مقالات

فليشاركنا العرب استكمال نصرنا 

فليشاركنا العرب استكمال نصرنا 

 

رغم كل الألم الذي يعتصر قلوبنا على ما أصاب بلدنا من دمار وتخريب وما أصاب شعبنا من ويلات على مدى سنوات الحرب الطويلة بمشاركة بعض الدول العربية وصمت بعضها الآخر، نستطيع اليوم نحن السوريون أن نقول للعرب الذين عادوا إلى دمشق.. العودة عن الخطأ فضيلة.

نستطيع أن نقول للعرب، إننا في سورية نتطلع للمستقبل ولا نعيش في مآسي الماضي وإن كنا ما نزال نعاني من آلامها، فالأمل معقود أن نصحح المسار وأن نرسم المستقبل معاً بصدق القول والعمل وأن نرمم ونضمد الجراح التي غارت في الجسد السوري كتعويض عن دماء الشهداء وأوجاع المكلومين بأعزاءهم والمصابين بأحبتهم.

لا يستطيع أحد من العرب أن ينكر أن الجامعة العربية كمؤسسة تورطت فيما تعرض له الشعب السوري من ويلات.. مرةً عبر قراراتها التي خُطفت في ليالٍ مظلمة، ومرة في كونها مطيّة للدول الغربية لاستهداف سورية، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن بعض الدول العربية تورطت في دعم الإرهابيين الذين فتكوا بأجساد السوريين ومنازلهم وبناهم التحتية وشاركت في تقويض قدرات الدولة السورية.

اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تناشد.. السوريون يتألمون

لكن سورية أعلنت أنها ورغم جراحها مستعدة لتجاوز أخطاء الماضي وسلبيات المرحلة السابقة، وهي جاهزة للعمل الجاد مع أشقائها العرب لمواجهة مشاكل الحاضر وتحديات المستقبل بالإرادة الصادقة والتصميم المشترك.

فالسوريين المعروفين عبر التاريخ بقدرتهم العجيبة على التعالي على الجراح، قادرون اليوم على الصفح، وجاهزون كرمى لبلدهم ولدماء شهدائهم ولمستقبل أطفالهم، جاهزون لمد أيديهم لاستقبال أشقائهم إن أحسنوا النية وإن صدقوا القول والفعل.

السوريون اليوم يتطلعون لأشقائهم العرب لمساعدتهم في استكمال نصرهم على الإرهاب، يتطلعون للدول العربية لكسر الحصار الجائر المفروض عليهم من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية، وهذا أقل شيء يمكن أن يفعله العرب ويستحقه السوريون بجدارة كتعويض عما عانوه في عشريتهم السوداء.

فالكل يعلم أنه لو انتصر الإرهابيون في سورية لكان تنظيم داعش الإرهابي يحكم اليوم نصف الدول العربية بعد أن يكون قد دمر مكتسبات شعوبها وتاريخها الحضاري كما حاول في سورية والعراق.

المواقف التي اتخذتها معظم الدول العربية تجاه سورية في أعقاب كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب شمال غرب البلاد في السادس من شباط الماضي, وجسور الإغاثة التي مدتها الدول العربية وشعوبها إلى أشقائهم السوريين، هي مواقف مشرفة، تشكل نقطة مضيئة في التعاضد العربي، وتثبت أن العرب وإن كبت جيادهم، قادرون على النهوض من جديد واستعادة زمام المبادرة.

بعد القمة العربية الثانية والثلاثين التي عقدت في مدينة جدة السعودية بمشاركة سورية، استبشر السوريون أن تكون فاتحة التعافي على المستويات الاقتصادية والمعيشية التي أثقلت كاهلهم، فالعرب يملكون مفاتيح كسر الحصار الأمريكي الغربي وضخ الوقود وحوامل الطاقة التي تشكل عماد الإنتاج.

فالدول العربية التي تضررت هي الأخرى من الحرب في سورية سواء في مجال استضافة اللاجئين أم في مجال نشوء ظاهرة تهريب المخدرات وغيرها من التداعيات الناجمة عن الحرب، تعلم جيداً أن تخلصها من هذه المشاكل يكمن باستعادة سورية عافيتها.

لكن هذه العافية لن تتحقق مع وجود المحتلين الأمريكي والتركي اللذين يدعمان التنظيمات الإرهابية في إدلب والميليشيات الانفصالية في الجزيرة السورية. وسورية لن تستعيد عافيتها بالأمنيات والبيانات، فما أُنفق على دمار الدولة السورية وبناها التحتية يحتاج أضعافاً مضاعفة لترميم الخراب والدمار الذي حصل.

والدول العربية التي أعلنت في بياناتها المتعاقبة ضرورة الانخراط العربي في حل الأزمة السورية وأن يكون الدور العربي ريادي بدلاً من التدخلات الأجنبية، ينبغي أن تدرك أن الحل يبدأ بالتعاون الجدي مع الدولة السورية ودعمها للقضاء على الإرهاب وإنهاء الوجود الاحتلالي الأمريكي والتركي بكافة السبل الممكنة.

عبر هذا المسار، يمكن للعرب أن يشاركوا السوريين استكمال نصرهم على الإرهاب والاحتلال، ويمكن أن تستعيد سورية عافيتها ويتخلص العرب من تبعات الحرب. وعسى أن تكون هذه الخطوة بداية لمسح ما علق بعقول السوريين عن انخراط بعض العرب بمآسٍ عاشوها في عشريتهم السوداء.

عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى