مقالات

حرب البيانات وتغيير المفاهيم

حرب البيانات وتغيير المفاهيم

 

مرة جديدة تستعر حرب البيانات بين الأقطاب الدولية، بين القوى الكبرى. ومن بعد تغيير العقائد القتالية للجيوش يجري تعديل المفاهيم والرؤى الأساسية والإستراتيجية، ذلك مع انسداد آفاق الحوار والتفاوض للوصول إلى حلول أو تسويات تبرد الأجواء الدولية.

قمة لمجموعة الدول السبع، قمة تاريخية هي الأخطر لحلف شمال الأطلسي، بيانات حرب تصدر عن عواصم الغرب تؤكد أن حلف الناتو أداة حرب حقيقية، وهي التعبير المباشر عن السياسات الخارجية الأميركية، حيث يقف الغرب الملتحق بأميركا على بعد خطوة من إحداث أكبر تغيير بالمفهوم الاستراتيجي للناتو وفق تصور جديد من شأنه أن يفتح الأبواب لانضمام دول أخرى بعد السويد وفنلندا.

روسيا، التهديد الأكبر، والصين تحد استراتيجي، وإغلاق أبواب الناتو من قبل موسكو مستحيلة، هي مفردات أساسية في بيان قمة الناتو فيما كانت مفردات بيان قمة مجموعة السبع غارقة بالادعاءات السياسية المرفوضة التي طاولت وتطاولت على العديد من الدول في الشرق والغرب عكست النوايا السيئة لكن الحقيقية إزاء الملفات الدولية المتفجرة.

بالمقابل، قمة بحر قزوين تتحدث ببيانات هادئة عن شراكات اقتصادية وسياسية وتنموية ترد ربما بطريقة غير مباشرة على بيانات الاستفزاز والتحشيد التي تسخن الأوضاع وتدفع بها إلى التفجير من تايوان إلى طهران، ومن أوديسا إلى حيفا والناقورة، وإن في محادثات الدوحة غير المباشرة بين واشنطن وطهران الأدلة الكافية التي تعززها الوساطة الأميركية المنحازة للكيان الإسرائيلي في مفاوضات حل النزاع البحري مع لبنان، وهناك في اليمن وليبيا والسودان، وهنا في العراق وسورية حيث الاعتداءات الأميركية – التركية تأخذ مديات خطيرة جداً توازي مخاطر تمدد الناتو وتوسيعه.

الانخراط الأميركي بثقل كبير في تهديد العالم، بالتدخل المباشر، بالعقوبات، وبإخضاع جميع الأطراف لإرادة واشنطن ولمخططاتها في الهيمنة وفرض السيطرة، إذا كانت تعكس طبيعتها العدوانية فإنها تعكس في هذا التوقيت حجم الأزمة وعمق المأزق الذي تعيشه كنتيجة طبيعية لسياساتها الإمبريالية، وقد طال انتظارها.

يقف العالم على حافة هاوية لا مستقر لها، أم يقف على تخوم احتمالات تسويات كبرى؟ هو السؤال المركزي الأهم الذي يتردد صدى طرحه في أربع جهات المخاوف والآمال، رغم أن غياب حالة الحوار والتوافق بمقابل طغيان لغة التهديد بالحرب الطويلة والشاملة ترجح وقوفه على نتوءات الحافة الخطيرة التي لم يسبق له أن وقف عليها حتى عندما كانت الحربان الأولى والثانية المخرج والخيار، فحرب البيانات وتغيير المفاهيم والعقائد العسكرية والاستراتيجية تهيىء لأحداث كبرى لم تقع، وإن وقوعها هو مسألة وقت فقط.

علي نصر الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى