابس الوطنية”.

بسبب الوضع المعيشي

بينما “لارا” أكدت أنها لم تعد تشعر بالخجل من ارتداء ألبسة (البالة) بعد أن فرض ذلك الوضع المعيشي الصعب، علماً أن بعض أنواع الألبسة المستعملة مرتفعة الثمن، إلا أنها تتمتع بجودة كبيرة ومعظمها من أنواع الماركات العالمية وربما قطعة الثياب تكفي لسنوات عديدة دون أن تنتزع أو تتلف.

في حين يقول “علي” أنّ ملابس البالة أصبحت في الوقت الراهن تفوق القدرة الشرائية للمواطن لا سيما مع قدوم فصل الشتاء، حيث ترفع فيه أسعار الألبسة لاسيما المعاطف فقد وصل سعر المعطف إلى أكثر من 200 ألف ليرة من النوع الوسط، منوهاً إلى أنه رغم ذلك فهو لا يتسوق إلا من البالة لأنه يجد طلبه حيث الأسعار متفاوتة حسب النوع والجودة.

ملجأ للفقراء

وكانت ملابس (البالة) في السنوات القليلة الماضية، ملجأ للسوريين لتجنب شراء الملابس المرتفعة الثمن كما تقول “لينا” وأنها تشتري الألبسة المستعلمة من منطقة الإطفائية، وهو أكبر تجمع لسوق الألبسة المستعملة في دمشق، وأيضاً من مناطق الشيخ سعد وباب الجابية حيث كانت أسعارها مقبولة في السابق، أما اليوم فقد ارتفعت بشكل جنوني، مثلاً، وصل سعر الجاكيت 300 ألف ليرة، والأحذية الجيدة يتراوح سعرها بين 200 و250 ألف ليرة، في حين راتب الموظف لا يكفي لشراء قطعة واحدة فقط.

اقرأ أيضاً: “تنزيلات نهاية الموسم”.. خدعة نفسية يلجأ لها التجار لكسب أرباح إضافية

ويقع سوق الألبسة المستعملة أو الإطفائية، وسط العاصمة دمشق، حيث يتجمع الناس بكثرة يتزاحمون للحصول على قطع ثياب أوروبية.

“أبو خالد” يعمل في هذا السوق الكبير منذ عشر سنوات أوضح لـ كليك نيوز، أن أسعار البالة أصبحت مرتفعة جداً لأسباب عديدة، منها الأتاوات المترتبة عليها لأن البضاعة تدخل البلاد عن طريق التهريب، مشيراً إلى وجود أنواع مختلفة وتصنيفات كثيرة من الألبسة وكل زبون يشتري حسب ما يناسب قدرته الشرائية، مؤكداً أن بعض زبائن سوق البالة هم من الطبقة الاجتماعية والماديّة الجيدة ولم تعد تقتصر كما كانت في السنوات السابقة على الفقراء فقط.

إقبال ضعيف على الشراء

بدوره أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير بالشأن الاقتصادي “عبد الرزاق حبزة”، بين في تصريح لـ كليك نيوز، أنه خلال جولات ميدانية أجرتها الجمعية تم ملاحظة ارتفاع كبير بأسعار الألبسة الشتوية في الأسواق تزامنا مع قدوم فصل الشتاء، كما لا يوجد اقبال جيد على الشراء بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن، إضافة الى وجود أنواع رديئة في السوق، حيث تأخذ المصانع الأقمشة ذات الجودة المنخفضة تصنعها وتطرحها في السوق وبأسعار خيالية.

وأضاف أن الألبسة الجيدة مرتفع الثمن وتفوق القدرة الشرائية لذلك كان الحل الوحيد للمواطنين هو الاتجاه نحو سوق (البالة)، علماً أن استيرادها غير مسموح به، مؤكداً أن الجمعية طالبت مرات عديدة بالسماح استيراد الألبسة المستعملة لتغطية السوق لكن دون جدوى، منوهاً أن أسعار البالة تتعلق بسعر الصرف كونها تأتي من الخارج لكن بشكل عام تتمتع بنوعيات جيدة وأفضل بكثير من الألبسة الوطنية.

لافتاً إلى أنّ حجة الحكومة في عدم السماح باستيراد (البالة) هو حماية المنتج المحلي، علماً أن الأخير غير متوفر بشكل كبير، حيث أن معظم المعامل التي كانت تنتج ملابس ذات جودة عالية توقفت عن العمل بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية، وأيضاً ارتفاع مستلزمات الانتاج من حوامل الطاقة، وكذلك ثمن الخيوط القطنية والمستوردة، وهذا يؤثر على ارتفاع أسعارها ما يعني تكلفة الانتاج عالية وبنفس الوقت لا مجال للمنافسة مع البالة.

ولفت “حبزة” إلى أنه حتى البالة أصبح المواطن يقتصد في الشراء منها بسبب الأوضاع المادية السيئة، كاشفاً أنه بدأت تنتشر في الوقت الحالي عملية تدوير الألبسة فهناك العديد من الخياطين يعملون بتصغير الملابس أو تكبيرها في ظل ارتفاع أسعار الملابس الجديدة وقلة الاقبال على الشراء.

ميليا اسبر – كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى