السوريون يطاردون الأمل
السوريون يطاردون الأمل
يتابع السوريون التطورات الإقليمية والانفتاح العربي على بلدهم بأمل أن يلمسوا نتائج هذه التطورات انعكاساً ايجابياً على حياتهم المعيشية القاسية التي وصلت أدنى مستوياتها جراء الحرب المستمرة منذ 12 عاماً والحصار الأمريكي الذي طال معظم مناحي الحياة، ومؤخراً كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب شمال غرب البلاد وأودى بحياة المئات وتشريد مئات الآلاف.
لا يمكن لعاقل أن يتجاهل المناخ الإيجابي الذي ظهر مع بداية العام الجاري سواء فيما يخص الانفتاح العربي المتسارع على دمشق والذي بدأ بدولة الإمارات العربية المتحدة ووصل اليوم إلى السعودية ومصر والاجتماع الوزاري الخماسي في العاصمة الأردنية عمان بمشاركة وزير الخارجية السوري، وغداً الأحد اجتماع وزراء الخارجية العرب حول عودة سورية إلى جامعة الدول العربية.
بالتوازي كان الحديث التركي عن المصالحة مع دمشق والذي بدأ بلقاءات أمنية وعسكرية ومن المتوقع أن يلتقي وزراء خارجية الدول الأربع روسيا وسورية وتركيا وإيران في العاصمة الروسية موسكو في العاشر من الشهر الجاري بهدف تقريب وجهات النظر والبدء بمسار مصالحة يفضي إلى انسحاب القوات التركية من سورية.
ولم يكن بعيداً عن هذه الأجواء الإيجابية الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، وزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق يومي الأربعاء والخميس الماضيين والتي تمخضت عن طيف واسع من الاتفاقيات التي طغى عليها الطابع الاقتصادي الذي تحتاجه سورية اليوم بعد أن حققت انجازات كبيرة على مستوى دحر الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار لمساحات واسعة من البلاد.
للحقيقة إن من يتابع ما يتداوله السوريون في أحاديثهم الثنائية وعلى صفحات التواصل الاجتماعي والتي أصبحت أكثر الأماكن التي يستطيع المرء أن يرصد من خلالها توجهات الجمهور والرأي العام، يلاحظ أن معظم السوريين مرتاحون لهذه التطورات بل هم في توق لتسريع وتيرتها باعتبارهم ينظرون إليها كمنقذ لهم من ركام الحرب وتداعياتها الاقتصادية التي قضت على مجمل مدخراتهم وتكاد تقضي على ما تبقى لديهم من أمل بالخلاص.
اقرأ أيضاً: بيان سوري إيراني مشترك في ختام زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق
فرواتب الموظفين في القطاع العام التي تتراوح بين 100 و150 ألف ليرة وسطياً لم تعد تكفي بحسب تصريح رئيس اتحاد العمال جمال القادري ليوم واحد في ظل تسارع ارتفاع أسعار المواد وعلى مدار الساعة نتيجة الحصار الغربي وتراجع الإنتاج وشح المحروقات والكهرباء التي تتأثر سلباً باستمرار سيطرة قوات الاحتلال الأمريكي على منابع النفط والغاز في البلاد.
لقد لاقت زيارة الرئيس الإيراني إلى البلاد ترحيباً شعبياً واسعاً وكانت عبارات “أهلاً وسهلاً” و “زارتنا البركة” و “نأمل الخير” و “الصديق وقت الضيق” و” مرحباً بالأخوة الأوفياء” و” شريك النصر” و” شركاء الحياة” و “معاً في الصمود والإعمار” و “معاً كنا وسنبقى” و “الضيف العزيز”، تعبيراً واضحاً عمّا يأمله السوريون من الزيارة ومنعكساتها الإيجابية على واقعهم المعيشي والاقتصادي وهم يعلمون أن طهران تعتبر المزود الرئيس لبلدهم بالمحروقات في الوقت الراهن.
وينظر السوريون إلى الانفتاح العربي على بلدهم من نفس المنظور، فهم وإن كانوا يؤكدون أن صمودهم وصمود بلدهم في وجه جحافل الإرهاب العالمي هو السبب في عودة العرب إليهم، غير أن جلّ ما يهمهم اليوم هو أن تتحرك الدول العربية للوقوف جانبهم وانتشالهم من الأزمة الاقتصادية التي يعانونها سواء بمشاريع إعادة الإعمار والبناء أم على مستوى تزويد البلاد بالمحروقات والكهرباء.
الأمل الذي رافق السوريين في عشريتهم السوداء وكان الدافع لهم لمواصلة النضال والكفاح ضد أعداء تكالبت على بلدهم، يكاد اليوم يهرب من بين أيديهم، لكنهم لا يتخلون عنه ويتشبثون به، بل ويطاردونه كـ “طاقة فرج” مع كل تحرك إقليمي ودولي تجاه بلدهم، أو قارب نجاة ينهي معاناتهم بانتشالهم من سنواتهم العجاف.
عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع