مقالات

“قسد” بين أوهام “الانفصال” وتسوّل الحماية 

“قسد” بين أوهام “الانفصال” وتسوّل الحماية 

 

على مدى الأعوام العشرة الماضية ومنذ بداية الحرب الإرهابية على سورية وتشكيل ميليشيا “قسد” مجموعاتها المسلحة بدعم وتسليح أمريكي تحت عنوان محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، تورم وهم القوة وتفاقم حلم الانفصال لدى الميليشيا وقادتها، لدرجة أنهم بدؤوا بمحاربة الجيش السوري في منطقة الجزيرة السورية بطلب من واشنطن لتعزيز سيطرتهم على المنطقة التي تشكل سلة سورية الغذائية والنفطية والغازية.

وعندما أعلنت واشنطن نيتها سحب قواتها المحتلة من الأراضي السورية في عهد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عام 2018 وبدأت فعلاً بالانسحاب من بعض قواعدها العسكرية من شمال حلب والرقة، أرسلت الميليشيا نداءات استغاثة واستنجاد وترجي للقيادة الأمريكية لإبقاء قوات الاحتلال في الجزيرة السورية، وبعثت قيادات “قسد” بعض منتسبيها وأهاليهم للوقوف أمام قوافل قوات الاحتلال الأمريكية المنسحبة لمنعها من الانسحاب الذي رأت فيه “قسد” تخل أمريكي عنها وانهيار حلمها الانفصالي وذوبانه.

ومع بدء العدوان التركي على شمال سورية في عفرين عام 2018 ورأس العين وتل أبيض عام 2019 تحت عناوين مختلفة، سارعت الميليشيا التي رفضت على مدى سنوات الحديث مع الدولة السورية، متكئة على دعم أمريكي عسكري لامحدود، سارعت لطلب النجدة من الدولة السورية والجيش السوري لتأمين الحماية لها من الهجوم والعدوان التركي بعد أن تخلى عن حمايتها الأمريكي.

وعندما وافقت الحكومة السورية على نشر وحدات الجيش في عفرين قبل بدء الغزو التركي عام 2018 تلكأت الميليشيا في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وكانت النتيجة عدم انتشار وحدات الجيش العربي السوري واحتلال الجيش التركي وميليشياته الإرهابية المدينة والمناطق المحيطة وتهجير أهاليها وارتكاب المجازر بحقهم.

تكررت العمليات العسكرية التركية في تل أبيض ورأس العين وأعادت الميليشيا الاستنجاد بالجيش السوري وتحركت قوافل وحدات الجيش وانتشرت في مناطق واسعة من أرياف الرقة والحسكة الشمالية على شكل مفارز ونقاط صغيرة لتأمين الحماية للأهالي وفعلاً استطاعت وحدات من الجيش وقف التمدد والعدوان التركي في مناطق انتشارها.

بالرغم من الشروط والاشتراطات الرخيصة التي حاولت ميليشيا “قسد” فرضها على انتشار وحدات الجيش التي كانت بوصلتها الأساسية مواجهة التوغل التركي وليس فتح جبهة قتال مع ميليشيا “قسد” التي كانت تتراجع دائماً عما يتم الاتفاق عليه بدفع وتحريض أمريكي.

اليوم يتكرر المشهد، عدوان تركي يستهدف نقاط انتشار ميليشيا “قسد” ومقراتها العسكرية في الحسكة والرقة وريف حلب الشمالي، فيرتفع صوت زعيم الميليشيا “مظلوم عبدي” الذي يمنع مناهج التعليم السورية ويمنع بالتعاون مع الأمريكي مؤسسات الدولة السورية من التواجد في الجزيرة السورية ويسرق نفطها وقمحها، يرتفع صوته لدعوة الجيش السوري لمواجهة الجيش التركي، بعد أن فقد الأمل في قدرته على صد العدوان من جهة وكذلك فقدانه الأمل بموقف أمريكي يلجم العدوان التركي.

لكن “عبدي” الذي نسي أن المنطق يقول أن الجيش السوري لن ينضم إلى الميليشيا لقتال الجيش التركي بل من ينضم هو الميليشيا إلى صفوف الجيش السوري، نسي أيضاً أن السوريين دولة وجيشاً لا يقبلون أن تتآمر “قسد” مع المحتل الأمريكي ضدهم وتطلب من الجيش السوري أن يدافع عنها ويدفع الدماء الذكية حماية لها في الوقت الذي تشارك فيه الميليشيا في حصار السوريين وتمنعهم من الحصول على قمحهم ونفطهم من الجزيرة السورية.

موقف الدولة السورية واضح جداً وهي ضد أي عدوان تركي على الأراضي السورية والجيش السوري يواجه الجيش التركي ومرتزقته في مناطق انتشاره، لكن الموقف غير الواضح هو موقف ميليشيا “قسد” وقياداتها التي دعتها الدولة السورية في أكثر من مناسبة للانضمام للجيش السوري ليكون السوريون يداً واحدة ضد المحتل التركي والأمريكي والميليشيا هي التي رفضت.

على ميليشيا “قسد” ومنتسبيها أن يحسموا أمرهم.. هل هم سوريون أم أدوات أمريكية؟

إن كانوا سوريين فعلاً، فلينضموا إلى الجيش السوري وليكون الكتف بالكتف في مواجهة المحتل التركي والأمريكي معاً وفي مواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية، وعليهم أن يتخلوا عن الزئبقية السياسية التي لم ولن تنجيهم من أن يكونوا وقود الحرب التي تلتهمهم بدون رحمة.

منطق التعالي والابتزاز في وقت الرخاء لن ينفع بعد اليوم، وعلى “قسد” أن تعلم أن أحلامها الانفصالية لن يكتب لها النجاح مهما تعلقت بأوهام الدعم الأمريكي، وإن الحماية الأمريكية التي تتعلق بها هي مجرد أوهام، وأن الحماية الحقيقية تنبع من توحد كلمة السوريين ووقوفهم جميعاً في مواجهة قوى العدوان التركية والأمريكية والإرهابية.

عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز

اقرأ أيضاً: الكاتب عبد الباري عطوان يُحلل العدوان التركي الأخير على سورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى