أهالي “المدينة القديمة” في حلب يعيشون كارثة الزلزال مرتين
نسمع يومياً عشرات الأخبار منذ وقوع كارثة “زلزال 6 شباط”، عن الأعمال التي تجري على الأرض لمساعدة المنكوبين والمتضررين الذين وجدوا أنفسهم فجأة والعراء يلفّهم، حيث طار جنى عمرهم في أقل من دقيقة واحدة.
لكن هذه الصورة تظهر على سوادها بشكل جليّ في حلب وخاصة في أحياء المدينة القديمة، وقد يكون المشهد ذاته في عموم المناطق المنكوبة، لكنّ سكان منطقة “الجلوم الكبرى” في حلب شخّصوها بشكل عرّاها على حقيقتها، حيث البيوت القديمة الإنشاء والمهدّدة بالسقوط في أيّ لحظة فوق رؤوس قاطنيها، ولكن رغم ذلك كانت بالنسبة لهم أفضل الخيارات الموجودة.
تروي إحدى السيدات، وهي “أرملة وأمٌّ لطفلتَين”، كيف اضطرت للعودة إلى غرفتها الواقعة على سطح بيت أهلها في المنطقة المنكوبة، ولم تجد خياراً سوى السكن في هذه الغرفة، التي انهار أحد جدرانها بفعل الزلزال، حتى لا تضطرّ إلى نصب خيمة في الشارع، مطالبةً بتقديم العون للعائلات المتضرّرة في “الجلوم”.
وفي ظلّ غياب أيّ بدائل للسكن، يشتكي أحد سكان المنطقة من أن الأهالي “سلّموا أمرهم إلى الله بعدما يئسوا من أحوالهم المتعبة”.
ويضيف لصحيفة “الأخبار” اللبنانية “جرّبت العيش في الخيام لمدّة أربع سنوات حينما اضطرّت عائلتي للانتقال إلى لبنان، لكنّي أجد صعوبة كبيرة في السكن فيها”
لذا، وجدنا “حلّاً وسطاً يقتضي أن نجلس في منازلنا نهاراً وأن نتدبّر أمور عيشنا عبر أكل البطاطا المسلوقة، وننام في الجامع القريب ليلاً تفادياً لأيّ هزّة أو زلزال، مستغرباً تجاهل الجهات المعنيّة والمنظّمات الأهليّة والدوليّة لأحوال هذه المنطقة التي يعيش فيها آلاف العائلات”.
فيما قال آخر: “نحن مجبرون على العيش في بيوتنا الآيلة للسقوط في ظلّ غياب البدائل، وعدم رغبتنا في السكن في مراكز إيواء أو خيام، علماً أن المساعدات لم تشملنا مع أنّنا من أكثر المتضرّرين”.
ويقول أحد الأطفال الذي لم يتجاوز من العمر 14 عاماً: تعرّض “بيتنا لضرر كبير، وهو بحاجة إلى تدعيم يكلّف ملايين الليرات، لا نملكها، فأنا المعيل الوحيد لعائلتي، أعمل كخياط لأوفّر قوت يومنا، بالإضافة إلى دراستي، وطالب الطفل الذي قست عليه الأيام وحرمته الاستمتاع بأيام طفولته، بتقديم المعونة له ولأبناء حارته المنكوبين الذين يعيشون مرعوبين من السكن في بيوتهم المتصدّعة”.
في السياق، استغرب “شادي شرف الدين”، المسؤول عن الملفّ الإغاثي، بقاء الأهالي في بيوتهم المتضرّرة، “إلّا إذا كانت لجان السلامة أكدت إمكانيّة السكن فيها”، حسب قوله.
ورفض “شرف الدين”، اتهامات الأهالي بالتقصير، قائلاً: “محافظة حلب تحاول تقديم كل المساعدات الممكنة للمتضرّرين، ولا يتم تجاهل أيّ حيّ منكوب أو منطقة متضرّرة، لكن حجم الكارثة كبير والإمكانات قليلة، داعياً الأهالي للتوجه إلى مراكز الإيواء حفاظاً على سلامتهم”.
وعلّقت الصحيفة على ذلك بالقول: إن “ترْك الأحياء المنكوبة على حالها بعد انهيار أغلب بيوتها، وعدم المبادرة إلى مساندة الأهالي ومعرفة احتياجاتهم، وخاصّة تأمين مساكن بديلة لهم إلى حين إعادة ترميم بيوتهم، التي لها خصوصيتها كونها تقع في المدينة القديمة المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظّمة “اليونسكو”، يطرح الكثير من علامات الاستفهام، وخاصّة مع انتهاء مرحلة الصدمة وضرورة اتّخاذ خطوات عاجلة لمنْع حصول كوارث جديدة”.
يذكر أنه منذ وقوع الكارثة، سمعنا عن مليارات الليرة التي جاءت كتبرعات للمتضررين، وأعلنت العديد من الجهات عن نيتها لاستئجار منازل وبناء أخرى للمنكوبين والمتصدعة منازلهم، لكن حتى اليوم لم نر شيئاً على أرض الواقع، ونأمل أن لا تبقى تلك الأحاديث إعلامية، وأن تبدأ إغاثة المتضررين بأسرع وقت ممكن.
اقرأ أيضاً: هذا ما خلفه الزلزال في حلب