واشنطن تحرك الإرهاب للتخفيف عن “إسرائيل”
واشنطن تحرك الإرهاب للتخفيف عن “إسرائيل”
كان لافتاً أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال زيارته إلى العاصمة العراقية بغداد ارتدى الدرع الواقي من الرصاص وأقام مؤتمره الصحفي في مقر السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء المحصنة عسكرياً، فهو يعلم أنه وبلاده العدو الأساسي للشعب العراقي والعربي الذي يرى في واشنطن شريكاً لكيان الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة التي يشنها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ شهر دون توقف.
الشعوب العربية تدرك جيداً أن معركتها الأساس ليس مع الكيان الإسرائيلي المحتل فقط، بل مع الولايات المتحدة التي تحرك هذا الكيان وتستخدمه قوةً متقدمة لإضعاف الدول العربية وتفكيكها وذرع التفرقة بينها، وتعمل لتوفير الحماية والحصانة لهذا الكيان القاتل من الإدانة والمحاكمة أمام المحاكم الدولية.
ومن هنا كان تحرك قوى المقاومة في سورية والعراق ولبنان واليمن لتوجيه ضربات عسكرية ضد الكيان الإسرائيلي المحتل وضد القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في سورية والعراق والتي أسفرت عن إصابة أكثر من 56 جندياً أمريكياً، حسب اعترافات واشنطن.
لكن اللافت أيضاً أن الوزير بلينكن لم يتأخر في تنفيذ وعيده من بغداد بأن بلاده سوف تتخذ الإجراءات اللازمة في حال استمرت الهجمات والضربات الصاروخية وبالطيران المسير على القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في العراق وسورية، وقامت واشنطن على الفور بتحريك خلايا تنظيم “داعش” الإرهابي لشن هجمات منسقة ضد بعض النقاط العسكرية في بادية الرقة وتدمر وذهب ضحيتها نحو عشرين شهيداً.
اقرأ أيضاً: ويسألون.. أين المحور؟
هي الأدوات الأمريكية وأسلحتها الفتاكة التي تشهرها واشنطن في كل مرة تتعرض قواعدها العسكرية ومصالحها لمخاطر في سورية والعراق، مرة تقود هجمات “داعش” ضد الجيش العربي السوري ومرة تقود تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي الذي غيّر اسمه بمباركة أمريكية إلى “هيئة تحرير الشام” لشن هجمات دامية ضد السوريين بهدف ردعهم عن توجيه أية هجمات ضد القواعد الأمريكية وإشغالهم في مواجهات مع الإرهابيين.
الأسلوب الأمريكي لا يختلف عن أسلوب كيان الاحتلال الذي شن عدة غارات واعتداءات على مواقع سورية مدنية وعسكرية وعلى رأسها مطاري دمشق وحلب الدوليين بعد بدء جيش الاحتلال حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تحت حجج وذرائع مختلقة بهدف إشغال الرأي العام العالمي وحرفه عن جرائمه الوحشية في القطاع.
إن تزامن الاعتداءات الإرهابية التي شنها تنظيم “داعش” في البادية السورية مع الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب السوري بالأمس، هو تعبير واضح عن الشراكة الأمريكية الإسرائيلية في ممارسة الإرهاب من جهة، وفي استخدام التنظيمات الإرهابية للرد على استهداف القواعد العسكرية الأمريكية في سورية والعراق والتي تعرضت لإصابات مباشرة أسفرت عن إلحاق خسائر بشرية ومادية فيها.
لقد أثبتت الحرب الإجرامية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الشراكة بين تل أبيب وواشنطن في ارتكاب حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، فلم تكتف واشنطن بإرسال أساطيلها الحربية إلى المتوسط وترسانتها العسكرية الحديثة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بل عمدت إلى المشاركة في الحرب على غزة بإرسال قوات عسكرية وطيران مسيّر للعمل في أجواء غزة.
لذلك لم يعد أمام الملوك والزعماء العرب الذين يجتمعون في السعودية في قمة استثنائية يوم السبت 11 تشرين الثاني إلا اتخاذ موقف على قدر المسؤولية تجاه أطفال غزة ونسائها، تجاه القضية الفلسطينية ورفع الظلم المستمر على شعب فلسطين منذ عقود.
إذ لم يعد مقبولاً بعد الدماء التي سفكت إصدار بيانات الإدانة وتوصيف الجريمة، لأن المطلوب من القادة العرب مواقف مسؤولة وحازمة قادرة على إلزام الاحتلال الإسرائيلي وداعمته الولايات المتحدة بوقف الجرائم التي ترتكبها ضد الإنسانية ووقف جرائم الإبادة والتهجير ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية.
لقد قالت قوى المقاومة كلمتها وأطلقت نيرانها ضد المصالح والقواعد الأمريكية الموجودة في سورية والعراق وضد الكيان الإسرائيلي الغاصب من جنوب لبنان واليمن، وهي على استعداد لرفع مستوى المواجهة والاستهداف، فهل يستفيد الموقف الرسمي العربي من هذا المناخ السياسي والشعبي المناهض عربياً ودولياً للاحتلال الإسرائيلي لاتخاذ موقف يحسب لهم اليوم؟
أم لن نجد من يردّ قولاً وفعلاً على ذاك المسؤول الإسرائيلي الذي قال.. “علينا عدم الاكتراث لتصريحات ومطالبات الملوك والرؤساء العرب وضغوطهم على واشنطن فهم يفعلون ذلك منذ عشرين عاماً ولا يصغي إليهم أحد”؟
عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع
