اقتصاد

لتأمين قوتهم اليومي.. المواطنون في سورية يقضون أكثر من 16 ساعة في العمل ولا تكفي

لتأمين قوتهم اليومي.. المواطنون في سورية يقضون أكثر من 16 ساعة في العمل ولا تكفي

 

تزداد الظروف المعيشية قساوة، يوماً بعد يوم، حتى بات المواطنون في سورية، يقضون أيامهم الشاقة والطويلة في أماكن العمل، حتى أن أغلبهم بات يعمل بأكثر من مكان، سعياً منهم لتأمين قوتهم اليومي.

تقول أم لثلاثة أطفال، إن الظروف المعيشية الصعبة فرضت على الجميع العمل بفترتين، مضيفة، بعد عودتها من وظيفتها الصباحية تستلم عملها في محل لبيع النظارات الطبية من الساعة الرابعة عصراً حتى الحادية عشرة ليلاً مقابل 200 ألف ل.س شهرياً.

وأكدت السيدة، أن الظروف المعيشية الصعبة وارتفاع الأسعار دفعها للبحث عن عمل آخر، كونها تسكن بالإيجار ولديها ثلاثة أبناء أكبرهم بعمر 14 عاماً وهم بحاجة إلى مصاريف كثيرة.

فيما تقول سيّدة أخرى، إنها تعود من المشفى الذي تعمل به صباحاً لتعمل ضمن عيادة الطبيب من الساعة الخامسة عصراً وحتى التاسعة والنصف.

وتصف السيدة عملها بالمرهق جداً، مقابل 150 ألف شهرياً، لكنها مضطرة لتعمل بدوام آخر لأن دخلها من المشفى بالكاد يكفيها لمدة أسبوع، على الرغم من أنها غير متزوجة إلا أنها تعيش في منزل لوحدها وبحاجة لشراء الطعام.

وقالت سيدة أخرى، إنها تعمل في محل بياضات بعد عودتها من عملها؛ موضحة أن أولادها في الجامعة وكلهم بحاجة مصروف يومي.

وتقول فتاة أخرى تعمل في محل لبيع المكياجات والعطور مقابل دخل شهري يبلغ 300 ألف ليرة، إنها مضطرة للعمل من الساعة الثانية ظهراً وحتى العاشرة ليلاً نظراً لضيق حالها ولأنها تدفع إيجار منزلها الذي يبلغ 400 ألف.

فيما يتحدث شاب يعمل كمصمم غرافيك، أنه يبقى في مكتب إعلاني لمدة 8 ساعات يومياً وبعدها من منزله يأخذ طلبات تصاميم، وذلك يساعده لتأمين مصروفه الشهري، إضافة إلى أنه ينوي الزواج عما قريب وهذا يتطلب منه العمل لساعات إضافية لتأمين متطلبات العرس والمنزل.

اقرأ أيضاً: أمام أعين المسؤولين.. الأطفال يفترشون شوارع دمشق وأزقتها

كما رأى أحد الشباب والذي يعمل كخبير سوشال ميديا، أن أصحاب الأموال يستثمرون أموالهم في سورية ويفتحون مكاتب ويديرونها من الخارج بسبب رخص اليد العاملة، حيث يوظفون شباب ذو خبرة في العمل ولكن براتب منخفض، معتبراً أن هذا يعد استغلال لظروف المعيشية وحاجة الشباب للعمل الإضافي على حساب صحته النفسية والجسدية.

إلى ذلك، أكد الخبير الاقتصادي “فاخر القربي”، أن المرأة تلجأ للعمل المزدوج بشكل يومي في سبيل مواجهة الظروف الاقتصادية التي حولتها في أغلب الأحيان إلى حاملة المسؤولية الكاملة عن أسرتها في ظل غياب معيل الأسرة.

وكشف الخبير الاقتصادي والدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق “محمد كوسا” لموقع “أثر برس” المحلي، أن هناك نسبة كبيرة من الموظفين من الصنفين رجالاً ونساء تلجأ إلى الوظيفة الإضافية أو العمل الإضافي بعد الدوام الأساسي في سبيل زيادة الدخل.

وقد يصل البعض إلى العمل أكثر من 14 ساعة في اليوم لتأمين احتياجاتهم المادية في ظل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار، معتبرين أن العمل الإضافي هو الخيار الأمثل لزيادة الدخل.

وأضاف “كوسا” إن 14 أو 16 ساعة عمل لا تكفي أي مردود يحصل عليه أي شخص مهما كانت طبيعة العمل في ظل الارتفاع الكبير لكافة السلع والمواد الغذائية، لكن بات من الضروري على كل شخص البحث عن عمل آخر في ظل تضخم الموارد وارتفاع سعر الصرف.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي “علاء الأصفري”، إن التضخم الحاصل في سورية غير مسبوق وبالتالي يحتاج الفرد إلى العمل في عملين أو ثلاثة لسد الحد الأدنى من احتياجاته، لافتاً إلى أن الأسرة السورية تحتاج من 2 – 2.5 مليون شهرياً لسد احتياجاتها في حال كان البيت ملك لصاحبه.

وأكد أن الفوضى في الأسعار واستغلال التجار، في ظل العجز الحكومي عن مراقبة الأسواق بطريقة دقيقة وصارمة، بالإضافة إلى البطالة بسبب فرملة الإنتاج الصناعي والزراعي تؤدي إلى دورات اقتصادية غاية في السوء والركود.

ولفت “الأصفري”، إلى أن أكثر من 90% من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر، وهي كارثة اجتماعية واقتصادية على مجموع الشعب السوري، مشيراً إلى أنه لا عدالة بالرواتب في القطاعين العام والخاص ما يدفع الفرد للعمل صباحاً ومساءً ما يؤثر سلباً على صحته الجسدية.

أما عن تأثير العمل المضاعف على الصحة النفسية والجسدية والاجتماعية، فبينّت رئيسة الشعبة النقابية لنقابة المعلمين والمرشدة النفسية “عفاف الهامس”، أن العمل بأكثر من مهنة يؤثر على إتقان العامل لعمله، وذلك بسبب زيادة الضغط والإرهاق النفسي وخاصة إذا ترافقت بمجهود جسدي، على عكس العامل بمهنة واحدة والمتقن لعمله.

وأوضحت أن الضغط الاجتماعي قد يدفع الشباب للاستعانة بالطبيب النفسي واستخدام الأدوية المهدئة، مشيرة إلى أن الاعتماد على تلك الأدوية سيؤثر على الإنتاج وبالتالي سيؤثر على مختلف نواحي الحياة.

بدورها، بينت المرشدة النفسية “رشا صباغ”، أن رؤية الشباب للأسباب التي تدفعهم للعمل بأكثر من مجال وكيفية تقسيم الوقت هي الفاصل بين تأثيرهم الإيجابي والسلبي، منوهةً إلى أن الإجهاد الجسدي يؤثر سلباً على صحة الشباب، ما يشكل أزمة نفسية وعدم رضا عن الذات بالإضافة إلى القلق والتوتر ومنها ما يؤدي إلى الاكتئاب.

ورأت “صباغ”، أن الاستعانة بالمرشد أو المحلل النفسي أمر وارد فهو يقوم بالاستماع لمشاكل الأشخاص وبالتالي يساعد على إيجاد الحلول وهذا يخفف من التوتر، أما الاستعانة بالطبيب النفسي يكون لتشخيص الحالة وإعطاء الدواء المناسب، ونصحت الشباب بالابتعاد عن ضغط العمل، وممارسة التمارين الرياضية لتأثيرها الإيجابي على الحالة النفسية للفرد.

وأمام الكوارث المعيشية التي نراها كل يوم، أمام راتب لا يكفي لمدة يومين بأحسن أحواله، أصبحت الناس في الشوارع “تحاكي نفسها”، متسائلين إلى متى سيبقى الوضع على حاله، وما سبب التجاهل الحكومي لأحوالهم المعيشية، ورغم أنهم أصبحوا يشتهون لقمة الطعام؟.

كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى