أزمة المحروقات تخنق المزارعين..
تتواصل أزمة المحروقات في محافظة حماة، أزمة قديمة جديدة عمرها تجاوز السنوات، وتتجدد بأساليبها لتزيد معاناتهم للبحث عن تأمينها نتيجة الحاجة الماسة لها.
قلة في الطلبات الواردة.. لكنها متوفرة بالسوق السوداء
رسمياً المادة غير متوفرة، فرغم قلة طلبات البنزين والمازوت الواردة إلى فرع محروقات حماة والتي توزع على محطات الوقود، تجد أن السوق السوداء هي الأكثر نشاطاً ولم تتوقف عن بيع المحروقات، والمُلفت أنه كلما اشتدت الأزمة يرتفع السعر في السوق السوداء.
محاولات غير مجدية لضبط السوق السوداء
يقول الأهالي لموقع “كليك نيوز”، أن “جميع الإجراءات التي اتُخذت لقمع ظاهرة السوق السوداء لم تُجدي نفعاً ولم تكن كفيلة بذلك، لطالما هناك مستهلكين للبنزين والمازوت من السوق السوداء فلن يتم ضبطها، كونه ليس لدى هؤلاء المستهلكين مصدر آخر للحصول على المحروقات إلّا من خلال هذا السوق، والحديث هنا عن الشريحة الأكبر من السكان وهم المزارعين والموظفين الذين لا وسيلة لديهم للتنقل إلّا الدراجة النارية، فالمزارع الذي يقتنيها لولا وجودها ليس بإمكانه متابعة أعمال الزراعة، رغم كل ما تتعرض له الزراعات من مشاكل ومعوقات فأيضاً التنقل بالنسبة له عائق، وهو مضطر لاستهلاك مادة البنزين من السوق السوداء رغم غلاء سعرها الذي وصل مؤخراً إلى 17 ألف ل.س في ظل اشتداد أزمة المحروقات”.
بينما أكد عدد من المزارعين أن جميع القرارات والدراسات وبعد مضي سنوات لم تخرج بنتيجة ولم تكن كفيلة بإنقاذنا، فلو تم منحنا مخصصات من المحطات لما اتجهنا إلى السوق السوداء ولكن لا خيار آخر أمامنا، حتى الموظف في الريف ترتبط حركته بهذه الدراجة، فعشرات الموظفين في الأرياف التي تنعدم وسائل النقل العمومية فيها يقطعون مسافات طويلة مشياً على الأقدام للوصول إلى عملهم إن كان في المدارس أو في المراكز التابعة للدوائر الحكومية كالكهرباء والمياه والزراعة وغيرها، وحتى اللحظة هم بانتظار منح هذه الدراجات بطاقة أو إيجاد صيغة معينة لها أو إعادة الرسوم التي تم دفعها للوحدات الإدارية لقاء حصولهم على البطاقة وهو مبلغ 6000 ل.س لكل دراجة.
وعود وزارية لحل المشكلة إلى أين وصلت؟
في صيف عام 2020 وعند زيارة رئيس الحكومة المهندس حسين عرنوس إلى محافظة حماة، طلب المزارعون أن يتم تزويد دراجاتهم غير المسجلة بطاقة تمكنهم من تعبئة مادة البنزين من محطات الوقود أسوة بمحافظات (القنيطرة واللاذقية والسويداء وطرطوس)، ووعد حينها رئيس الحكومة بأن يتم توجيه المعنيين في المحافظة لحل هذه المشكلة التي تهم شريحة كبيرة من السكان، كذلك وزير الزراعة لدى تفقده الواقع الزراعي في حماة والغاب في آذار عام 2021 وجه بتأمين مستلزمات الزراعة ومن بينها مادة البنزين للدراجات غير المرخصة، كما وعد الفلاحين بنقل مشكلتهم إلى وزارة النفط.
بتاريخ 14/4/2021 عقدت وزارة الإدارة المحلية اجتماعاً ضم وزراء (الداخلية – النقل – النفط) بناء على كتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم 1/4999 لدراسة واقع تعبئة مادة البنزين للدراجات النارية غير النظامية وإلزام حائزيها بالحصول على بطاقة مؤقتة.
وتم بموجب هذا الاجتماع تكليف معاون الوزير في هذه الوزارات بإعداد دراسة لآلية تزويد الدراجات المشار إليها، وتم عقد اجتماعاً بتاريخ 21/4/2021 والتوصل إلى تشكيل لجان في مدن مراكز المحافظات وفي كل منطقة.
ومضى على تشكيل هذه اللجان أكثر من عام، ولم تقدم أية حلول تخدم المزارعين، لتبقى مشكلتهم عالقة في محافظة حماة وحتى اللحظة لم يتم إيجاد آلية لتزويدها بمادة البنزين أسوة بباقي المحافظات وبقي أصحابها عرضة للاستغلال من قبل تجار المادة في السوق.
تنفيذ القرار دخل مرحلة التسويف
بعد أن تم تشكيل هذه اللجان لدراسة واقع الدراجات النارية، سيطر التسويف على المشهد، وهذا ما كان يخشاه المزارع، كون هذه اللجان مُشكلة بتاريخ 30/9/2020 بقرار من المحافظ السابق “محمد الحزوري” وتم حينها إحصاء عدد كبير من الدراجات التي يعود قسم كبير منها للمزارعين والموظفين الذين هم بأمس الحاجة لها لمتابعة أعمالهم لا سيما وأن هذه الدراجات تخدم الأرياف بالكامل وتخدم الزراعة ولوازمها وتُمكن الفلاح من الوصول إلى أرضه للعمل فيها.
