مجتمعخدميمحلي

مدخولها يصل حتى 1000 دولار شهرياً.. “تطبيقات التشات” تغزو حياة الشباب في سورية

مدخولها يصل حتى 1000 دولار شهرياً.. “تطبيقات التشات” تغزو حياة الشباب في سورية

 

يواصل التطور التقني في العالم، غزوه عقول الشباب، عبر طرح المزيد من التحديثات اليومية، التي باتت تشكل “هوساً” لدى الكثيرين، الذين يلحقون ركبها لحظة بلحظة، دون التفكير بما تخلفه من دمار لصحتهم النفسية أو حتى الجسدية.

وبينما أحدثت تطبيقات التواصل الاجتماعي المشهورة، مثل “فيسبوك” و”تويتر”، ثورة جعلت ملايين المستخدمين يدمنون عليها، غير أنها اليوم “وعلى ما يبدو” صارت من الماضي، لدى الكثيرين، لا سيما من الشباب الذين هجروها بشكل نهائي نحو تطبيقات أحدث، تشمل التواصل بالنصوص والمحادثة، وتبادل الصور ومقاطع الفيديو.

وفي هذا السياق، انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة “تجارة التشات” عبر تطبيقات الدردشة والبث المباشر مثل “بيغو لايف- ميكو لايف- party star- لايكي- الآيمو.. وغيرها”، والتي أثارت جدلاً واسعاً حول طبيعة العمل الذي قد يخفي وجهاً غير أخلاقي أبداً، لا سيما أنها عمل لا يتطلب أي موهبة أو خبرة!

وتعتبر هذه التطبيقات، منصات بث حواري مباشر متواصل، تمكن المستخدمين من مشاركة لحظاتهم الحيّة مع المتابعين الذين بإمكانهم دعم المستخدمين المفضلين “بهدايا” داخل التطبيق عبر ميزات الذكاء الاصطناعي، محققةً أرباحاً كبيرة أسبوعياً وشهرياً للمستخدمين ووكلائهم.

ويتطلب امتهان العمل في هذه التطبيقات وجود وكيل يرسل له المستخدم الراغب بالعمل كصانع أو صانعة محتوى، طلباً يتضمن بياناته الشخصية، وبعد موافقة الوكيل يحدد له ساعات العمل “ساعات بث يومية” يعتمد خلالها على جمع نقاط الربح “Target” التي يتم منحها منذ لحظة دخول التطبيق وتتجمع مع الوقت لتتحول إلى هدايا، حيث تتحول كل 150 نقطة إلى هدية، وكل 500 تتحوّل لرموز بعدّة مسميات مثل “ماسة و”دراغون”، وكل رمز يصرف مالياً وفق ثمنه.

كما تشمل تلك التطبيقات، على تحديات وهدايا مدفوعة، يشحنها المتابعون لحسابات المستخدمين بعدة رموز لكل منها سعره، وتكون مهمة الوكيل، تحويل النقاط إلى أموال مقابل عمولة 20بالمئة، ويتم إرسال الأموال عبر شركات الحوالات المحلية حيث تتراوح معظم الأرباح بين 200$ و1000$ شهرياً.

اقرأ أيضاً: بعد الضجّة التي أثارها.. محافظة دمشق توقف هدم مول “BIG5” وتوضّح ملابسات القضية

ورأت الأستاذة في قسم علم الاجتماع بجامعة دمشق الدكتورة “ولاء يوسف”، لصحيفة “الوطن” المحلية، أن تأثير هذه التطبيقات في قيم وتقاليد المجتمعات خطير، وخاصة أنها تقوم على التلاعب العاطفي بعقول البشر عبر استخدام تقنيات الإيحاء ورسم صور ذهنية وهمية وربطها بواقع افتراضي عبر تطبيق ذكي، الأمر الذي قد يؤثر سلباً في المجتمع ويؤدي إلى انهيار العلاقات الاجتماعية وضعف التماسك والقيم الأخلاقية وتدمير ثقافة وهوية الأفراد.

وتمنت “يوسف”، أن تقوم جميع الجهات المعنية بفرض رقابة صارمة تضبط عمل هذه التطبيقات والمنصات محلياً، مشيرةً إلى أنه تم حظر هذه التطبيقات في العديد من البلدان العربية، مؤكدة أهمية الاستخدام الرشيد والأمثل لكل تطبيقات العالم الافتراضي والمحافظة على القيم الإيجابية.

من جهتها، رأت الاختصاصية النفسية “روان قطيفاني”، أن اتجاه الشباب كفئة خاصة نحو هذه التطبيقات هروب إلى عالم افتراضي يختلف عن واقعهم، إضافة للدافع المادي بشكل أساسي لأنها تحقق الكسب السريع الذي لا توفره الوظائف العادية.

وأشارت “قطيفاني”، للصحيفة نفسها، إلى تعدد الدوافع النفسية والاجتماعية ومنها الحصول على التقدير الذاتي والإشباع العاطفي المفقود ربما في الأسرة في ظل انشغال الأبوين الدائم أو لأخطاء في التربية والتنشئة التي تتمثل في قمع الرأي وعدم الإصغاء، أو لغياب مفهوم القدوة لدى الشاب أو المراهق، وبالتالي تحول اليوتيوبر والمشاهير إلى قدوة له في تحقيق أهدافه وغيرها من أساليب خاطئة تجعل المراهق يبحث عن القبول الاجتماعي لدى فئات المجتمع عبر تقليدهم.

وأكدت “قطيفاني”، انعكاس استخدام هذه التطبيقات على الفرد نفسياً وجسدياً واجتماعياً، كتقليد المشاهير والانغماس في الألعاب الخطيرة وتنفيذ أوامر اللاعبين في ألعاب الرعب كأحد الظواهر المنتشرة حالياً أيضاً، عدا المشاكل الدراسية وضعف التحصيل العلمي نتيجة عدم التركيز وشرود الذهن إضافة إلى الشعور بعدم الرضا والإحباط والاكتئاب.

ولفتت إلى استخدام بعض الشباب والفتيات بشكل خاص لهذه التطبيقات كنوع من الدعارة الإلكترونية بصورة جديدة من صور الدعارة الحقيقة المعروفة منذ زمن طويل، وذلك عبر ظهور بعض الفتيات عاريات أحياناً أثناء البث المباشر أو دعوة شاب لممارسة العلاقة الجنسية عبر الكاميرا أو الكتابة عبر مواقع الانترنت.

ولم تستبعد “قطيفاني”، إمكانية تحولهن من الدعارة الإلكترونية إلى الواقع بشكل فعلي لأسباب تتعلق بالدافع المادي وغياب التربية السليمة والرقابة، ما قد يشكل خطراً رهيباً على المجتمع والجيل بأكمله ما لم يتم التصدي له من جميع الجوانب قانونياً ونفسياً واجتماعياً، مؤكدةً دور الأسرة في الانتباه لسلوك أبنائهم على مواقع الإنترنت كافة وعلى محيطهم الاجتماعي من الأصدقاء خاصة.

بدوره، أكد المحامي “رامي الخيّر”، أن عمل وكلاء التطبيقات غير المرخص لها، يعتبر دخولاً غير مشروع للشبكة السورية وتتراوح العقوبة بين الغرامة والحبس أو الاثنين معاً.

وأوضح أنه إذا كان القصد من العمل عبر التطبيقات غير المرخصة هو صناعة محتوى علمي أو ثقافي أو اجتماعي فلا مسؤولية جزائية ولا عقوبة على مستخدميها من حيث المبدأ، إنما تترتب المسؤولية عليهم فقط من ناحية العمل عبر تطبيق غير مرخص.

أما ما يخص الأعمال المخلة بالآداب، فهي تستوجب عقوبة جزائية رادعة تتحقق من خلال ارتكاب عدة جرائم عبر هذه التطبيقات، موضحاً أن الأفعال المنافية للأخلاق والآداب كالتعري مثلاً ينطبق عليها جرم التعرض للأخلاق العامة التي تصل عقوبتها حتى ثلاث سنوات حبس.

وفي حال حصول عملية احتيال عبر هذه التطبيقات، فقد شدد المشرع عقوبة الاحتيال المرتكب عبر الإنترنت ليتحول من جنحة إلى جناية وتصل العقوبة إلى خمس سنوات حبس إضافة إلى الغرامات المالية.

يذكر أن كافة الجهات المعنية بالتكنولوجيا والاتصالات في سورية، تؤكد عدم وجود أي ترخيص لتطبيقات التجارة الإلكترونية حتى الآن، مشيرين إلى أن استخدام التطبيقات غير المرخص لها هو مخالفة قانونية، وهناك عقوبات شديدة لما ينتج عن أخطاء أثناء الاستخدام.

هذا ولاقت تطبيقات البث المباشر، رواجاً واسعاً في البلدان العربية، ومنها سورية، مؤخراً، ولاسيما في ظل الأزمات الاقتصادية والحروب وتطور ميزات الذكاء الاصطناعي الذي يطرح هذه التطبيقات بكثرة أمام مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لاستخدامها كجزء من الحياة اليومية، حيث يستخدمها أفراد للتسلية والترفيه أو للتجارة وتحقيق الربح، وآخرون للنصب والاحتيال أيضاً.

كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى