مجتمعمحلي

قاضي شرعي: وسائل التواصل تسببت بحدوث الكثير من حالات الطلاق

قاضي شرعي: وسائل التواصل تسببت بحدوث الكثير من حالات الطلاق

 

تشغل مواقع التواصل الاجتماعي في أيامنا هذه، الحيز الأكبر من حياتنا الاجتماعية، ورغم ميزتها التي ساعدت الناس على البقاء في تواصل مستمر مع بعضهم البعض رغم بعد المسافات، إلا أنها تخفي وراءها كتلة من الآثار السلبية.

خاصّة على صعيد العلاقات الزوجية، والتي سلبتها “السوشال ميديا” الكثير من خصوصيتها، وغيّرت الكثير من معالمها، حتى جعلت الزوجين يجتمعان وكلّ منهم غارق في هاتفه، الذي سرق كلاّ منهم لعالمه الخاص.

تروي السيدة “علا، م”، والبالغة من العمر ٣٦ عاماً، تجربتها في هذا الأمر، والذي كان سببا للإنهاء علاقتها الزوجية، حيث تعد هذه الحالة، واحدة من آلاف حالات الطلاق التي سببتها “السوشال ميديا”.

تقول “علا”، وهي أم لطفلين أن “الفيس بوك” تسبب في طلاقها، بعد أن علمت بتواصل زوجها مع إحدى الفتيات عبر التطبيق، الأمر الذي أدى إلى خلافات زوجية كثيرة تفاقمت حتى وصلت إلى الانفصال، مؤكدة أنها أعطت زوجها ثلاث فرص لإنهاء علاقته بتلك الفتاة لكن من دون جدوى.

وسائل التواصل

في السياق، أكد قاضي المحكمة الشرعية الثالثة بدمشق “خالد جندية”، في حديثه لصحيفة “تشرين” الرسمية أن “وسائل التواصل تعد عاملاً من عوامل حدوث الطلاق لكنه ليس سبباً رئيسياً”، مشيراً إلى عدم وجود إحصائية عن حالات الطلاق الحاصلة بسبب “الميديا”.

ونوه جندية، إلى أن “بعض الأشخاص وقعوا ضحية المقارنة للحياة المترفة والسعيدة التي لا تشوبها شائبة، التي تعرض بشكل مستمر على وسائل التواصل الاجتماعي مع واقعهم الأليم، ما قد يؤدي إلى سخطهم على حياتهم وقد يصل أحياناً إلى لوم الشريك من زوج أو زوجة، ويكون أحد أسباب المشكلات التي قد تسبب في بعض الأحيان الطلاق، وفي أحيان أخرى يمكن أن تساهم مواقع التواصل الاجتماعي بانشغال أحد الزوجين عن الآخر لساعات طويلة، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف التواصل بين الزوجين وتالياً إلى خلافات زوجية ثم طلاق”.

من جهتها، أشارت الباحثة في علم الاجتماع “أسمهان زهيرة”، إلى “أن حالات الطلاق بسبب مواقع التواصل الاجتماعي تكثر بسبب عدم وضوح أحد الزوجين بشأن من يتحدثان معهم بانتظام عبر الإنترنت حتى لو لم تكن المحادثات تنطوي على خيانة زوجية.

وأيضاً استخدامها لإعادة الاتصال مع الحب القديم، حيث لا يقتصر على الاتصال الإلكتروني، وإنما يمتد إلى المكالمات الهاتفية، واللقاء سراً أحياناً.

بالإضافة إلى مشاركة الكثير من التفاصيل الشخصية، وخاصة العلاقة بالزوج بشكل غير مقبول، ما يزرع شعوراً بانعدام الثقة بين الشركاء ويدفع إلى الطلاق”.

وأكدت “زهيرة”، أن “تزايد استخدام الإنترنت خلق مشكلات اجتماعية داخل الأسرة التي تمثل البنية الأساسية للمجتمع، وبزيادة المشكلات بين الزوجين تزداد حالات الطلاق بسبب تعكير الجو الأسري من خلال إثارة الغيرة أو الشك أو الخيانة أو إنهاك كاهل رب الأسرة من مصروفها وإهمال الأسرة وشؤونها من قبل الطرفين أو أحدهما.”

وتحدّثت “زهيرة”، عن “تأثير الطلاق على الأطفال طويل الأمد من حيث تعرضهم لمشكلات سلوكية، كالغضب المتزايد، والأفكار الانتحارية، وضعف المهارات الاجتماعية، كما يؤثر على الأداء المدرسي للطفل والسلوك العدواني مع أقرانه، وارتكاب جرم السرقة”.

وفي كثير من “الأحيان يتسرب الأطفال المراهقون من المدرسة، ويتعاطون المخدرات، وقد يترافق ذلك مع ارتفاع معدلات الاكتئاب نتيجة للاضطراب العاطفي والقلق، إضافة إلى تدني احترام الذات لديهم والشعور الشديد بعدم الأمان، والألم الشديد.”

وأشارت إلى أن “للطلاق تأثير نفسي يقع على المرأة والرجل معاً، فبعد الطلاق يترتب على الرجل أعباء مادية، ومبالغ يجب أن يدفعها، ما يؤدي إلى سلوك طرق غير شرعية ليؤمنه، وكذلك المرأة ما تعانيه من ألم الطلاق ونظرة المجتمع لها يؤدي إلى سلك طرق غير صحيحة لتأمين رزقها”.

وسائل التواصل

ولفتت “زهيرة” إلى أنه و”للتخفيف من هذه الظاهرة، يجب تفعيل دور المؤسسات التربوية ابتداء من المدرسة، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم الأسرة وتنميتها، كما يجب استحداث مراكز اجتماعية خاصة بتقديم خدمات إرشادية وتوجيهية للمقبلين على الزواج، وتفعيل دور الباحثين الاجتماعيين والمحامين والقضاة نحو الإصلاح والمحاولة في إنقاذ الأسر من الانهيار، والتفكك الاجتماعي”.

يذكر أنه لا شك أن “السوشال ميديا”، بمختلف أنواعها تتيح لنا التواصل بالعالم الخارجي والاطلاع على الأخبار بسهولة، ولكن هذا العالم هو سلاح ذو حدين، ويجب أن نعلم كيفية استخدامه بالشكل المناسب حتى نخفف من آثاره على مختلف جوانب حياتنا.

كليك نيوز

اقرأ أيضاً: صرخة في سبيل التغيير.. صحفيون وكتّاب يستعرضون واقع العمل في سورية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى