لا ملابس ولا حلويات.. “فقر الحال” يسرق فرحة العيد من السوريين
لا ملابس ولا حلويات.. “فقر الحال” يسرق فرحة العيد من السوريين
أيام قليلة تفصلنا عن عيد الفطر المبارك، وفي الوقت الذي يجب أن يكون في قدوم العيد، مبعثاً للفرح وضحكات الأطفال، غير أن الأعباء التي يحملها سرقت بهجته، حيث الفقر ينهش الأسر السورية، ووسط غلاء فاق حدود الوصف، وقدرة الجميع على شراء أساسيات حياتهم، ففي حلب، كغيرها من باقي المحافظات السورية، تشهد أسواقها إقبالاً ضعيفاً لشراء مستلزمات عيد الفطر، مقارنة بأعوام سابقة.
وبينما كان شراء الملابس طقس أساسي من طقوس الحلبيين، غير أن هذه العادة باتت ضرباً من الأحلام، حيث بات إكساء طفل بشكل كامل يقارب النصف مليون ليرة للملابس ذات النوعية الجيدة.
وأشار متجولون في أسواق حلب، إلى أن أسعار الألبسة المعروضة راهناً في محال الألبسة، ارتفعت نحو 200 إلى 300 بالمئة عن نظيرتها التي بيعت للعيد في رمضان الماضي، وهو ما أجبر الكثير من المتسوقين على العزوف عن الشراء في الوقت الحالي، لعدم قدرتهم على الوفاء بمتطلبات أفراد عائلاتهم وفق الأسعار الجديدة.
اقرأ أيضاً: تقرير: نحو 6 مليون ليرة التكلفة المعيشة الشهرية لأسرة مكونة من 5 أشخاص
وأرجع متسوقون، امتناعهم عن شراء الألبسة إلى ارتفاع ثمنها، وعدم تناسبها إطلاقاً مع مقدرتهم الشرائية نتيجة التضخم الحاصل في الأسعار.
وأضافوا لذلك، نحن أمام خيارين، إما عدم الشراء وحرمان أطفالنا من بهجة العيد بألبسة جديدة، أو التوجه إلى الأسواق الشعبية الرخيصة، والتي شهدت ارتفاعات غير مسبوقة أيضاً بأسعار الألبسة، حيث يكلف شراء قميص وبنطلون وحذاء من تلك الأسواق نحو 125 ألف ليرة، وهو ما لا نقدر على تحمله أيضاً لدى التسوق لجميع أفراد العائلة.
كما بيّن صاحب محل ألبسة في شارع الإكسبرس، لصحيفة “الوطن” المحلية، أن مبيعاته قبل انقضاء النصف الأول من شهر رمضان كانت تعادل في السنوات السابقة ربع مبيعات عيد الفطر.
مضيفاً، أما عملنا الآن فيقتصر على الإجابة عن استفسارات المتسوقين على الأسعار والموديلات فقط، مع عمليات بيع ضئيلة.
من جهته، قال صاحب محل آخر، إنه أرغم على تنزيل الأصناف الجديدة من الألبسة المخصصة للعيد إلى محله في وقت باكر من رمضان بسبب تراجع المبيعات بشكل كبير.
اقرأ أيضاً: الكيلو منها تجاوز 210 آلاف ليرة.. أسعار الحلويات ترتفع بنسبة 300% في السوق السورية
مضيفاً، كنا نعتمد على بيع الأصناف والموديلات القديمة وغير المخصصة للعيد في النصف الأول من الشهر الفضيل، ثم نعرض أزياء العيد في النصف الثاني من الشهر، أو في الأيام الأخيرة منه، وعلى الرغم من ذلك لم تفلح محاولتنا في زيادة نسبة المبيعات.
وأشار إلى أن ارتفاع ثمن الألبسة، سببه زيادة أسعارها من الورش المصنعة لها، ومعظمها يقع في أحياء شرق المدينة التي نال منها الزلزال كثيراً، وأدى إلى خروج ورش كثيرة عن العمل بفعل الأضرار التي لحقت بها أو كونها غير آمنة على حياة العمال، ما تسبب بقلة العرض كثيراً مع زيادة أسعار حوامل الطاقة التي تكلف كثيراً جراء زيادة ساعات التقنين الكهربائي بشكل جائر في الآونة الأخيرة.
أما بالنسبة لحلويات العيد، وبينما اعتادت كثير من الأسر على شرائه جاهزاً، غير أن غلاءها الكبير والذي وصل سعر الكيلو منها لأحد الأصناف ضعف راتب الموظف، هذا الأمر جعلهم يتحولون لصنعها في المنزل، غير أنه وعلى ما يبدو، بات من المستحيل حتى صنعها في المنزل، لأن أسعار مستلزمات صناعة الحلويات المنزلية ارتفعت عن العام الماضي بين 30% إلى 40%، الأمر الذي ساهم بعدول الأسر عن صناعة الحلويات المنزلية.
وبحسب موقع “أثر برس” المحلي، بلغ سعر كيلو الطحين المخلوط الخاص بصناعة الحلويات 6 آلاف ليرة سورية والسكر المطحون 7000 ليرة، وكيلو العجوة الخاصة بصناعة المعمول بدأ من 15 ألف ليرة.
وكيلو السمنة الحيواني بدأ بـ 22 ألفاً ويصل لـ 50 وأكثر، والسمنة النباتي يبدأ سعرها بـ 17 ألف ليرة سورية، كما تراوح سعر كيلو الفستق الحلبي من النوع الثاني بين 100 ألف إلى 150 ألف ليرة سورية.
وهناك نوع أول تراوح بين 200 و225 ألف، حسب النوع والجودة، والكيلو من الجوز المبروش ما بين 35 ألفاً إلى 65 ألف ليرة سورية بحسب نوعه.
وأضاف الموقع، أن تكلفة ما يقارب 3 كيلو من معمول الجوز، تصل إلى 120 ألف ليرة، على حين كلف في العام الماضي نحو 50 ألف ليرة، أما تكلفة صناعة المعمول بالعجوة لنفس الكمية، وصلت في العام الحالي إلى نحو 90 ألف ليرة سورية.
على حين وصلت تكلفة صناعتها في العام الماضي إلى 40 ألف ليرة سورية، وتصل تكلفة صناعة 3 كيلو من معمول الفستق الحلبي لأكثر من 250 ألف ليرة سورية، بينما كانت في العام الماضي نحو 120 ألف ليرة سورية، فيما تصل تكلفة صناعة 3 كيلو من معمول الراحة بالسمن النباتي إلى ما يقارب 60 ألف ليرة سورية.
وأمام هذا الحال الذي بات مرهقاً وشاقاً، قرر الكثير من السوريين الاكتفاء بالمعايدات عبر وسائل التواصل الإجتماعي، حيث تسبب الغلاء وفقر الحال، بفقد “لمة العيلة والأصدقاء”، وأصوات الأطفال التي تصدح فرحاً بالحدائق والأسواق، ويبقى الأمل أن يعيده الله علينا جميعاً بأحسن حال وتعود الفرحة لتغمر قلوب أطفالنا وقلوبنا مجدداً.