مجتمعخدميمحلي

النساء الأكثر تأثراً.. “التسول العاطفي” اضطراب نفسي يقع عاتق على الأسرة تجاوزه

النساء الأكثر تأثراً.. “التسول العاطفي” اضطراب نفسي يقع عاتق على الأسرة تجاوزه

 

عاشت سورية خلال العقد الماضي من الزمن، ومنذ بداية الأزمة السورية، كل أنواع الأوجاع والمعاناة التي يمكن أن تخطر في بال إنسان، من قتل وفقر وتدمير، ما أرخى بظلاله على عامّة الشعب السوري، ليس فقط من الناحية المادية، وما خلفته من عنف وجرائم، بل حتى من الناحية النفسية والاجتماعية، حيث تركت اضطرابات “لدينا جميعاً على الأغلب” دون أن نشعر بها، وأحد أنواع الاضطرابات التي ظهرت “التسول العاطفي”.

هذا المصطلح قد يبدو “غير مألوف لدينا”، وربما نرفضه، لكن حقيقة وإذا ما دققنا فيه نجد أن الكثير من تصرفاتنا “تحكي عنه”، بشكل غير مباشر وبطريقة لا إرادية، حيث “يلجأ الكثير الأطفال والكبار إلى التصرف بطريقة تجذب اهتمام الأهل والأقارب إليهم والعمل على استعطافهم من خلال تأليف أحداث أو مواقف، أو أقوال حدثت معهم قد تكون غير صحيحة، أو محاولة التقرب من الناس بطريقة قد تكون مزعجة”، وهذا التصرف يُسمى بالتسول العاطفي، وفق ما ذكرت الباحثة الاجتماعية والنفسية الدكتورة “حنان أحمد”.

وبينت الدكتورة “أحمد” لصحيفة “تشرين” الرسمية، أن التسول العاطفي يكون باستجداء الطفل أو الشخص للمشاعر المختلفة، كالتعاطف والحب والاهتمام ممن حوله، لافتة إلى وجود نوعين للتسول العاطفي، الأول يكون إيجابياً، ويمكن أن يُطلق عليه طلب الاهتمام أو لفت الانتباه ومن خلاله يمكن للطفل لفت انتباه والدته للاهتمام به، أو لفت انتباه الأولاد عموماً لذويهم للعناية بهم، وفي الغالب لا يكون هذا النوع سيئاً.

أما النوع الثاني، بحسب الدكتورة “أحمد”، فهو التسول السلبي، ويمثل اضطراباً سلوكياً، وفيه يقوم الشخص بمطاردة الشخص الذي يتسول منه العاطفة، كما يحدث غالباً مع المشاهير الذين يطاردون من أحد المعجبين بطريقة مزعجة، وبهدف فرض الاهتمام، أو باستجداء الحب والمشاعر منه، وذلك من خلال القيام ببعض التصرفات التي تثير العاطفة، كإرسال الهدايا أو الورود، وتظهر علامات الخلل السلوكي في تصرفات هذا النوع بشكل واضح من خلال عدم الثقة في النفس، والتي في الغالب يسعى للحصول عليها ممن حوله، لكن ذلك يسبب نفورهم منه، مما يؤدي إلى اهتزاز ثقته بنفسه.

اقرأ أيضاً: الأمل بشتاء دافئ يتلاشى مع ارتفاع أسعار المازوت في السوق السوداء.. مسؤول يطمئن: الجميع سيحصل على مخصصاته دون أي استثناء

وأضافت الدكتورة “أحمد” لهذا النوع مخاطر كبيرة، إذ قد توقع المضطرب نفسياً سواء كان شاب أو فتاة بيد من يستغله ويدمر حياته، بحجة الحب والعطف الزائف، وغالباً ما تكون الفتيات أكثر عرضة وسهولة للإيقاع بهن، واستغلال ظروفهن الاجتماعية والمتاجرة بهن.

وأشارت إلى أن نسبة من يتأثرون بالاضطراب العاطفي أو الحرمان تصل إلى ما لا يقل عن 10% إلى 17% من السكان معظمهم من الإناث.

وأضافت الدكتورة “أحمد” لا ننسى أن المعاناة من الفراغ العاطفي والشعور بالوحدة وعدم وجود شخص يهتم به ويتابع كل شؤونه من شأنه الى يجعل الفرد يميل إلى الانطوائية، وهذا أمر خطير، يدل على الحزن والخذلان من الآخرين، أو قد يحاول المتسول العاطفي اقتحام حياة الشخص الذي يستجدي منه العاطفة، رغم انطوائيته، ولا يشارك أسرته في أي نشاط أو حتى حديث، كما يعمد إلى الادعاء بأنه ضحية المجتمع.

وتابعت القول، كما يدّعي هذا الشخص أنه يعاني من ضغوطات كثيرة وأنه غير مُقدَّر اجتماعياً ويعاني دائماً من القلق والتوتر، ويسعى إلى طلب المدح للحصول على الأمان النفسي، كما أنه يبالغ في كثير من الأمور، سواء الفرح أو الحزن، ومن أبرز السلوكيات التي تظهر عليه عدم معرفته حدود في الكلام وادعائه بوجود أصدقاء كثر لديه، رغم عدمهم، كما قد يضخم من إمكانياته وإنجازاته مهما كانت بسيطة.

وحول أسباب التسول العاطفي عند الفرد، قالت الدكتورة “أحمد” أبرزها وجود التفكك الأسري، وغياب الجانب العاطفي من الأسرة، وعدم الاهتمام به، أو بتطوير شخصيته، فينتج عن ذلك شخصية ضعيفة، كأن يكون هناك طلاق بين الأبوين وكل منهما يعيش حياته من دون الاكتراث لما يعانيه الأبناء من إهمال وضياع، ومن الأسباب أيضاً الأساليب الخاطئة في التنشئة، والتي غالباً ما يتبعها الأهل ظناً منهم أنها الصحيحة، مثل القسوة في المعاملة، أو التدليل الزائد للطفل، أو الإهانة والتحقير لأتفه الأسباب.

وأشارت الدكتورة “أحمد” إلى أن التسول العاطفي ليس مرضاً، بل اضطراب نفسي، ولا يحتاج سوى بعض الإرشادات السلوكية للشخص المضطرب أو من أسرته والمحيطين به، كأن يقوم بالمشاركة الاجتماعية، والتركيز على اهتمامات ونشاطات متعددة أخرى وعدم ربط الاهتمام بشخص بعينه، إضافة إلى الانخراط في الأعمال الخيرية.

وأضافت، هذه الأعمال تمكن الفرد من بث العاطفة لمن حوله بدلاً من استجدائها ومحاولة التفوق والنجاح في الدراسة، أو المجال الذي يشغله، فهذا جدير بلفت انتباه الآخرين إليه، دون أي مجهود منه للفت أنظارهم، والاكتفاء بالأصدقاء المقربين فقط للتحدث معهم سواء عن المشاكل، أو الإنجازات.

ونصحت الدكتورة “أحمد”، الأهل بالعمل على مساعدة الشخص المضطرب عاطفياً في اكتساب الثقة بالنفس وتشجيعه باستمرار، وعدم تركه وانتقاده بشكل لاذع، وتقديم الهدايا والثناء له في حال نجاحه بأي عمل سواء دراسة أو عمل أو أي نشاط استطاع من خلال أن يحرز تفوقاً أو تميزاً، وإدراك أن هذه مشكلة، ولا بد من مساعدته ودعمه نفسياً واجتماعيًا لحلها.

وتتابع “أحمد” أنه في حال وقوع الطلاق بين الزوجين عدم اهمال الأطفال والسعي دائماً لمتابعة كل شؤونهم سواء من الأم أو الأب، حتى لا يكونوا الضحية والإضرار بهم وبالمجتمع عموماً.

ختاماً، وبالتأكيد كلام المختصين هو الأدٌق بهذا المجال، غير أننا ما يجب علينا فعله جميعاً، ورغم كل ما مرّ علينا ويمرّ كل يوم، أن نعطي دائما مساحة لأنفسنا والاهتمام بها وأن نقدّم المحبة والعطف للآخرين قدر استطاعتنا، “فالحب” لأنفسنا وأهلنا وأصدقائنا وأقربائنا وكلّ من حولنا، وحده الذي يعزز ثقتنا بأنفسنا، ويجعلنا نعيش باطمئنان وراحة بال، وهذا الأمر يكون أولاً وآخراً على عاتق الأسرة، التي يجب أن تربي أطفالها على الحب وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.

كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى