متحملة قسوة الحياة وفقدان العائلة.. ما هي حكاية “أم علي” سائقة التكسي في جرمانا؟
بعد أن ضاقت السبل بها إثر وفاة زوجها، وهي في ريعان شبابها والحامل بابنتها الوحيدة، التي تركتها وسافرت إلى الأردن وقطعت الاتصال بها، لم يكن أمام “أم علي” خيار إلا إعالة نفسها وإثبات قدرتها على مواجهة الواقع المعيشي الصعب والظروف القاسية التي وصلت إليها.
وتمثل حكاية السيدة” أم علي” (صباح سمور 65 عاماً) والتي تقطن في بيت اتخذته في مدينة جرمانا بأجر ثلاثمئة ألف ليرة شهرياً عدا الكهرباء والمياه، قصة المرأة العصامية التي تحرص لتكون معيلة نفسها، دون الاعتماد على أحد.
وتقول “أم علي” لـ كليك نيوز، “أنها إذا لم تشتغل لن تتمكن من العيش أو الحصول على الأكل، فأهلها قد توفوا منذ زمن طويل، وابنتها الوحيدة بعيدة عنها، ولا تقرها السلام أو تسأل عنها، ولذلك فضلت العمل على سيارة تملكها في تأمين الطلبات في مدينة جرمانا والتي جاءت إليها قادمة من جبلة قبل 12 سنة، بعد أن تركت العمل في الأرض.
علماً أنها عملت في حراثة الحقول بواسطة الجرار الزراعي، مذ كان عمرها عشر سنوات، ولذلك لم تجد صعوبة في امتحان السياقة للحصول على الشهادة التي تقدمت إليها، قبل ممارستها للعمل في إيصال السيدات حصراً كما قالت، من خلال وقوفها أمام مشفى المعونة في مدينة جرمانا، أو تلبية الطلبات الخاصة لبعض السيدات اللواتي يتواصلن معها من أجل توصيلهن.
وخلال حديثها، تصف “أم علي” اليوم الأول لقيادتها السيارة بأنه كان الأصعب في حياتها، لأنها كانت متوجسة وخائفة وقلقة من العمل، والخشية من استهجان الناس.
لها، وهو ما حصل على صعيد الاستهجان لسيدة تقوم بقيادة السيارة وإيصال الطلبات، لكنها مع الأيام تعودت على ذلك، وأصبح الأمر بالنسبة لها طبيعياً، فيومها يبدأ من الصباح الباكر حتى الساعة السابعة مساء فقط، لأنها تخشى العمل في الليل، بحسب قولها.
وأضافت “سمور” أمام الظروف المعيشة الصعبة وأجار البيت ومصروف البنزين للسيارة، كان لابد من العمل، فالعمل ليس عيباً وهو شرف للمرء في تأمين احتياجاته، ودخول أي محال لشراء (قنينة زيت حقها 35 ألف ليرة، وكيلو الخيار بـ 4000 ليرة).. والله يعين يلي عندو عيلة وخاصة إن كانت كبيرة.
وتابعت “بصراحة عم دبر حالي بشكل يومي، لتأمين احتياجاتي الأساسية فقط، واليوم الذي لا أعمل فيه يخلق مشكلة في تأمين احتياجاتي، وخاصة بعد ارتفاع أسعار البنزين، وأجور الإصلاحات، وقطع الغيار، وتحكم أغلبية تجارها بالأسعار من دون ضمير أو وجدان”.
اقرأ أيضاً: ضجة على مواقع التواصل وانقسام بالآراء بعد الحديث عن “إزالة كافة الحواجز في البلاد”
عدا طول فترة “انتظار رسالة البنزين والوقوف للتعبئة، وما ينجم عن ذلك إلى اللجوء للسوق السوداء، بغية الحصول على المادة من أجل العمل، وتكون أسعارها غالية جداً، ترهق مالك السيارة وكذلك من يضطر لركوب السيارة”.
وتابعت شرح الواقع المعيشي “هذا الارتفاع بسعر البنزين أدى لزيادة أسعار كثير من المواد الغذائية واحتياجات الناس، ونحن مقبلون على افتتاح العام الدراسي الجديد، وشهر المونة للأهالي، ما يعني زيادة كبيرة في مصاعب وأحوال الناس المعيشية”.
وأشادت “أم علي” بالاحترام الذي يكنه الناس في تعاملهم معها، ويقوم العديد منهم بتقديم زيادات مادية على قيمة الطلب الذي تقوم بإيصاله، وبمبالغ جيدة أحياناً (يكون طلبي بعشرة آلاف فيعطوني 15 ألف ليرة).
وتعود “أم علي” بالذاكرة إلى زواجها وهي ابنة الـ 16 سنة وكانت حاملاً بابنتها، وقد توفي زوجها لتجد نفسها أمام خيار العمل أمامها، ولا يوجد أي بديل عن ذلك، في ظل غياب أي يد للمساعدة، أو للوقوف إلى جانبها،
وتستذكر كيف كان الواقع قديماً من حيث الأسعار مع الفروقات اليوم، قائلة ” كنا بمئة ليرة نجيب قنينة زيت وعلبة متة وكيلو بيتنجان وكيلو بطاطا وكيلو بندورة وخبز”، أما الآن فلا يمكننا بها شراء أي شي، ايه رزق الله أيام زمان.
أيمن فلحوط – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع