مقالات

إيران والتقارب السوري – التركي 

إيران والتقارب السوري – التركي 

 

تتسارع اللقاءات السياسية في المنطقة وتتقاطع الزيارات في وقت يترقب فيه العالم نتائج اللقاءات السورية – التركية التي شكلت صدمة إيجابية مع دخول العام الجديد، بانتظار القمة التاريخية بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب أردوغان.

في الجانب التركي تتوالى التصريحات المعبرة عن رغبة جامحة بلقاء القمة، ويتم الترويج لمواعيد ومكان اللقاء دون الخوض في تفاصيل الفاتورة المطلوب تسديدها من رئيس النظام التركي ونظامه السياسي لدمشق للقبول بعقد القمة المرتقبة، فيما تبدو دمشق أقل حماساً وتضع شروطها التي طرحتها بالأمس بشكل واضح ومعلن.

بالأمس استقبل الرئيس الأسد مبعوث الرئيس الروسي الخاص ألكسندر لافرنتييف الذي أكد ضرورة استثمار التطورات المتسارعة في العالم، وأن موسكو ترى أهمية متابعة اللقاءات الروسية السورية التركية وتطويرها على مستوى وزراء الخارجية.

لكن الرئيس الأسد وضع الشروط السورية لمتابعة هذه اللقاءات لتكون مثمرة موضحاً أنها “يجب أن تُبنى على تنسيق وتخطيط مسبق بين سورية وروسيا من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها سورية من هذه اللقاءات انطلاقاً من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة والشعب المبنية على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب.”

لا شك أن عقد القمة سواء كان في موسكو كما قيل سابقاً، أم في الإمارات العربية المتحدة كما رشح مؤخراً، يتوقف إلى حدٍ كبير على نجاح اللجان التي تم تشكيلها بين سورية وتركيا في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اللقاء الثلاثي الذي جمع وزراء دفاع سورية وتركيا وروسيا في موسكو نهاية العام الماضي خصوصاً مع وجود ملفات شائكة ليس بالسهولة حلها كون بعضها يرتبط بالوجود الاحتلالي الأمريكي في الجزيرة السورية.

وبالتزامن مع التحركات الدبلوماسية المكثفة، كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيراني ناصر كنعاني عن زيارة رسمية مرتقبة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق وأنقرة بعد تلقيه دعوات رسمية من تلك العواصم، لكنه لم يحدد موعدها.

التصريح الإيراني الذي تزامن مع وجود معاون وزير الخارجية السوري أيمن سوسان (حضر مباحثات الرئيس الأسد مع وزير الخارجية الإماراتي بدمشق قبل أيام) في العاصمة طهران، يكشف رغبة إيرانية في أن يكون لها دور فيما يتم التحضير له وخصوصاً أن طهران قادت قبل مدة وساطة بين دمشق وأنقرة لمنع قيام رئيس النظام التركي بشن عدوان جديد على الأراضي السورية.

وتشكل إيران، وهي إحدى الدول الضامنة في عملية أستانا، ودعمت سورية منذ بدء الحرب الإرهابية عليها عام 2011، ووقفت مع معها وشاركتها المواجهات العسكرية ضد الإرهاب وقدمت لها العون العسكري والاقتصادي إلى جانب روسيا، تشكل أحد الأطراف الفاعلة على الساحة السورية وشريك موثوق بالنسبة لدمشق، وبالتالي فإن وجودها في الحراك الدبلوماسي السابق للقمة السورية التركية سيكون عاملاً مساعداً في دعم موقف الدولة السورية لتحصيل أفضل الشروط في المحادثات التي هي بلا شك لن تكون سهلة.

ومع زيارة الرئيس الإيراني إلى كل من دمشق وربما أنقرة قبل القمة المرتقبة على الأرجح، وفي ظل التحرك الحثيث من قبل الإمارات العربية المتحدة لتقريب وجهات النظر العربية مع دمشق، يكتمل عقد لقاءات الدول الفاعلة والمؤثرة في سورية وفي المنطقة، بانتظار ما قد يخرج من العاصمة السعودية الرياض تجاه التقارب والانفتاح العربي والإقليمي على دمشق، ومآلات هذا الانفتاح وأثره في المشهد الميداني والسياسي.

لا شك أن محور التعطيل المتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية، سوف يعمل على تخريب مسار الانفتاح عبر المزيد من الضغوط والتهديدات بقانون “قيصر”، لكنه قد لا يستطيع إيقاف الانفتاح بشكل كلي، وخصوصاً أن الشركاء فيه دول كبرى تستطيع التملص من الفزاعة الأمريكية إذا ما أرادت ذلك.

فهل تنجح الخطوات الأولى في التحضير الناجح للخطوات المقبلة وعقد القمة المرتقبة قريباً؟ وهل تكون بداية لتدافع العواصم العربية الممتنعة حتى اليوم، للعودة السريعة إلى دمشق وحجز مكان لها في المشهد الإقليمي قبل أن تفقد عودتها أهميتها وبريقها؟

عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز

اقرأ أيضاً: الإمارات.. أي دور تلعبه مع دمشق؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى