مجتمعخدميمحلي

السوريون يحتالون لتدبّر حاجاتهم.. “البالة الإلكترونية” أحدث ابتكاراتهم

السوريون يحتالون لتدبّر حاجاتهم.. “البالة الإلكترونية” أحدث ابتكاراتهم

 

في ظل استمرار تراجع وتدهور الأوضاع المعيشية، احتال السوريين لتدبير أمورهم، وبينما بات شراء “كل شيء”، حلماً لدى الأغلبية، غير أنهم ابتكروا عشرات السبل لتمكينهم من تدبير أمورهم!

وأحد الحلول التي طفت إلى الواجهة مؤخراً ما يسمى “البالة الإلكترونية”، حيث تضم كل ما يخطر في البال، من ثياب وأجهزة كهربائية، وأثاث، جميعها مستعملة، يقوم أصحابها ببيعها على صفحات مختصة بذلك على “الفيسبوك”.

ومع الارتفاع المستمر بأسعار المنتجات المحلية والبالة سواء كانت أدوات منزلية أو أجهزة كهربائية أو ثياباً، أصبح المواطن يبيع مقتنياته الشخصية سواء كانت ألبسة أو أجهزة يمكن أن تكون فائضة عن حاجته، لاستبدالها بأدوات أخرى أو بيعها في سبيل شراء مونة بثمنها، أو قطعة ملابس يحتاجها.

وتعتبر جميع محتويات “سوق البالة الالكترونية”، مستعملة لكنها تختلف، فمنها ما هو مستعمل بشكل خفيف شبه جديد، ومنها ما هو “مدعوك”، لكن ما يميز تلك “البالة”، أن أسعارها رخيصة، حيث تبدأ بسعر 5 آلاف ليرة وتنتهي بسعر 60 ألف ليرة، حسب نظافة القطعة.

ففي السوق المستعملة، يبلغ سعر فستان مستعمل استعمالاً بسيطاً، 25 ألف ليرة، وسعر طنجرة ضغط ومحرك ماء استطاعة نصف حصان، على صفحات المستعمل بـ 200 ألف، والبراد المستعمل 300 ألف، وغرف نوم مستعملة بمليون ونصف.

اقرأ أيضاً: أسعارها تضاهي الألبسة الجاهزة.. البالة تخرج من حسابات المواطنين لتأمين كسوة الشتاء

وقالت إحدى السيدات، بات سوق المستعمل الإلكتروني ملاذاً للكثيرين من الفقراء، على اعتباره لا يتطلب جهداً في البحث ويؤمن خيارات عديدة، والأهم من كل ذلك أنه أرخص بكثير.

وتقول سيدة أخرى، إنها تمضي وقتها في تصوير ثياب ابنتها وتحميل صورهم على صفحة متخصصة، قائلة، أقوم ببيع ثياب بنتي ذات المقاس الصغير لأشتري لها مقاساً أكبر تلبسه حالياً، على أمل ان يُعلق لها أحد رواد الصفحة ويشتري منها.

وأشارت إلى أن أسعارها رخيصة جداً بالمقارنة مع الجديد، حيث تبدأ من 15 ألف ليرة للكنزة الرقيقة وتنتهي بـ 25 ألفاً للبيجامة السميكة، مضيفة، أنا بحاجة إلى شراء ملابس على مقاس ابنتي ولا أستطيع شراء قطع جديدة لها فأسعار الملابس الجديدة غالية جداً.

كما تمتلئ صفحات المواد المستعملة، بعشرات المنشورات، منها “لو سمحتوا أنا عروس وما عندي قدرة أشتري شي جديد بالسوق، الأسعار غالية وما في شي رحماني”، “مرحبا صبايا عندي هالجاكيت جديد اشتريتو ولبستوا بس صغر علي بدي بيعو”.

ولا يقتصر الأمر على بيع الثياب المستعملة بل يمكن أن تجد أي شي يخطر في بالك معروضاً للبيع على تلك الصفحات، مثلاً “فرامة لحمة للبيع استعمال خفيف، للبيع تخت مجوز وغسالة حوضين، جهاز راوتر وفرن ماركة المصري استعمال بسيط”.

وفي حال لم تجد طلبك، فالأمر جداً سهل، ما عليك إلا أن تضع صورة المنتج الذي تريده بالسعر الذي تستطيع أن تدفعه وتحمله على صفحات الفيسبوك المخصصة لبيع المستعمل، لترى العديد من المنتجات في التعليقات على البوست الذي قمت بنشره، مثلاً، “مطلوب بوط شبابي أجنبي نمرة 45، وجاكيت أبيض يكون حلو وسعره لحد 50 ألفاً.. مطلوب طنجرة ضغط وعصارة ليمون”.

وحول ذلك، قال أمين سر جمعية حماية المستهلك “عبد الرزاق حبزة” أصبح هنالك ارتفاع غير مسبوق في أسعار الجديد سواء كان ملابس أم أجهزة، يفوق القدرة الشرائية للمواطنين، لذا لجأ أغلب الناس إلى بيع ممتلكاتهم على صفحات الإنترنت، منهم من يعرض ممتلكاته بسعر عالٍ على اعتبارها قطعة أشبه بالجديدة غير مستعملة سوى مرات قليلة فيكون سعرها أقل من الجديدة المباعة بالأسواق بشيء بسيط، ومنهم من يبيعها بسعر أرخص من الأسواق وهذه مطلوبة للغاية بالنسبة للمواطن.

ورأى “حبزة” خلال حديثه لصحيفة “تشرين” الرسمية، أن موضوع شراء المواد المستعملة على صفحات الإنترنت انتشر كثيراً في الآونة الأخيرة بسبب ازدياد الوضع المعيشي الضاغط وارتفاع الأسعار، وهنالك إقبال كثير من قبل المواطنين عليها، وأكثر من 40% من المواطنين لجأوا إليها.

وحذر الخبير الاقتصادي، من عدة مخاطر يمكن أن يقع فيها الشاري، منها الغش أو أن تكون هناك عيوب غير مرئية لا يمكن كشفها بالعين، فهناك من يقوم ببيع أجهزة غير صالحة للاستخدام أو من غير الممكن إصلاحها بأسعار رخيصة من أجل تصريف ما لديه من ممتلكات، وهنا يقع المواطن فريسة الغش.

وأشار إلى أن هناك أنواعاً للتسوق عبر الإنترنت، فإما السلع الجديدة أو المستعملة أو المعاد تجديدها، من خلال تغيير بطاقة المنشأ أو الماركة أو مكان الصناعة، فهناك العديد من الصناعات المحلية فيتم تغيير ماركتها وبيعها على أنها أجنبية، كما يتم بيع البالة على أنها ثياب أجنبية، مضيفاً، الأمر جداً سهل عبارة عن لصاقة توضع على القطعة.

في المقابل، أشار “حبزة”، إلى إيجابيات هذا التسوق، قائلاً، يمكن أن يحصل المواطن على حاجته بطريقة أسهل وأيسر وبخيارات عديدة يمكن أن يختار منها ما يناسبه.

وأكد الخبير الاقتصادي، ضرورة أن يعرف الشاري مصدر السلعة التي اشتراها، هل هو مصدر معروف أم لا، خاصة أنه قد انتشر في الفترة الماضية موضوع السرقة والحصول على المواد بطريقة الغش والتلاعب، حيث يجب أن يكون المصدر موثوقاً من صاحب السلعة مباشرة.

وأمام هذا الواقع، نأمل أن يكون الله في عون الجميع، على تجاوز هذه الأيام الثقال، والمطلوب منا جميعا أن نكون عونا لبعض قدر المستطاع، ومن لديه القدرة وعنده أحذية او أدوات ليس بحاجتها، أن يساعد فيها من يعرف من الفقراء ممّن لا يجدون حتى كسرة خبز يقتاتون عليها.

كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى