لترسيخ حضورها في الشمال.. أنقرة تشكّل “فصيل جديد” وتفرض أتاوات لتأمين موارد لفصائلها
لترسيخ حضورها في الشمال.. أنقرة تشكّل “فصيل جديد” وتفرض أتاوات لتأمين موارد لفصائلها
تواصل أنقرة محاولاتها لإعادة تصدر المشهد في مناطق احتلالها بالشمال السوري، حيث تعمل لإعادة إحياء فصائلها المسلحة واستحداث أخرى جديدة، وذلك بالتزامن مع تكثيفها الهجمات على مواقع ميليشيا “قسد” والتوترات التي تعيشها المنطقة.
وفي هذا السياق، وفي خطوة لترسيخ حضورها في الشمال السوري، سواء الذي تسيطر عليه الفصائل في ريف حلب، أو الخاضع لسيطرة “هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة سابقا”، في إدلب، بعثت تركيا بقائد قواتها البرّية، “سلجوق بيرقدار أوغلو”، لإجراء جولة تفتيش وتفقّد مطوّلة، شملت معظم مناطق انتشار جيش الاحتلال التركي في ريفَي حلب الشمالي والشرقي، ومناطق شرقي الفرات، بالإضافة إلى إدلب.
وأوضح بيان نشرته وزارة الدفاع التركية، أن “الزيارة شملت كلاً من مناطق اعتداءاتها الأربع التي شنتها لاحتلال أراضي سورية في حلب وإدلب”.
وأعادت وزارة الدفاع التركية، في بيان لها “التذكير بمناطق سيطرتها”، كما أعلنت عن حصيلة عملياتها في سورية بين 15 آب الماضي و23 تشرين الثاني الحالي، مبينة، أن “الجنود الأتراك قتلوا 649 مسلحاً من “قسد وداعش” على السواء خلال هذه الفترة.
اقرأ أيضاً: تركيا تغلّب مصالحها في الشمال السوري.. تودد جديد لـ “النصرة” بعد فترة من الخلافات!
وتزامنت زيارة المسؤول العسكري التركي إلى الشمال السوري، مع سلسلة جديدة من محاولات أنقرة، لإعادة هيكلة الفصائل، لتصبح على غرار “هيئة تحرير الشام” التي تحتل إدلب وتقيم فيها “حكومة إنقاذ”.
وذكرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، أن هذه الإجراءات تأتي في وقت ما زالت تعاني فيه مناطق فصائل أنقرة في ريف حلب من حالة فوضى عارمة، وسط ضغوط تركية متواصلة لتفعيل دور “الحكومة المؤقّتة” التي تنشط في ريف حلب وتتبع لما يسمى “الائتلاف المعارض”.
وبحسب الصحيفة، أُعلنت أنقرة رسمياً، عن “فصيل” جديد حمل اسم “حرس الحدود”، يضمّ نحو ثلاثة آلاف مقاتل يتّبعون شكلياً “وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة”، مَهمّتهم حراسة الحدود التركية.
ونقلت الصحيفة، عن خبراء مختصين، إن هذه الخطوة تُعاكس ما كان قد دار الحديث عنه في إطار المفاوضات السورية – التركية المباشرة، من إمكانية انتشار الجيش السوري على الشريط الحدودي، مشيرين إلى إصرار أنقرة على الاستمرار في استثمار الشمال السوري الذي يخضع لعملية تتريك متواصلة، بدءاً من فرض اللغة التركية في المناهج الدراسية، وليس انتهاءً بفرض العملة التركية في التعاملات اليومية، واتباع المناطق الشمالية لسلطة الولايات التركية التي تشرف على عمل المجالس المحلية القائمة في تلك المناطق، وعلى عمل الشرطة المدنية، بالتوازي مع الاستمرار في بناء المشاريع السكنية لإعادة توطين اللاجئين السوريين قرب الشريط الحدودي.
وأضافت الصحيفة، أمام حالة الفوضى الفصائلية، والتململ التركي من عجز الفصائل عن تأسيس هيكلية تؤمّن لها مصادر دخل ذاتية، من شأنها أن تقلّل إلى أدنى حدّ ممكن الفاتورة الشهرية التي تدفعها تركيا للمقاتلين والموظفين في الشمال السوري، بدأت السلطات التركية البحث عن مصادر تمويل أخرى، ولا سيّما بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام”، بالتعاون مع فصائل أخرى تابعة لها من بينها “حركة أحرار الشام- القطاع الشمالي”، على أبرز معابر التهريب مع مناطق “قسد”، ما يعني تعطّل أحد أبرز منابع التمويل التي تعتمدها الفصائل.
اقرأ أيضاً: تركيا تكثّف حملتها ضدّ اللاجئين.. ترحيل أكثر من 6800 سوريّاً خلال أسبوعين
وقالت الصحيفة، تَمثّل آخر تلك المصادر البديلة، في فرض رسوم مالية على السوريين ممّن يحملون بطاقة الحماية المؤقتة التركية “الكملك” والراغبين في قضاء إجازة في سورية، حيث يتعيّن على كلّ منهم دفع مبلغ 200 دولار أميركي عند معبر “باب السلامة” الحدودي، وهو الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة بين السوريين.
وأضافت الصحيفة، كما تواصل فصائل أنقرة المنتشرة في ريف حلب فرض إتاوات على المزارعين والتجار والصناعيين، رغم الحالة الاقتصادية السيئة التي يعيشها السوريون في تلك المناطق.
يذكر أن فصائل أنقرة قامت خلال الآونة الأخيرة، بحملة تصعيد جوّية ومدفعية ضدّ ميليشيا “قسد”، طالت محيط بلدة أبو راسين شمال غربي الحسكة، وقرى تل خاتون وملا عباس ومحيط قرية تل زيوان في ريف القامشلي، وقريتَي كركي شامو وتل جهان في ريف القحطانية شمال الحسكة.
هذا وكانت أنقرة بدأت مؤخراً عمليات تغيير جديدة تهدف إلى محاولة جمع شتات الفصائل في مناطق نفوذها، وشملت موجة التغييرات الجديدة تشكيل قيادة سياسية جديدة لما يسمى “المجلس الوطني الكردي”، والذي يمثل “تجمّعاً لأحزاب كردية صغيرة مرتبطة بتركيا ومشاركة في الائتلاف”، كما تسلم بموجب التغييرات، نعمت داوود “رئاسة المجلس”، ومحمد إسماعيل قيادة “جبهة السلام والحرية” خلفاً لأحمد عوينان الجربا.
وكانت تركيا شنت منذ عام 2016 أربع اعتداءات على الأراضي السورية في الشمال السوري “درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام والمخلب السيف”، بحجة محاربة “داعش” و”قسد”.
هذا وتشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلال التركي فلتاناً أمنياً واسعاً، وتقوم الفصائل المسلحة التابعة لهم، بشكل مستمر باعتقالات وفرض أتاوات مالية، وجرائم قتل وخطف واستيلاء على أملاك المواطنين، وتغيير ديمغرافي، كما تشهد انتشاراً كبيراً للجرائم وترويج وتعاطي المخدرات.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع