دمشق تعلن شروطها.. هل تثبت أنقرة حسن النوايا في تصحيح مسار العلاقات بيت البلدين؟
دمشق تعلن شروطها.. هل تثبت أنقرة حسن النوايا في تصحيح مسار العلاقات بيت البلدين؟
في ظل الأوضاع الصعبة التي عاشتها سورية ولا تزال منذ عام 2011، اتجهت أنظار العالم اليوم عموما والسوريين على وجه الخصوص، نحو موسكو، حيث جلس الفرقاء في سورية وتركيا على طاولة سياسية واحدة، في اجتماع هو الأول منذ أكثر من عقد بين الوفود السياسية.
وعقد نواب وزراء خارجية كل من روسيا وإيران وسورية وتركيا اجتماعاً في العاصمة موسكو، لمناقشة مساعي تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، حيث أصرت دمشق على الاستجابة لشروطها تمهيداً أمام أية مصالحة مفترضة.
حيث أعاد معاون وزير الخارجية السوري “أيمن سوسان”، الشروط السورية خلال كلمته في الاجتماع الرباعي، والتي تقوم على ثلاث نقاط رئيسية، هي ضرورة إنهاء الوجود التركي غير الشرعي على الأراضي السورية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله.
اقرأ أيضاً: التقارب السوري التركي.. أين وصل؟
واعتبر “سوسان”، أن إعلان تركيا رسميا سحب قواتها من سورية هو المدخل لإعادة التواصل مع أنقرة، مؤكداً أن “تركيا لم تبد أي مؤشرات إيجابية بخصوص انسحاب قواتها أو بخصوص محاربة الإرهاب والقضاء عليه في شمال غرب البلاد، وبالأخص في منطقة إدلب وإعادة بسط سلطة الدولة على هذه المنطقة، لا بل إن تركيا لم تلتزم حتى بالتفاهمات التي تم التوصل إليها في إطار أستانا أو مع الجانب الروسي”.
وأعرب معاون وزير الخارجية السوري، عن استعداد سورية للتنسيق مع الأصدقاء الروس والإيرانيين، ومع الجانب التركي حول مختلف الجوانب العملية المتعلقة بانسحاب قواته من الأراضي السورية، بما فيها دخول قوات الجيش العربي السوري إلى المناطق التي ستنسحب منها هذه القوات لضمان إتمام هذه العملية بشكل سلس، وعدم سيطرة المجموعات الانفصالية أو الإرهابية عليها.
وأضاف “ليس من حق أي دولة التدخل العسكري في أراضي دولة أخرى، وفي حالة وجود خطر إرهابي يفترض التنسيق مع الدولة المعنية لمواجهة ذلك”.
اقرأ أيضاً: إيران والتقارب السوري – التركي
وأكد “سوسان”، أنه “إذا كان الجانب التركي جاداً فعلاً في تصحيح العلاقة مع سورية وفي احترام سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، فلا أعتقد أنه سيكون هناك صعوبة في التجاوب مع ما نطرحه، وهو الأمر الذي سيفتح الباب لمختلف مجالات التنسيق والتعاون التي تستجيب لهواجس البلدين وتحقق مصالحهما المتبادلة”.
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان عقب انتهاء الاجتماع الرباعي، أن نواب وزراء خارجية روسيا وإيران وسورية وتركيا ناقشوا في مشاورات بموسكو، الاستعدادات لعقد اجتماع وزاري رباعي.
وقالت الخارجية الروسية “عقدت في موسكو يومي 3 و4 نيسان الجاري، مشاورات رباعية على مستوى نواب وزراء خارجية روسيا وإيران وسورية وتركيا، وبحثت الاستعدادات للاجتماع المقبل لوزراء خارجية هذه الدول، وحدد المشاركون في المشاورات بطريقة مباشرة وصريحة نهجهم واتفقوا على مواصلة الاتصالات”.
في السياق، أشارت مصادر مطلعة على الاجتماع، إلى أن محادثات موسكو ستكون بمثابة تمهيد للاجتماع المرتقب بين وزراء خارجية الدول الأربع، حيث تبادل الأطراف وجهات النظر بشأن جدول الأعمال الذي يمكن أن يجتمع به الوزراء ومجالات التعاون التي يمكنهم النظر فيها.
كما نقلت صحيفة “رأي اليوم” عن مصادر دبلوماسية، أن الوسيطين الروسي والإيراني يقومان بجهود للوصول الى ورقة مبادئ تشمل الضمانات التي تطالب بها سورية، ومطالب مقابله لتركية، تكون هذه الورقة قاعدة للانتقال من مستوى نواب وزراء الخارجية الى مستوى سياسي أعلى، وحسب المصادر لم تظهر نتائج الاجتماع وتفاصيله عدا عن جملة واحدة تقول ان الأطراف اتفقت على مواصلة الاتصالات.
وأشارت المصادر، إلى أن دمشق باتت تفضل تسريع مسار التقارب السوري العربي أولاً، وصولاً الى حضور الرئيس بشار الأسد أو من ينوب عنه القمة العربية المقبلة في الرياض، وحصول دمشق على موقف عربي داعم لها في التفاوض مع أنقرة، وهو ما سوف يعطي سورية موقف تفاوضي أقوى على الطاولة مع تركية.
وبحسب خبراء مطلعين، فإن تركيا في هذا الوقت مستعدة للقبول بشروط دمشق، وذلك بهدف تأمين امنها القومي عبر ردع الجماعات الانفصالية في سورية، ثم إعادة اللاجئين الذين باتوا عبئاً على الدولة التركية، بالإضافة الى الملف الاقتصادي حيث تعتبر سورية بوابة لتركيا على الدولة العربية في مجال النقل البري والتجارة.
كما كتبت صحيفة “الأخبار اللبنانية”، في مقال لها، أن اللقاء على مستوى وزراء خارجية الدول الأربع ربّما يكون حلّاً وسطاً وبديلاً من لقاء الرئيسَين الأسد وأردوغان، وهذا ما قد تَقبل به دمشق وترضى به موسكو وطهران، ولو على مضض.
مشيرةً إلى أنه لو أعقب اللقاء على مستوى وزراء الخارجية، اجتماع الرؤساء قبل الانتخابات الرئاسية التركية، فستكون هذه “ضربة معلّم” تركية، مدعومة من روسيا وإيران، على أمل أن يلي ذلك انسحاب تركي شامل، وتصفية للجماعات الإرهابية، وعودة للسيادة السورية إلى كلّ ربوع سوريا، في انتظار طرد الاحتلال الأميركي في وقت لاحق.
وكان الوفد السوري وصل إلى موسكو، الأحد، للمشاركة في الاجتماع الرباعي، حيث أجرى مباحثات مع ميخائيل بوغدانوف، الممثل الخاص للرئيس الروسي نائب وزير الخارجية الروسية، ومع علي أصغر خاجي كبير مساعدي وزير الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية الخاصة.
وترأس الوفد السوري معاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان، فيما ترأس الوفد التركي نائب وزير الخارجية بوراك أكجابار، أما الوفد الإيراني فبرئاسة كبير مساعدي وزير الخارجية للشؤون السياسية الخاصة علي أصغر خاجي، والوفد الروسي برئاسة نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف.
يذكر أن روسيا، استضافت آواخر العام الماضي، أول محادثات بين وزيري الدفاع التركي والسوري م بعد قطيعة دامت 11 عاماً، وكانت أنقرة كثفت خلال الآونة الأخيرة من تصريحاتها حول نيتها التطبيع مع دمشق، فهل تثبت تركيا حسن نياتها وتحتفظ بسيادة سورية وتنهي احتلالها؟
والجدير ذكره أيضاً، أنه وبالتزامن مع هذا الاجتماع، كثف العدو الإسرائيلي عدوانه على دمشق، حيث شن 4 غارات متتالية خلال أقل من أسبوع، وذلك في محاولة منه لإفشال أي تقارب مع دمشق.