مقالات

تقرير الكيمائية.. توقيت مريب

تقرير الكيمائية.. توقيت مريب

 

لم تكن الخلاصة التي توصل إليها تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول الهجوم المزعوم في دوما عام 2018 مفاجئة لنا نحن السوريين وربما لكثير من المهتمين بالسياسة الدولية، فهي جاءت لتؤكد الاتهامات التي ساقتها واشنطن وباريس ولندن ضد سورية بعد ساعات من الإعلان عن الهجوم عبر منصات إعلام التنظيمات الإرهابية.

فهل يمكن لأي عاقل أن يتوقع أن المنظمة التي شاب تقاريرها المرحلية الكثير من الأخطاء القاتلة والاتهامات المفبركة التي كشف عنها مفتشون ومحققون تم استبعادهم من فريق التحقيق لمجرد أنهم فضحوا “تمثيلية الهجوم الكيماوي”، هل يتوقع أن تكون قادرة على الخروج عن السيناريو الذي رسمته واشنطن؟

ليس لدينا أدنى شك في أن التقرير الذي بني على شهادات زور من عناصر إرهابية بعد أن تم تحييد كل المحققين الذين دحضوا رواية إلقاء اسطوانات الغاز من الجو، تمت صياغته من قبل الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية لتبرير العدوان الثلاثي الذي شنته واشنطن وباريس ولندن ضد سورية في 14 آذار 2018 بعد أسبوع من “الهجوم الكيميائي المزعوم”، ولمواصلة الضغط على القيادة السورية ومنع الانفتاح الدولي على سورية بعد أن فشلت كل محاولات عزلها دولياً.

لقد كشفت تسريبات سابقة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كيفية قيام إدارة المنظمة بتحييد المفتشين الذين اثبتوا عدم صحة فرضية إلقاء الاسطوانات من الجو، وهي الفرضية الأساسية التي اعتمدت عليها المنظمة لتوجيه الاتهام للجيش العربي السوري. ناهيك عن التلاعب بنتائج التحقيقات واستبعاد الفرضيات الهندسية والعلمية التي قدمها المفتش المخضرم خبير الأسلحة “إيان هندرسون” والذي خلص بعد دراسة هندسية تفصيلية لأسطوانات الغاز الموجودة في مكان الحادث إلى أن الأسطوانات “تم وضعها يدوياً ولم تسقط من الجو كما ادعى تقرير المنظمة”.

إن الفرضية التي بنى التقرير نتائجه عليها مرفوضة من البداية، فعبارة “هناك أسباب معقولة للتوصل إلى هذه النتائج” التي اعتمدها التقرير لتوجيه الاتهام للجيش العربي السوري تؤكد عدم وجود دليل قاطع، بل مجرد رواية مفترضة لا يمكن أن تصمد أمام أي منطق علمي.

إذاً، لا جديد في التقرير المفبرك، لكن توقيت إصداره يثير الريبة والشك حول ما تضمره وتخطط له الإدارة الأمريكية ضد سورية بالتعاون مع العواصم الاستعمارية، لتعطيل التحرك العربي والتركي للانفتاح والمصالحة مع دمشق.

فالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ولندن التي شنت العدوان الثلاثي ضد سورية استباقاً لأي نتيجة يصل إليها مفتشو المنظمة الذين كانوا قد وصلوا إلى بيروت في طريقهم إلى سورية، عادوا اليوم لاستغلال التقرير وتجديد عهدهم بتبرئة الإرهابيين من الجرائم التي ارتكبوها وتوجيه الاتهام لدمشق وموسكو بالمسؤولية عن الهجوم المزعوم واتخاذ التقرير سبباً لمزيد من الخطوات العدائية الجديدة ضدهم.

تزامن التقرير مع التحركات الأمريكية العسكرية في الشرق السوري بهدف تعزيز الحضور الاحتلالي للقوات الأمريكية ودعم الميليشيات الانفصالية، يؤكد أن الولايات المتحدة ومعها محور العدوان الأوروبي يضغط بكل ثقله لمنع أي تعافي سوري ينجم عن الانفتاح الإقليمي على دمشق.

لكن الخلاصات المضللة التي تضمنها التقرير والتهليل الغربي له وحتى التحركات العسكرية الأمريكية الأخيرة واجتماعات الدول الاستعمارية الأخيرة، لن تغير مسار الانتصار في سورية.

وما عجزت عن تحقيقه جيوش تلك الدول وأدواتها من المرتزقة الإرهابيين ضد سورية، لن تستطيع واشنطن أن تحصله عبر تقارير مسيسة ومزيفة، وسيكون مصير هذا التقرير كمصير الكثير من حملات التلفيق والتضليل الفاشلة.

عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز

اقرأ أيضاً: التقارب السوري التركي.. أين وصل؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى