ثقة الشارع بلا رصيد.. من أين تأتي الثقة بالحكومات وبالتجار وبكل من حولنا؟
ثقة الشارع بلا رصيد.. من أين تأتي الثقة بالحكومات وبالتجار وبكل من حولنا؟
في خضم أزمة “نجا فيها من مات ومات فيها من نجا”.. ضمن أزمة أخلاق وضمائر ماتزال بدون رصيد يبدو أن معاناتنا مستمرة بفعل أزمة ثقة في شارع لم يعد حزين لأن حكومات كذبت عليه بل لأنه لم يعد قادراً على تصديقها بعد اليوم..
ثقة أضحت في أفضل حالاتها مزيفة كالنقود المزورة لا يتم كشفها إلا عند التعامل.
أزمة ثقة بين المواطنين ونوابهم في البرلمان بعد أن نسي الكثير منهم سبب وجوده، نواب لا نستطيع تغييرهم عبر الانتخابات لأننا بالأساس لم ننتخبهم، ثقة هناك إجماع عليها أنها لا يتم اكتسابها وإنما يتم منحها.
أزمة ثقة تجاه غالبية “رجال الأعمال” والتجار ممن أتقنوا الاستثمار بمعاناة الناس.. ثقة تشبه مزهرية حالما تنكسر يصعب إعادتها كما كانت.
أزمة ثقة بين المواطن وأخيه الموظف الحكومي الذي فتنته ألعاب ما تحت الطاولة رغم علمه أن الثقة التي تُجلب بالرشوة تنهار أمام الرشوة.
أزمة ثقة تجاه بعض “رجالات” و”حراس” القانون حتى صار الناس لا يبحثون عن محامي يعرف القانون وإنما عن محامي يعرف القاضي.
أزمة ثقة تجاه ذلك الطبيب الذي حول مهنته الانسانية الى تجارية.. تجاه الصيدلاني الذي يتلاعب بأسعار الدواء كل ثانية.
أزمة ثقة تجاه معظم مهندسي ومتعهدي البناء ممن أصبحت رائحة المال تعنيهم أكثر من أرواح البشر.
أزمة ثقة بين التلميذ ومعلمته بعدما لاحظ أنها تفضل أقرانه الذين يخصونها بالهدايا.
أزمة ثقة بين الطالب ومعلم لم يعد يقدم ما لديه ضمن المدرسة طمعاً بحصة درسية خصوصية.
أزمة ثقة تجاه عامل الكازية والميكانيكي والكهربجي وعامل الصحية ووو ممن ركبوا موجة استغلال ظروف الناس.
أزمة ثقة بين الفلاح والسمسار الذي سمحت الحكومات المتعاقبة أن يكون الأول دائماً ضحية للثاني.
أزمة ثقة تجاه بعض زملاء العمل ممن اعتادوا على الصيد بالماء العكر.
أزمة ثقة بين الأولاد وأبيهم بعدما أصبح غير قادر على تلبية واجباته تجاههم.
أزمة ثقة بين الأم وطفلها الرضيع بعدما جف حليبها بسبب الفقر وسوء التغذية.
أزمة ثقة بين عشاق أتقن بعضهم فنون الكذب.. أزمة ثقة بين البشر وعصافير صارت تخاف أن تحط على حتى على الشجر… ووووو
بالمختصر من يعتقد أن عودة الحياة الطبيعية الى البلد وبدء إعادة الإعمار يمكن أن يحصلان بدون عودة الثقة المذكورة فهو واهم..
ومن يعتقد أنه يمكن حل أزمة الثقة بدون حل أزمة الأخلاق أيضا واهم.. ومن يعتقد أن عودة ثقة الشارع بالحكومات ممكنة بدون الشفافية وتفعيل القانون وإعادة شحن الضمائر فهو واهم..
من يعتقد أن عودة ثقة الشارع بأصحاب رؤوس المال ممكنة دون التخلي عن الجشع والأنانية أيضاً هو واهم.
بالمحصلة ولأن ثقتي أغلى ما أملك فلن أضعها بعد اليوم بيد أشخاص لا يستحقونها، فأن تخسر أحداً بسبب الموت أعتقد أنه أقل إيلاماً من خسارته بسبب انعدام الثقة.
نضال فضة – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: بعد الإغاثة.. الإعمار