“الأركيلة” إدمان من نوع آخر بلباس الموضة
تتغير طرق الإدمان خلال أيامنا هذه فلم تعد “المخدرات” أو “الحشيش” هي فقط مشروبات المدمنين، فالأركيلة باتت رفيق الجلسات العائلية التي تضم الأقارب والأصدقاء بهدف اللمة وتبادل الأحاديث وتبادل الآراء دون تمييز بين عمر من يشربها سواء كان كبيراً أو يافعاً أو حتى طفلا ً.
ماتجي بدون أركيلتك
تقول السيدة “امتثال الأغا” من حي عكرمة بمدينة حمص (45 عاما) لـ “كليك نيوز” “وجودها (الأركيلة) شرط أساسي لأي اجتماع ومن دونها لا تحلو القعدة”.
وأضافت “طقس لجلب السعادة وتغيير الجو والروتين اليومي الممل المليء بالضغوط المعيشية الصعبة، فنلجأ للأركيلة من باب التنفيس عما في داخلنا حتى لا نصل لدرجة الانهيار أو الانفجار”.
وبحسب قولها “تعودنا على هذه الأجواء ولا يمكننا الجلوس من دون أركيلة، و طبعا “كل شخص يجب أن تكون أركيلته بجانبه لذلك على القادم أن يأتي بأركيلته معه”.
تنوع المذاقات له خصوصيته
من جهتها، المعلمة “منى السليمان” من وادي الدهب (33عاماً) أم لطفلين “لكل شخص نكهة معسل يحبها ولا يريد أن يأتي شخص وينزع له النفس” مضيفة “أصبحت الأركيلة من الطقوس الدينية عندي، ولا يمكنني أن أجلس بدونها”.
وأردفت “بعد عودتي من الدوام وتحضير الطعام وإنهاء عمل المنزل أسارع إلى تجهيز الأركيلة، ودعوة بنات جارتي مع أراكيلهم الخاصة لنجلس ونروي الأحاديث بعد يوم طويل ومتعب، فالأركيلة تجعلني أنسى كل ما مررت به من ضغوط ومشاكل خارج المنزل”.
الفتيات ومعركة الموضة
“من لا تشرب الأركيلة فهي متخلفة فكرياً ومعقدة” بحسب ما قالته بنان 16 عام لـ “كليك نيوز” وأضافت “نحن لا نصادق من لا يشربن الأركيلة فهذا يدل على عقلها المتخلف”.
“في حين تضطر رؤى (22 عاما) لشربها مجبرة أمام صديقاتها حتى لا يكرهونها فهم لا يحبون الفتيات الملتزمات أخلاقيا” على حد تعبيرها وأضافت “أنها لا تريد أن تخسر صديقاتها كرمال كم نفس”.
بينما تقول ريما (24 عاما) أنها “لا تشرب الأركيلة ولا مشكلة لدي في أقاويل صديقاتي عني بأني متخلفة، المهم أن أكون راضية عن نفسي وتصرفاتي أمام نفسي وأهلي، خاصة وأن للأركيلة مضار كثيرة وأنا لست مضطرة أن أعرّض نفسي للأمراض لأجل ارضاء غيري”، وأضافت “لا أقبل بزيارة أي صديقة معها أركيلة كي لا تلوث جو غرفتي”.
ظاهرة باتت تنتشر بين الأطفال وسط غياب رقابة الأهل
مؤخراً، انتشرت ظاهرة الأركيلة بين الأطفال أيضاً وسط غياب رقابة الأهل حيناً، وتحت أعينهم حيناً آخر، دون اكتراثهم لما تسببه من مضار لصحتهم، معتبرين أن ذلك “حرية شخصية لهم لا ينبغي أن يحرموهم إياها”.
“محاطة بعائلة مدخنة ومنذ كنت طفلة لم يمنعوني من أخذ “نفس أو اثنين” معهم، فكبرت ومعي حب للأركيلة وتعلقت بها “تقول سابين 10 أعوام، بينما يرى يوشع في الصف التاسع “أن الأركيلة مع أصدقائه وسيلة للهروب من أجوائه العائلية التي باتت لا تطاق”.
في حين يروي “أحمد 9 أعوام لـ “كليك نيوز”، كيف أن أهله يعطونه الحرية المطلقة في تجهيز أركيلته الخاصة وشربها أمامهم، خاصة أنه وحيد على أربع بنات وصغيرهم المدلل، ويضيف “أبي يشتري لي المعسل الذي أحبه وأمي لا تمانع أبداً من شربي للأركيلة، على العكس فهي تجهز لي “القعدة” عندما يأتي أصدقائي لمنزلي”.
ويرى بعض الأهل أن “لا بأس” في شرب أطفالهم للأركيلة المهم أن يبقوا في المنزل وتحت نظرهم، أفضل من أن يتعرفوا على أشخاص سيئين أو يذهبوا لأماكن لا يعرفونها.
أصحاب المهنة لهم رؤيتهم
يقول “طارق الحسن” صاحب محل أراكيل “أغلب المدخنين مراهقين ويفعلون ذلك كنوع من التمرد أو تقليد الأصدقاء أو ليشعروا الآخرين أنهم منفتحين ومتحررين”، الأركيلة الأن أصبحت مصروف بحد ذاتها والكثيرون لا يكترثون للأمر “مهم يأركلو”.
وأضاف “لفت انتباهي أن الغالبية العظمى هم فتيات حيث 80% من القادمين لمحلي هم فتيات أعمارهم بين 15 و30 لطلب الأركيلة وأغراضها من فحم ومعسل وسلوفان، وما يثير دهشتي أنهم قادرين على دفع ما يطلب منهم فوراً في حين يشكون الفقر هم أنفسهم”.
وأوضح أن أسعار الأراكيل تتراوح بين 40 و200 ألف حسب النوعية، والفحم الفلش 9000 الكيلو، ومعسل الفلش 29 ألف، في حين علبة مزايا 4200، كيس فحم فيه خمس قطع بـ 2000، والأركيلة الالكترونية 150 ألف”.
ماذا يقول الطب في الأركيلة؟
بدوره، الدكتور المختص بالأمراض العامة والداخلية علي محمد عمران أوضح لـ “كليك نيوز” حول أضرار تدخين الأركيلة بما يلي، يحتوي دخان الأركيلة على مستويات عالية من المركبات السامة، ومنها القطران وأول أكسيد الكربون والمعادن الثقيلة ومواد كيميائية مسبِّبة للسرطان (المسرطنات).
وأضاف “في الواقع، يتعرض مدخنو الأركيلة إلى استنشاق أول أكسيد الكربون والدخان أكثر من مدخني السجائر، وكما هو الحال مع تدخين السجائر، يرتبط تدخين الأركيلة بسرطانات الرئة والفم وأمراض القلب وأمراض أخرى خطيرة.
وينصح الدكتور علي عمران بالابتعاد عنها وأضاف “المشكلة الأكبر عندما يتم تدخين الأركيلة من قبل الشباب في مقتبل العمر والأطفال لأن ذلك يؤثر على النمو والطول والقوة الجسدية”.
ربى العلي – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: بملامح غير متوقعة.. عمليات التجميل تجربة طوعية أم مغامرة؟