وعند استلام المهندس “محمد كريشاتي” محافظاً لحماة أوقف العمل بقرار المنح الذي وافق عليه المحافظ السابق “الحزوري”، مُعتبراً منح هذه الدراجات بطاقة تسمح لها بتعبئة مخصصات البنزين “قوننة لدراجات مهربة” مؤكداً أنه لا يستطيع قوننة هذه الدراجات.
وبعد مخاطبته وزارة الإدارة المحلية أتت الموافقة لاستكمال العمل ولكنه سار بشكل بطيء جداً ولم يكن بالمستوى المطلوب فعلى سبيل المثال (منطقتي مصياف والغاب وريفهما من أكثر المناطق استهلاكاً لهذه الدراجات وبكلا المنطقتين تعرض القرار لعرقلة بسبب خطأ قيل بفترتها أنه تقني بينما سار في حماة المدينة دون أية عوائق، علماً أنه لا يمكن المقارنة بين المنطقتين من ناحية أهمية هذه الدراجة، كما أن القرار سار في باقي المحافظات بشكل جيد، فقط في محافظة حماة واجه معوقات.
حلول مع وقف التنفيذ حتى إشعار آخر
حيث أكد محافظ حماة السابق “محمد كريشاتي” في حزيران 2022، أن مشكلة التأخر بمنح الدراجات بطاقات يعود لعدم توفرها، وبعد ان توفرت توقف المنح بشكل نهائي بعد أن تم ربط شركة تكامل مع وزارة النقل بربط شبكي تبيّن أن الدراجات غير نظامية ولن يتم منحها بطاقة حسب قوله، علماً أنها لم تتوقف بباقي المحافظات كمحافظة درعا لاتزال تُعلن على المسجلين استلام لوحات للدراجات، والمزارع في محافظة حماة لم يطلب ترسيم هذه الدراجات بل أراد فقط بطاقة ليحصل على البنزين بالسعر المدعوم أو المباشر أو أن يكون هناك سعر ثالث محدد لهم كي لا يكون عرضة للاستغلال من قبل التجار.
مئات الملايين تُصرف يومياً
يتساءل الأهالي أين يذهب الفارق من 4000 ل.س وهو سعر ليتر البنزين المباشر في محطات الوقود والسعر الذي وصل إليه في السوق السوداء بأحدث تسعيرة هي 17 ألف ل.س، وأكدوا أن هناك مستفيدون من هذا الفارق الذي يبلغ 13000 ل.س، لمصلحة من تذهب هذه الأموال؟
وبلغ عدد الدراجات النارية التي تستفيد من البنزين النظامي 90 ألف دراجة تم تسجيلها بالوحدات الإدارية، وذلك حسب تصريح مديرية الخدمات بحماة في كانون الأول 2021، وبحسبة بسيطة، فإذا ضربنا عدد هذه الدراجات بسعر البنزين في السوق السوداء لخرجنا بناتج 1,530,000,000ل. س هو رقم يُصرف بشكل يومي إذا قام صاحب الدراجة بشراء ليتر من السوق السوداء وبأقل تقدير تحتاج كل دراجة لأكثر من ليتر في اليوم.
ويتابع الأهالي تساؤلاتهم، من وضع، ويضع العصي بالعجلات أمام حل هذه المشكلة؟ تساؤلات يكررها الأهالي، لاسيما وأن أمر حلّها ليس بالصعب، كون بمحافظات أخرى جرى منح الدراجات النارية غير المسجلة بطاقة لتتزود بالبنزين من المحطات بالسعر الحكومي.
المازوت الزراعي.. كميات غير كافية ولم نحصل عليها
يقول المزارعين أن وضع البنزين ينطبق على مادة المازوت أيضا لاسيما الكمية المخصصة للزراعة كدعم للفلاح خلال مرحلة حراثة الأرض وجني المحصول، فالقرار ينص على منح الفلاح ليتر مازوت مدعوم لكل دونم و3ليتر مباشر، وهناك مدة زمنية بين استلام المادة لكلا الشريحتين، فيضطر المزارع ضمن هذه المدة لشراء المازوت من السوق السوداء لتيسير أموره ريثما يحصل على مخصصاته، علماً أن هناك مزارعين لم يحصلوا على مخصصاتهم كاملة في مواسم سابقة.
فدونم الأرض يحتاج إلى 5 ليتر مازوت للفلاحة، بحسب أصحاب الجرارات، وهي كمية يؤمنها إما المزارع أو صاحب الجرار بسعر يتراوح بين 7000-8500 ل.س لليتر الواحد، أي كل دونم يكلف 40 ألف ل.س فإذا أراد المزارع أن يفلح أرضه التي تبلغ مساحتها 10 دونمات على سبيل المثال فالعملية مُكلفة جداً وفوق قدرته، لذلك فإن المشكلة تكمن بتمويل العملية الإنتاجية، وبتوفر المادة عبر القنوات الرسمية، او بضبط الأسعار في السوق السوداء.
أوس سليمان – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: تزويد صناعيي حماة بخط معفى من التقنين مقابل 450 ليرة للكيلو واط