أخبار كليكسياسي

المقداد: أي وجود عسكري غير شرعي في سورية يجب أن ينتهي

المقداد: أي وجود عسكري غير شرعي في سورية يجب أن ينتهي

 

أكد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد ضرورة بناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب يعمل فيه الجميع تحت مظلة مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن سورية تنطلق في دعوتها هذه من تجربة حقيقية لأن الحرب عليها كانت في إطارها الأوسع جزءاً من محاولات الغرب لإبقاء سيطرته على العالم، ورغم أن هذه الحرب فشلت في تحقيق أهدافها بما في ذلك كسر إرادة سورية وعزلها عن محيطها وعن العالم لكنها خلفت تجربة مريرة وباهظة الثمن على الشعب السوري.

وقال المقداد في كلمة سورية اليوم أمام الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة: نلتقي في ظل أوضاع حساسة وخطرة على الصعيد الدولي، حيث تزداد الحروب والنزاعات والتهديدات للسلم والأمن الدولي وينتشر الإرهاب والفوضى ويتعرض الاقتصاد العالمي والأمن الغذائي للخطر ويتسارع تغير المناخ، واللافت أن كل ذلك يأتي نتيجة إصرار بعض الدول على فرض هيمنتها على دول أخرى ونهب مواردها وثرواتها والسعي لتحقيق أجنداتها الضيقة، بما في ذلك عبر الاستثمار في الإرهاب وفرض الحصار الاقتصادي واستخدام الأسلحة الفتاكة، ضاربة بعرض الحائط كل ما أجمعت عليه البشرية من قوانين وأعراف دولية.

وأضاف المقداد: هذه الدول شنت الحروب واحتلت أراضي الغير تحت ذريعة (نشر الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان)، لكنها في الواقع دمرت دولاً وقتلت الكثير من الأبرياء، وما جرى في منطقتنا مثال على ذلك، حيث أطلقوا على الإرهابيين المدعومين من قبلهم تسمية (المعارضة المعتدلة التي تنشد الحرية)، لكن هؤلاء كانوا مجرد أدوات لتدمير الدول الأخرى التي لا تسير في فلكهم ولا تخضع لأجنداتهم، سموا عقوباتهم بـ (العقوبات الذكية)، لكنها في الواقع ليست سوى أدوات قتل وعقاب جماعي ضد الشعوب التي وقفت إلى جانب بلادها وسيادتها وجيشها، وما فعلوه في سورية من منع وصول الغذاء والدواء ووقود التدفئة وغيرها من متطلبات الحياة الأساسية إلى الشعب السوري خير دليل.

الشعب السوري يعاني منذ أكثر من 11 عاماً وحشية إرهاب منظم ترعاه دول معروفة

 

وأشار المقداد إلى أن سورية إذ تنبه إلى هذا الواقع المزري فإنها تدعو إلى اتخاذ القرار الصائب في هذه اللحظة الفارقة والدقيقة من التاريخ، بما يضمن حاضراً ومستقبلاً أفضل لنا وللأجيال القادمة، وبما يؤسس لبناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب يعمل فيه الجميع تحت مظلة مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، لافتاً إلى أن سورية تنطلق في هذه الدعوة من تجربة حقيقية لم تكن منفصلة عن ذلك لأن الحرب عليها كانت في إطارها الأوسع جزءاً من محاولات الغرب لإبقاء سيطرته على العالم، ورغم أن هذه الحرب قد فشلت في تحقيق أهدافها بما في ذلك كسر إرادة سورية وعزلها عن محيطها وعن العالم لكننا لا ننكر أنها خلفت تجربة مريرة وباهظة الثمن على الشعب السوري الذي يعاني منذ أكثر من 11 عاماً وحشية إرهاب منظم ترعاه دول معروفة واحتلال وتدخل عسكري وحصار اقتصادي وإجراءات قسرية أحادية الجانب لا ترحم.

وأوضح المقداد أنه في الوقت الذي كنا نأمل فيه تحقيق السلام والاستقرار في منطقتنا شهدنا مزيداً من الممارسات الإسرائيلية التي دفعت المنطقة إلى مستويات غير مسبوقة من التوتر وعدم الاستقرار من خلال ارتكابها المجازر وتصعيد عدوانها العسكري على الأراضي الفلسطينية والاستمرار في سياسات الاستيطان والتهويد والحصار والاعتقال التعسفي والتهجير القسري والتمييز العنصري، لافتاً إلى أن ممارسات (إسرائيل) تشكل جرائم لم يعد من المقبول استمرار الإفلات من العقاب عليها.

(إسرائيل) أضافت فصلاً جديداً إلى سجلها الأسود تمثل بدعمها التنظيمات الإرهابية

 

ولفت المقداد إلى أن (إسرائيل) أضافت فصلاً جديداً إلى هذا السجل الأسود تمثل بدعمها التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها (جبهة النصرة) التابعة لتنظيم (القاعدة) و(داعش) وقيامها بشن اعتداءات متكررة على الأراضي السورية بشكل ممنهج ومتعمد، بما في ذلك الموانئ والمطارات المدنية ما يهدد السلم والأمن في المنطقة والعالم ويعرض للخطر أرواح المدنيين وسلامة الطيران المدني في سورية والمنطقة، مؤكداً أن من ارتكب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين والسوريين لا يحق له اعتلاء المنابر الدولية للتشدق بالحرص على أرواح المدنيين وحقوق الإنسان.

وأوضح المقداد أن استمرار الدعم أو الصمت عن مثل هذه الممارسات الإسرائيلية من قبل بعض الدول التي تنصب نفسها حامية للقانون الدولي الإنساني ولقانون حقوق الإنسان يجعلها متواطئة مع هذه الجرائم ويظهر مدى ازدواجية المعايير التي تمارسها، مشدداً على أن سورية تؤكد أنها ستمارس حقها المشروع في الدفاع عن أرضها وشعبها بكل الوسائل اللازمة وفي ضمان مساءلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن هذه الجرائم.

حقنا في استعادة الجولان السوري المحتل ثابت لا يخضع للمساومة ولا يسقط بالتقادم

 

وأكد المقداد أن الجولان السوري المحتل في قلب كل سوري، وحقنا باستعادته كاملاً حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967 ثابت لا يخضع للمساومة أو الضغوط ولا يسقط بالتقادم، وهو مكفول بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981.

وأشار المقداد إلى أن أي وجود عسكري غير شرعي على الأراضي السورية هو مخالف للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة ويجب أن ينتهي فوراً دون قيد أو شرط، كما أن محاربة الإرهاب بمختلف أشكاله وتفرعاته والقضاء عليه بشكل نهائي لا يمكن أن تتم إلا بالتعاون والتنسيق مع الدولة السورية، وفي إطار احترام سيادتها واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، فمحاربة الإرهاب لا تتم عبر (تحالف دولي) غير شرعي ينتهك سيادة الدول ويدمر المدن والقرى ويرتكب المجازر بحق المدنيين ويسرق الثروات الوطنية ويدعم الميليشيات الانفصالية، كما أنها لا تتم عبر احتلال أراضي الغير وسياسات التهجير القسري والتغيير الديمغرافي ولا بالسعي لإنشاء ما تسمى (منطقة آمنة) وبالتعاون مع الإرهابيين أنفسهم أو بممارسة العقاب الجماعي من خلال قطع المياه عن المواطنين، مطالباً الميليشيات الانفصالية التي ما زالت تعيش تحت تأثير الأوهام التي ينسجها رعاتها أن تعي الواقع وأن تتراجع عن التعويل على المحتل الأجنبي، فمن لا يقف إلى جانب وطنه لا وطن له.

سورية انتهجت منذ بداية الأزمة في عام 2011 خيار التسويات والمصالحات

 

وبين وزير الخارجية والمغتربين أن سورية انتهجت منذ بداية الأزمة في عام 2011 خيار التسويات والمصالحات الوطنية المحلية كطريق لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها في مختلف ربوع الوطن وتعزيز الوحدة الوطنية وتماسك المجتمع السوري، وتم صدور 21 مرسوم عفو عام، كان آخرها المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2022 الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد وتضمن عفوا عاما عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من قبل السوريين، عدا تلك الجرائم التي أفضت إلى موت إنسان، لافتاً إلى أن هذا العفو يكتسي أهمية استثنائية بطبيعته القانونية والاجتماعية والسياسية، فهو يعكس مرحلة متقدمة في إطار إرادة وجهود الدولة السورية المستمرة لترسيخ المصالحة الوطنية وتحقيق الاستقرار بشكل مستدام، وستتابع الدولة السورية جهودها وفقاً لهذا النهج الذي أثبت فعاليته وأدى إلى عودة الكثير من السوريين إلى ممارسة حياتهم الطبيعية كغيرهم من باقي السوريين.

وأوضح المقداد أنه بالرغم من كل الظروف الصعبة التي مرت بها سورية فقد حرصت على إجراء استحقاقاتها الدستورية في موعدها، حيث شهدت قبل أيام انتخابات ديمقراطية للمجالس المحلية ترشح لها 59498 مرشحاً تنافسوا على 19086 مقعداً، ما يعكس اتساع المشاركة الشعبية الديمقراطية وتعزيز اللامركزية وتعميق الإدارة المحلية في كل قرية ومدينة ومنطقة ومحافظة.

ولفت المقداد إلى أنه بالتوازي مع ذلك تعاملت سورية بإيجابية مع الجهود والمبادرات التي قدمت في إطار المسار السياسي، وفي هذا الصدد تجدد دعمها للاجتماعات التي تعقد بصيغة أستانا، كما ترحب بنتائج قمة طهران التي عقدت في التاسع عشر من تموز الماضي والتي تم التأكيد فيها على الالتزام بسيادة سورية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها وعلى الوقوف ضد المخططات الانفصالية وعلى القضاء النهائي على المجموعات الإرهابية، مبيناً أن كل ذلك يبقى حبراً على ورق إذا استمرت تركيا بعدم الالتزام بهذه النتائج قولاً وفعلاً وبعدم تنفيذها لمخرجات أستانا السابقة.

وأكد المقداد ضرورة أن يحافظ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية على دوره كميسر للحوار السوري_السوري بملكية وقيادة سورية، وذلك وفق الولاية الممنوحة له في إطار اجتماعات لجنة مناقشة الدستور التي تم الاتفاق على تشكيلها في مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد في سوتشي عام 2018.

سورية كانت قبل بدء الحرب الإرهابية التي شنت عليها تحقق اكتفاء ذاتياً

 

وأشار المقداد إلى أن سورية كانت قبل بدء الحرب الإرهابية التي شنت عليها من أكثر بلدان العالم أمناً واستقراراً وازدهاراً، وكانت تحقق اكتفاء ذاتياً وتؤمن متطلبات الحياة الأساسية لشعبها بشكل قل نظيره في المنطقة، سواء في القطاع التعليمي أو الصحي أو الخدمي أو المعيشي، لكن هذه الحرب الظالمة غيرت هذا الوضع، لا بل شهدنا أزمة إنسانية لا يستهان بها جراء الإرهاب والإجراءات القسرية أحادية الجانب التي فرضتها الدول الغربية وسرقة ثروات الشعب السوري.

وتابع المقداد: كمثال على ذلك فإن القيمة التقديرية للخسائر المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بقطاع النفط والغاز والثروة المعدنية فقط منذ العام 2011 بلغت 107 مليارات دولار، لافتاً إلى أن سورية ستطالب بالتعويض عن هذه الخسائر لأن العالم لا يجب أن يكون عالم وحوش بل عالم الأمن والاستقرار والسلام.

وشدد المقداد على أن الدولة السورية تبذل جهوداً جبارة لتحسين الوضع الإنساني على الأرض وإعادة بناء ما دمره الإرهاب وتسهيل عودة اللاجئين، وتحرص على تقديم كل التسهيلات للأمم المتحدة لتحسين وتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية لمحتاجيها ولتنفيذ مشاريع التعافي المبكر التي نص عليها قرار مجلس الأمن 2642 الذي يشكل رغم التحفظات عليه خطوة إضافية نحو تحسين الوضع الإنساني في سورية وزيادة القدرة في الحصول على الخدمات الأساسية، لكن ذلك يتوقف على مدى تنفيذ الدول الغربية لما جاء في القرار بخصوص توسيع نطاق الأنشطة الإنسانية، بما في ذلك مشاريع التعافي المبكر الهادفة إلى توفير المياه والكهرباء وخدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم والمأوى، حيث أثبتت تجربة القرار السابق 2585 أن تنفيذ هذه المشاريع لا يمكن أن يتم في ظل إصرار الدول الغربية على تسييس العمل الإنساني والتنموي في سورية واستمرارها بوضع العراقيل والقيود أمامها، ولا سيما من خلال فرض الإجراءات القسرية.

كليك نيوز

اقرأ أيضاً: لا مفاوضات حالياً للتطبيع بين دمشق وأنقرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى