مجتمعخدميمحلي

سوريون يبيعون أثاث منازلهم لتأمين لقمة العيش

سوريون يبيعون أثاث منازلهم لتأمين لقمة العيش

 

مع استمرار سوء الواقع الاقتصادي في البلاد يضطر عدداً لا بأس من السوريين إلى بيع ما لا عازة له من أثاثهم المنزلي في الأسواق، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وطأة الأزمة الاقتصادية وشح الموارد المالية.

مع دخولك الى الفيس بوك تجد اليوم العديد من المجموعات التي امتلأت بمنشورات لبيع الأثاث المنزلي مزيلةً بعبارة من أجل شراء الطعام أريد بيع هذه القطعة، برادات مستعملة وتلفزيونات وملابس صغيرة وأشياء لا استخدام لها بشكل دائم أصبحت تجدها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة الى امتلاء أسواق المستعل بالأثاث المنزلي.

وساءت الأوضاع الاقتصادية في سورية خلال الأشهر الماضية مع استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار قبالة الليرة السورية.

يقول “أبو خالد” وهو تاجر أثاث مستعمل في شارع الثورة وسط دمشق لـ كليك نيوز، يطلق اسم سوق الحرامية على سوق الأثاث المستعمل في شارع الثورة، ولكن الاسم لنا كعاملين في هذا السوق والفعل لغيرنا، بهذه العبارة بدأ “أبو خالد” حديثه معنا، ليكمل يبيع الناس أثاث منزلهم في السوق بغرض شراء الطعام وتأمين مبالغ مالية لتعينهم في حياتهم اليومية، هكذا تكون حجج البائعين من الأهالي.

ويضيف، بشكل يومي أتلقى أكثر من عشرين اتصال هاتفي من مواطنين لأتوجه لمعاينة أثاثهم المستعمل وشرائه من المنازل، وأقوم بشراء ما يمكن بيعه بشكل سريع فأنا أيضاً أريد تأمين مصروف لعائلتي، فلا يمكنني شراء ما يصعب بيعه وتبقى القطعة موجودة في المحل لأسابيع أو أشهر.

اقرأ أيضاً: منها جني الأعشاب وبيع البنزين والقهوة.. الظروف المعيشية تفرض على النساء السوريات مهناً لم يألفوها سابقاً

تحت أشعة الشمس القاسية، يحاول “أبو جعفر” (65 عاماً) تسويق أدوات منزله الكهربائية في السوق ذاته ويقول لـ كليك نيوز، أعاني من مرض الديسك وأقطن في حي القابون بدمشق بمنزل يحتاج لمنزل ليصبح قابل للسكن ولدي ثلاث فتيات فقط، ولكن بعد تفكير طويل في محاولة مني تأمين مصادر مالية لنتمكن من العيش قررت بعد تفكير طويل أن أبيع ما لا نستخدمه من أدواتنا الكهربائية المنزلية كونه ايضاً لا يوجد كهرباء لاستخدمها.

صعوبة تعويض الأثاث

بقدر ما يساهمون في تأمين لقمة الطعام لعوائلهم ومصاريفهم اليومية، إلا أن مشاعر الحزن تخالط مشاعرهم على أثاث منازلهم سواء لديها استخدامها بشكل يومي أو يتم استخدامها بشكل دائم، كونهم لم يحصلوا عليها بسهولة إنما كلفتهم الكثير من المال حين اشتروها، واليوم مع سوء الأوضاع الاقتصادية بات من الصعب تعويض ما يتم بيعه من أثاث المنزل.

تتحدث “سميرة” (40 سنة) لـ كليك نيوز “ينفطر قلبك مع بيع أي قطعة من أثاث المنزل بربع قيمته المالية الحالية، قبل زواجي قمت بفرش منزلي بمبلغ لا يتجاوز خمسة ملايين ليرة سورية، واليوم إذا أردنا شراء الفرش ذاته نحتاج لأكثر من خمسين مليون ليرة سورية، واليوم نبيع ما لا يلزم لتأمين مبالغ مالية تعيننا في تأمين مصروف المنزل”.

وتبدت مشاعر الحزن والحسرة لدى مواطنين باعوا أثاثهم في الأسواق ومواقع التواصل الاجتماعي على سوء الأوضاع الاقتصادية في البلاد، مع استمرار عدم ثبات سعر الصرف والذي ينعكس بشكل يومي على أسعار المواد الغذائية، إضافة الى قلة في فرص العمل.

الأدوات الكهربائية هي الأكثر بيعاً

مع تجوالك في محال الأثاث المستعمل يمكنك ملاحظة أن بيع الأدوات الكهربائية هو الأكثر في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وهذا ما يؤكده “أبو محمد” وهو صاحب محل للأثاث المستعمل في أحد الأحياء الشعبية، هناك اقبال على بيع الأدوات الكهربائية التي لم يعد لها استخدام في المنازل وعلى سبيل المثال لا الحصر، يتحدث “أبو محمد” أن إحدى السيدات قامت ببيع مكنسة كهربائية كونها لا تستخدمها، وآلة عصر البرتقال”.

ومع وجود إقبال على بيع الأدوات المستعملة، هناك اقبال من مواطنين لديهم قدرة على الشراء يستغلون هذه الفرصة لشراء أدوات ذات نوعية جيدة رغم قدمها بأسعار منخفضة بشكل كبير عن أسعار الأدوات المماثلة لها والمتواجدة في محال البيع الجديد.

تأثير سعر الصرف على الأسواق

تشهد سورية ارتفاعاً في سعر صرف الدولار هو الأعلى منذ بدء الحرب على البلاد، حيث خسرت الليرة السورية أكثر من نصف قيمتها خلال الشهرين الماضيين أمام الدولار الذي تجاوز في “السوق السوداء” حاجر الـ 12 ألف ليرة لأول مرة في تاريخه، فيما قام المصرف المركزي السوري بتسعيره بـ 9900 ليرة.

الكاتب والباحث الاقتصادي زياد غصن قال لـ كليك نيوز، إن انخفاض سعر الليرة انعكس بشكل سلبي على الواقع الاقتصادي والمعيشي في البلاد، لافتاً إلى أن جزء أساسي من هذا التأثير مرتبط بالمستوردات السورية كون البلاد تحولت من بلد مُنتج ومُصدر إلى بلد مستورد لكثير من السلع أهمها القمح والمشتقات النفطية وعدد كبير من المواد الأولية الداخلة في العملية الصناعية، خاصة أن العقوبات الغربية التي تفرض على سورية والكثير من العوامل تؤدي إلى الحد من العملية الانتاجية.

وأوضح “غصن” أن انخفاض سعر الليرة يرفع من تكاليف الإنتاج، وفي المقابل ثبات الدخل لشرائح واسعة من السوريين فهذا يسبب عبئاً معيشياً جديداً على المواطن، وخلال السنوات الماضية شهدنا انخفاضاً كبيراً بسعر الليرة أدى إلى تدهور اقتصادي ومعيشي في البلاد وبالتالي زيادة معدلات الفقر وزيادة الأسر غير الآمنة غذائياً.

علي خزنة – كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى