مقالات

“إلينا دوهان”.. صوت أممي صادق

“إلينا دوهان”.. صوت أممي صادق

 

كنت قد بدأت الكتابة في ردٍ قاسٍ على البيان المشترك الذي أصدرته ثلاثة منظمات أممية تعنى بالشؤون الإنسانية في سورية قبل أيام وأعربت فيه عن قلقها من تصعيد الأعمال العدائية في إدلب شمال سورية بعد قيام وحدات الجيش السوري بشن ضربات ضد مقرات ومعسكرات الإرهابيين رداً على قصفهم ريفي حماه واللاذقية بالصواريخ والطيران المسير.

فالبيان المشترك، لم يصدر لأن المجموعات الإرهابية قصفت ريفي إدلب واللاذقية، وإنما لأن الجيش السوري رد على تلك الهجمات بضربات دقيقة لمقرات الإرهابيين ومعسكرات تدريبهم بزعم أن الضربات أصابت المدنيين، وهذا ما عهدناه من المنظمات الدولية والحكومات الغربية على مدار سنوات الحرب التي دخلت عامها الثاني عشر.

فلم نسمع صوت القلق الأممي والغربي على السوريين الذين كانوا يتعرضون يومياً، مدنيين وعسكريين، لهجمات وتفجيرات إرهابية طالت المدارس والمشافي والجامعات وحتى الأطفال في روضاتهم، واليوم لن نتوقع أن نرى أو نسمع هذا القلق عندما تتعرض أرياف حماه الغربية واللاذقية الشمالية لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة الإرهابية.

لكن الصوت الأممي الذي صدر من دمشق بالأمس جعلني أعيد النظر فيما كتبت للإضاءة على هذا الموقف الذي يستحق التحية، إذ لم نسمع صوتاً محقاً من المنظمات الدولية منذ سنوات فيما يخص الوضع في سورية، فكيف إذا كان هذا الصوت صادراً عن المقررة الخاصة للأمم المتحدة “إلينا دوهان” المعنية بإعداد تقرير خاص حول تأثير الإجراءات الأحادية أو بمعنى أدق “الحصار الأمريكي الغربي” ضد سورية على وضع حقوق الإنسان بعد قضائها 12 يوماً في بلادنا.

“إلينا دوهان”.. صوت أممي صادق

في الحقيقة لم يدهشنا أن تشعر المقررة الأممية بالصدمة لحال السوريين جراء العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليهم، فنحن نعلم أن كل من يملك ضميراً حياً سوف يصاب بالصدمة لهول تأثير تلك العقوبات والحصار على وضع حقوق الإنسان والأوضاع المعيشية للسوريين، لكننا شعرنا بالإنصاف مع تصريحات المقررة الأممية التي عبرت بصدق عن حال السوريين وأوجاعهم؟

قالت المقرة الأممية بالحرف: “لقد صدمت عندما شاهدت الأثر الهائل، واسع النطاق للعقوبات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية، على حقوق الإنسان والوضع الإنساني فيها، هذا البلد الذي يكافح شعبه لإعادة بناء حياة كريمة بعد حرب امتدت لعقد من الزمن” مؤكدة أن هذا الحصار يرقى إلى جرائم الحرب ولابد من رفعه فوراً.

ما قالته المقررة “دوهان” يشكل مضبطة قانونية وأخلاقية دولية تجرّم الولايات المتحدة ومعها العديد من الدول الغربية والأوروبية التي تشارك في هذا الحصار الجائر غير الشرعي، ويستدعي من مجلس الأمن الدولي تبني تقريرها والعمل على رفع الحصار فوراً، ونأمل ألا تتعرض “دوهان” لضغوط سياسية غربية وأمريكية لتغيير تقريرها، كما حصل في تقارير كثيرة أصدرتها المنظمة الدولية.

لقد أكدت المقررة الأممية أن تقريرها سوف يتضمن تفنيداً قانونياً بعدم شرعية العقوبات الغربية التي تؤدي إلى تقويض جهود التعافي الاقتصادي ومشاريع التعافي المبكر وإعادة الإعمار، ولا تسلم منها قطاعات الغذاء والمياه والكهرباء والوقود والمواصلات والرعاية الصحية وتعيق عملية إعادة تأهيل وتطوير شبكات توزيع مياه الشرب والري، بسبب عدم توافر المعدات وقطع الغيار، الأمر الذي قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الصحة العامة والأمن الغذائي.

وأعلنت أنه لا يمكن تبرير انتهاك حقوق الإنسان الأساسية الناجمة عن هذه العقوبات بأي شكل من الأشكال، داعية “المجتمع الدولي” إلى الالتزام بالتضامن مع الشعب السوري وتقديم المساعدة له ورفع تلك العقوبات.

إن موقف المقررة الأممية الذي أعلنته من دمشق يستدعي من جميع الهيئات الدولية والأممية والدول الغربية ولا سميا الأوربية منها، اتخاذ الموقف ذاته والتوقف عن تجاهل جرائم الإرهابيين وتبني رواياتهم الإعلامية الملفقة.

فهم يعلمون أن من يتحكم بأهالي إدلب هم الإرهابيون ونسبة كبيرة منهم مرتزقة أجانب جاؤوا من أكثر من 80 دولة وبلغ عددهم حسب إحصائيات أممية وأوروبية ما يزيد عن 40 ألف مرتزق، يمارسون القتل والإرهاب ضد السوريين.

صوت “إلينا دوغان” جاء ليدحض الحملات الإعلامية الغربية ضد سورية وجيشها وقيادتها وليعزز موقف الدولة السورية التي تؤكد منذ سنوات أن من يفرض الحصار غير الشرعي على الشعب السوري هو شريك للإرهابيين وينبغي على المجتمع الدولي العمل على وقف هذا الحصار والمشاركة في جهود الحكومة السورية لمحاربة الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى كافة ربوع البلاد.

نأمل أن يدفع موقف المقررة الأممية “إلينا دوهان” منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن التحرك للقيام بواجبهم من أجل إنهاء الاحتلال الأمريكي والتركي لمناطق في سورية، وإلزام واشنطن وأنقرة التوقف عن دعم الإرهابيين وتوفير الغطاء السياسي والعسكري لهم، وعن سرقة نفط السوريين وغازهم وقمحهم، ورفع الحصار الجائر، وعند ذلك سيتكفل السوريون بإعادة بناء بلدهم دون منّة من أحد.

عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز

اقرأ أيضاً: ما بين القمة العربية وطهران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى