وجهة الجبهة هي معيار الكرامة
وجهة الجبهة هي معيار الكرامة
وحده اتجاه الجبهة وسمتها الذي يحدد معايير البطولة والكرامة، وعلى من يحملون السلاح أو يرفعون حبر القلم أن يعلموا في أي وجهة يطلقون رصاصهم ويرسلون مداد أقلامهم، فإن لم تكن دفاعاً عن وحدة الوطن وسيادته في مواجهة الأعداء فليس فيها شيء من الكرامة والشرف.
مؤسسات الدولة ومقراتها الخدمية لم تكن في يوم من الأيام الجبهة التي يتوجه إليها غضب المواطنين بالإحراق والتخريب وتعطيل مصالح الناس تحت أي عنوان كان، في وقت تتعرض فيه البلاد منذ عقد ونيف للحرب والإرهاب والاحتلال والحصار.
ماذا نقول للجندي المرابط على جبهات القتال ضد المحتل الأمريكي والتركي والإسرائيلي وضد أدواتهم من التنظيمات الإرهابية والانفصالية؟ ماذا نقول لعائلات الشهداء الذين قضوا بصواريخ العدوان الإسرائيلي على دمشق وحلب وطرطوس وحماه؟ هل نقول لهم.. أنكم ضللتم البوصلة وأن المعركة والجبهة في مكان آخر؟ ضد مقر لفرع الحزب هنا أو ضد مبنى للمحافظة هناك؟
اقرأ أيضاً: الجزيرة السورية والخيارات الوطنية
لسنا في موقع توزيع شهادات في الوطنية والشهامة والكرامة ولا نرغب في ذلك، فهي صفات ثابتة لدى غالبية السوريين على امتداد ساحة الوطن، وهي عنوان جيشنا الباسل.
لكن من بديهيات القول أنه عندما يصبح البعض منّا غير قادر على تحديد العدو أو غير قادر على تمييز العدو المحتل من الصديق والحليف، بل وصل درجة اعتبار الحليف عدواً، فلا بد أنه أضاع البوصلة واصطف في الجبهة الخاطئة.
فإذا كان التركي والأمريكي والإسرائيلي الذي يحتل أرضنا ويسرق مواردنا ويحاصرنا ويمنع علينا التعافي الاقتصادي، لم يعد عدواً في خطاباتنا وفي أدبيات “غضبنا لكرامتنا”، فمن هو العدو إذاً؟
هل هو الوجود الإيراني الذي جاء بناء على طلب الدولة السورية لدعم صمودنا اقتصادياً وعسكرياً؟
هل هناك مواطن سوري لا يتألم اليوم من ضيق العيش ومصاعب الحياة؟ الكثير من المواطنين السوريين وفي معظم المحافظات لم تعجبهم القرارات الحكومية الأخيرة وسياساتها المتعلقة بالواقع المعيشي، وهم غير راضين عنها وحتى رافضين لها، ولهم الحق بالتعبير عن ضيقهم ورفضهم لهذه القرارات، لكنهم لم يحولوا المؤسسات الرسمية والمقرات الخدمية إلى “عدو” يشنون الغزوات ضده لتخريب وتدمير محتوياتها أو فرض الإغلاق عليها بالقوة.
ماذا نقول للشهداء الذين روت دمائهم بازلت اللجاة ورمال تدمر ودير الزور وجبهات حلب وإدلب في مواجهة جحافل الإرهابيين من مرتزقة الأمريكي والتركي والإسرائيلي؟
هل يقبل أهلهم اليوم أن يجتاح دعاة الفوضى والتخريب مباني المؤسسات الخدمية والحكومية بحجة الضائقة المعيشية ليكملوا ما بدأه تنظيم داعش الإرهابي؟ ألم يضحي هؤلاء الشباب بأرواحهم لتبقى الدولة بمؤسساتها ومواطنيها؟
اقرأ أيضاً: المطالب المعيشية والفوضى
إن كان صوتك يتماهى مع صوت أعداء وطنك، فاعلم أنك على الضفة الأخرى من الجبهة ترفع سلاحك في وجه أبناء بلدك. وإن كنت لا تميز بين من يشنّ على بلدك حرباً عسكرية وسياسية وإعلامية واقتصادية، وبين من يقف معك لمواجهة هذه الحرب فعليك أن “تفرك عينيك وتغسل وجهك” وتعيد التفكير، فلا بد أن ميزان المحاكمة لديك قد تعطّل ليس بفعل الغضب والألم وإنما لأسباب أخرى.
لقد عُرف السوريون بحكمتهم وصبرهم وثباتهم على المبادئ التي جعلت من سورية صخرة تتحطم عليها مخططات الأعداء، ولاعباً يحسب له ألف حساب، ولن يرضى السوريون اليوم بأن تختطفهم جماعة خارجة عن القانون وشاذة عن تاريخ الوطن إلى جبهة الأعداء للهجوم على الوطن والتسبب بالمزيد من الدمار وإراقة الدماء بلا ثمن.
ففي البلاد في جميع محافظاتها من الحكماء والعقلاء وأصحاب الضمير ما يحصن السوريين من الانحراف والانجراف عن جبهة الشرف والكرامة وراء بعض الموتورين المنخرطين من حيث يدرون أو لا يدرون في جبهة الذل والارتهان المعادية للوطن.
عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع