مجتمعخدميمحلي

الزراعات الاستوائية تنتشر في الساحل السوري.. ما تأثيرها وكيف يراها أهل الاختصاص؟

الزراعات الاستوائية تنتشر في الساحل السوري.. ما تأثيرها وكيف يراها أهل الاختصاص؟

 

عاش “أبو محمد” طوال حياته لصيقاً ببستانه الذي يصفه قطعة من الجنة على الأرض، والذي عاصر أشجاره بكل مراحلها فكل واحدة منها تمثل ابناً له من أبنائه، لكن الظروف الصعبة وارتفاع تكاليف الانتاج مقارنة مع تدني المردود الإنتاج، أجبرته إلى الاتجاه للزراعات الاستوائية الجديدة، والتي بدأت تغزو منطقتي الساحل الجميل – طرطوس واللاذقية، ومنها الموز والمانجو بأصنافه والقشطة والعديد من النباتات.

ويمثل “أبو محمد” شريحة من مئات المزارعين الذين اتجهوا لهذا النوع من الزراعات الاستوائية، لكن لأهل الشأن وجهتي نظر، منهم من شجّع هذه الزراعات التي تتميز بنكهتها وتحقق مردوداً اقتصادياً جيداً، ومنهم من شكك بنجاح هذه الزراعات على حساب الزراعات التقليدية كالحمضيات والزيتون.

عوامل عدة

يقول المهندس الزراعي “رفعت عطالله”، المشرف على مزارع استوائية في مديرية زراعة طرطوس لـ كليك نيوز، أن عدة أسباب تقف وراء اتجاه المزارعين لهكذا نوع من الزراعات، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج للزراعات المحمية (البيوت البلاستيكية) وخاصة الخضروات والأكثر كلفة البندورة، وبسبب انخفاض سعر الانتاج مقارنة بالتكاليف، حيث اتجه الكثير من المزارعين للزراعات الجديدة ومنها الاستوائية التي أثبتت نجاحاً كبيراً منها الموز والمانجو.

ريعية إنتاجية جيدة

وأضاف “عطالله” أن هذا النوع من الزراعة حقق نجاحاً كبيراً لأسباب عدة منها، البيئة المناسبة من حيث التربة المناسبة، والحرارة وتوفر مصدر الري، إضافة لتوفر فنيين زراعيين لديهم الخبرة في إدارة هذه الزراعة، وبيّن أنه من الناحية الاقتصادية حققت هذه الزراعات ريعية جيدة مقارنة مع الخضراوات، حيث تتحمل أمراض التربة أكثر من الخضار وتحتاج إلى ساعات عمل أقل، وهذا ما يوفر أيدي عاملة، إضافة للأسعار التي تتناسب مع التكاليف.

غياب الدراسات عن الجهات الرسمية

يؤكد “عطالله” أنه رغم عدم وجود دراسات أو تجارب من قبل الجهات الرسمية مثل وزارة الزراعة أو مركز البحوث العلمية الزراعية، إلا أن بعض المزارعين نجحوا في هذه الزراعات، ولاقت رواجاً وانتشاراً.

دراغون
دراغون
موز من منطقة بانياس
موز من منطقة بانياس
افوكادو
افوكادو

مؤكداً أن نجاح هذه الزراعة وتوفر انتاجها يحقق سلة غذائية متكاملة بمعنى تغنى عن استيرادها، كما أنه يمكن أن نصدر الفائض عن السوق المحلية منها للأسواق الخارجية مما يحقق ريعية اقتصادية وطنية تنعكس ايجاباً على الاقتصاد ككل.

لا خوف من انتشارها

يتحدث المهندس الزراعي “عطالله” بلغة العارف والواثق في رده على المشككين من انتشار هذه الزراعة أو فشلها قائلاً، أؤكد أنه لا خوف من انتشار هذه الزراعة لعوامل كثيرة أهمها، توفر البيئة المناسبة في الساحل السوري وكونها تزرع محمية ولا تؤثر على التربة كما يقول البعض، كذلك استيعاب السوق المحلية للإنتاج، ناهيك عن الطعم المميز والنكهة والمواصفات التي تنافس المستورد، كذلك يمتاز الساحل بالتنوع حيث يمكن تقسيمه إلى مستويات بيئية حسب الارتفاع وما ترافقه من دراجات حرارة ورطوبة.

نباتات منزلية

ولفت المهندس الزراعي “عطالله” إلى انتشار أنواع مدخلة حديثاً وبمساحات منزلية محدودة منها نبات الليتشة، بيكادونيا، شوكولا، سبوتا، إضافة أن زراعة الموز والمانجو التي تشكل 17 % من الزراعة المحمية، وهي جزء هام لتحقيق الأمن الغذائي.

وتالياً ريعية اقتصادية مرضية للمنتج، مؤكداً على أهمية تشجيع هذا النوع من الزراعات لسد حاجة السوق المحلية ولإيجاد فرص عمل ومصدر دخل مناسب للمنتجين، مشيراً إلى انتشار العديد من هذه الأصناف منها، المانجو مثل صنف الصديق مصدره من مصر ثمرة كبيرة بحجم يصل حتى 2 كغ، وكذلك صنف كنت وهو صنف عالمي مبكر بالنضج متوسط الحجم، إضافة إلى العديد من الأنواع والأصناف الأخرى.

وجهة نظر رسمية

في المقابل هناك وجهة نظر ترفض هذا النوع من الزراعات اذ يؤكد المهندس الزراعي “ياسر محمد” مدير الوقاية في زراعة اللاذقية لـ كليك نيوز، أنهم لا يشجعوا أو حتى مع الترويج لهذا النوع من الزراعات على حساب الزراعات المحلية والتي يتجاوز عمرها عشرات السنوات لعدة أسباب، أولها، أنها ممكن أن تنقل أمراضاً للأنواع الرئيسية مثل الزيتون والحمضيات وغيرها.

اقرأ أيضاً: أزمة المياه تعود مجدداً مع زيادة التقنين الكهربائي

وثانيا، أنها مزروعات غير مجربة بمعنى لم تخضع لفحوصات من قبل مراكز البحوث الزراعية العلمية، ناهيك عن أنها ممكن أن تعيش لفترة قصيرة وقد تسبب على المدى الطويل بحدوث خسائر لكون انتاجها قليل جداً، واستشهد بزراعة الزيتون القزمي، الأربيكانا، والأنواع الأخرى القزمية التي لم تخضع لفحوصات من قبل المراكز العلمية من ناحية وثوقيتها ومقاومتها للجفاف، أو في حال حدوث صقيع الأمر الذي يعرض المزارع لمخاطر كبيرة وخسائر فادحة.

وبين المهندس “محمد” أن للمزارع مبرراته لأنه يحتاج إلى مردود اقتصادي سريع، بينما كجهات مختصة نفكر على المدى الاستراتيجي، لذلك نحن لسنا مع هذه الزراعات، أو تلك الأصناف علماً أنها ممنوع زراعتها من قبل الزراعة.

بادية الونوس – كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى