مقالات

بحسابات انتخابية وسياسية.. أردوغان يعيد نشر حثالاته ويهيء الأرض لمشروعه

بحسابات انتخابية وسياسية.. أردوغان يعيد نشر حثالاته ويهيء الأرض لمشروعه

 

لم يطو نظام أردوغان مشروع “المنطقة الآمنة” التي يهدد بإقامتها داخل الأراضي السورية بعمق ٣٠ كم وعلى طول الشريط الحدودي.

بحسابات انتخابية وسياسية.. أردوغان يعيد نشر حثالاته ويهيء الأرض لمشروعه
بحسابات انتخابية وسياسية.. أردوغان يعيد نشر حثالاته ويهيء الأرض لمشروعه

المعارضة الواسعة التي قوبلت بها العملية العسكرية التركية التي كان بموجبها سيتم إنشاء “المنطقة الآمنة” المزعومة، دفعت نظام أردوغان للتحرك باتجاه تحقيق الهدف لكن بتكتيكات أخرى مختلفة جرى ترجمتها بالتحركات التي شهدتها مناطق في ريفي حلب وادلب انتهت إلى إجراء تغييرات في خارطة النفوذ والسيطرة، تبادلت خلالها فصائل الإرهاب العاملة بالأوامر التركية المواقع في عملية مسرحية مرتبة.

المسرح الممتد من سهل الغاب وجبل الزاوية إلى تل تمر ورأس العين في الحسكة مروراً بسرمدا ودارة عزة وعفرين وباسوطة وجنديرس ومارع والباب، الذي شهد عمليات وتحركات واشتباكات واقتتال بين رايات إرهابية تتعدد أشكالها وصورها غير أنها في المرجعية موحدة عاملة بأمر عمليات واحد.. تركي تحت الإشراف الأميركي، هو المسرح ذاته الذي يتطلع أردوغان لجعله نقطة الارتكاز المركزية في مشروع “المنطقة الآمنة” التي يخطط لإقامتها مع ما تحمله من معان سياسية ودلالات توسعية احتلالية سواء ما تعلق منها باحتلال أجزاء من الجغرافيا السورية التي تلتقي في مناطق محددة مع مثيل لها في العراق، أو ما تعلق منها في البعد السياسي لجهة منع الأكراد من القيام بأي إجراءات تهدد – حسب أنقرة – الأمن القومي التركي، فضلاً عن تحقيق الأبعاد الأخرى لناحية السيطرة على الثروات الطبيعية في هذه المنطقة الممتدة، ولناحية إجراء التغييرات الديمغرافية التي تبقي على التهديد لوحدة سورية، وتفتح الآفاق لعمليات التتريك بأبعادها المتعددة.

بحسابات انتخابية وسياسية.. أردوغان يعيد نشر حثالاته ويهيء الأرض لمشروعه
بحسابات انتخابية وسياسية.. أردوغان يعيد نشر حثالاته ويهيء الأرض لمشروعه

من سهل الغاب إلى جبل الزاوية وصولاً إلى ريف حلب، كان مشهد الاقتتال يوحي بأنه المشهد غير المنضبط، بينما هو جرى ويجري بأوامر تركية مباشرة، ذلك أن كل الفصائل الإرهابية التي تبادلت المواقع بالاقتتال المسرحي أو بصيغة استلام وتسليم، هي الفصائل التي تأتمر بأوامر أنقرة، وهي التي تتغذى من الشريان الذي توفره لها أنقرة!!.

تنظيم جبهة النصرة الإرهابي ذراع تركي، حركة أحرار الشام، جيش الإسلام والجبهة الشامية وثائرون للتحرير.. و .. وسواها من حركات وتنظيمات وهيئات إرهابية إنما هي مرتزقة لا تملك من أمرها إلا أن تمتثل لأوامر العمل الصادرة من أنقرة التي ربما هيأت المسرح لما جرى من اقتتال بدا كأنه غير منضبط بينما هو سيناريو مكتوب ومرتب جرى تنفيذه على نحو يبدو فيه فوضويا أو يعكس صراعا على النفوذ وتحكمه عملية محاصصة على نهب لثروات تكتنزها المناطق الممتدة على مسرح عملية إعادة الانتشار.

بحسابات انتخابية وسياسية.. أردوغان يعيد نشر حثالاته ويهيء الأرض لمشروعه
بحسابات انتخابية وسياسية.. أردوغان يعيد نشر حثالاته ويهيء الأرض لمشروعه

هي عملية إعادة انتشار وليس اقتتالا بدليل أن التدخل التركي بين الحثالات الإرهابية المتصارعة المتقاتلة أنهى جولة القتال فيما بينها وأعاد الهدوء إلى المناطق التي كانت مسرحا حقيقيا لفوضى مدروسة ممنهجة، على الأغلب هي محاولة لترتيب الوضع وتهيئة الأرض للخطوة التالية من مشروع إقامة “المنطقة الآمنة” التي إذا لم يتنازل عنها نظام أردوغان، فإنه سيبقيها ورقة ضغط وابتزاز سياسي يستخدمها في عدة ملفات ليس آخرها ملف توسيع الناتو، فضلاً عن استخدامها مع موسكو وبروكسل وواشنطن وبغداد بهدف فتح الأبواب المغلقة على العديد من المسائل التي تهم أردوغان، الداخلية منها – الانتخابات – والخارجية منها التي تتصل بالصراعات الدولية المتفجرة، خطوط الغاز ونقل الطاقة، الفرز السياسي الدولي الحاصل للقوى عبر المحيطات والخرائط الدولية.

بحسابات انتخابية وسياسية.. أردوغان يعيد نشر حثالاته ويهيء الأرض لمشروعه
بحسابات انتخابية وسياسية.. أردوغان يعيد نشر حثالاته ويهيء الأرض لمشروعه

إن طي أردوغان صفحة الخلافات مع الإمارات والسعودية وقطر ومصر، وإن الذهاب إلى التحالف والتلاحم الاستراتيجي مع الكيان الإسرائيلي والبدء بافتتاح حقبة جديدة تحديداً مع كل من السعودية والكيان الإسرائيلي، بالتزامن والتوازي مع ما يجري من اعتداءات على الأراضي السورية والعراقية، إنما هو بداية لتنفيذ مخطط جديد يتم وضعه تحت الإشراف الأميركي، ذلك خلافا لما يثار بالإعلام من وهم تباينات حاصلة أو قائمة بين بعض هذه الأطراف وبين واشنطن.

إن هدف زيارة جو بايدن المرتقبة إلى المنطقة هو إعادة ترتيب مسرح الحركة، أو الحرب، التي ستأخذ أشكالاً أخرى، وما الحاصل على الأرض وفي السياسة إلا جزءا مما تقتضيه المرحلة التي يتوهم تحالف العدوان بالقيادة الأميركية إمكانية ضبط التموضعات اللازمة لإعادة إنتاج ما ثبت بالدليل القاطع فشله وتحوله مزقا يصعب جمعها.

علي نصر الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى