هواجس ومخاوف بسببها.. وزير التربية لـ “كليك نيوز”: القرارات الأخيرة لم تكن ارتجالية ومبنية على مجهود العشرات من الاختصاصيين
انقسمت الآراء بعد القرارات الأخيرة لوزارة التربية، بين مؤيد ورافض لها، ومطالب بتأجيل تطبيقها للعام القادم أو على مراحل، وكلٍ يسوق حجته في ذلك، حيث ألغت القرارات الدورة التكميلية، وأعطت التوجه نحو اعتماد نموذج الامتحان المؤتمت لاختبار الطلاب النهائي، وفي كافة المواد باستثناء مادة اللغة العربية جزئياً.
هواجس الطلاب ومخاوفها بددها وزير التربية الدكتور “محمد عامر مارديني” في تصريح خاص لـ كليك نيوز، حيث أكد على تطوير العمليّة الامتحانيّة بما يخدم حسن سيرها، ودقّة إصدار النتائج، وبناءً على خطّة الوزارة في تطوير العمل، بما يتعلّق بنظام الامتحانات وفق رؤية تتناسب مع التطوّر العالميّ والتحوّل الرقميّ.
وأضاف “مارديني” أن القرارات الأخيرة للوزارة قد يغلب الظن أنه شابها نوع من الارتجال، ما قد يستدعي تقديم الملاحظات المختلفة، لكن الحقيقة أن الوزارة قد استنفدت مجهودات العشرات من التربويين والاختصاصيين الذين ترفع لهم القبعة في أدائهم وتعاطيهم مع المسائل التربوية، وفي دراسة كل قضية وتأثيرها المجتمعي، إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه من قرارات.
اقرأ أيضاً: رحلة البحث عن حليب الأطفال تتجدد.. الصحة المتهم الأول بفقدانه والأسعار تكوي جيوب الأهالي
وأوضح “مارديني” أما ما يتعلق بالامتحانات، فكانت تحتاج إلى نظرة متأنية، لمعالجة شوائبها المختلفة لتحقيق العدالة بين الطلاب، لذلك فقد كان أحد أهم الحلول هو الأتمتة، حيث سيوضع في كل قاعة امتحانية العديد من النماذج لأسئلة موحدة، لكنها مختلفة الترتيب، يضعها الموجهون الاختصاصيون بالتنسيق مع مركز القياس والتقويم.
وتمنى وزير التربية في ختام حديثه، أن يثق الجميع بأن الأمور تسير بخطى ثابتة، وأن هناك حملة واسعة ستقوم بها الوزارة لتدريب الطلاب والمعلمين على هذا النمط من الأسئلة، كما أنها ستجرب ميدانياً في الامتحان النصفي والتجريبي، قبل اعتمادها نهائياً، أو يعاد النظر فيها بعد التجربة.
وختم بالتأكيد على عبارة “التجربة أساس القرار” في إشارة واضحة منه للوقوف على أدق التفاصيل فيما يتعلق بموضوع الأتمتة.
من جهته الدكتور “رامي أمون” الأستاذ المساعد في كلية التربية بجامعة تشرين، تساءل في حديثه لـ كليك نيوز، حول إمكانية تطبيق هذه الخطة على مراحل؟ وتأجيلها للعام القادم، أو البدء بتطبيق الامتحانات المؤتمتة هذا العام، مع الإبقاء على التكميلية، والتي قد يكون هذا التغير الشامل أحد مبررات بقاءها على الأقل هذا العام، وأن يتم اعتماد الامتحانات المؤتمتة للمواد بالتدريج، وليس دفعة واحدة بحيث يؤتمت هذا العام امتحان لمادة أو مادتين، وتتم دراسة النتائج وعلى أساسها يتم المتابعة بإقرار باقي المواد تدريجياً وتتابعاً.
اقرأ أيضاً: حلب تطوي أزمة الازدحام على الصرافات.. تزويد 14 صراف بالكهرباء على مدار الساعة
ورأى “أمون” أن الامتحان التجريبي الذي أقر من قبل الوزارة لا يحقق الغرض المعلن منه لأنه متأخر أولاً، وثانياً لأنه يختلف من حيث الأهمية وما يرافقه من ضغوط عن الامتحان النهائي.
وأضاف “أمون” كنا نفضل لو اتخذ القرار منذ بداية العام، حتى يكون المدرس والطالب على بينة، فكلنا نعرف أن التعليم والدراسة والتحضير يختلف بشكل كبير حسب طبيعة الامتحان مؤتمتاً أو تحريرياً، وأن يتم تطبيق هذا النموذج من الامتحانات المؤتمتة، اعتباراً من الصفين العاشر والحادي عشر، حتى يتدرب الطالب على هذا النموذج، بدلاً من اعتماده مباشرة في الشهادة الثانوية وبهذه الطريقة الشاملة.
وأشار “أمون” إلى أن ما يتعلق بالامتحان المؤتمت فإن كل العاملين في مجال التعليم والتدريس والمختصين بالقياس والتقويم يدركون أنه جيد، فكل نظام امتحاني يكون مناسباً لقياس مهارات معينة أكثر من غيرها، وتالياً الامتحان المؤتمت أقدر على قياس مهارات محددة، تتناسب مع مواد معينة أكثر من الامتحان التحريري والعكس صحيح تماماً.
اقرأ أيضاً: آلاف اللاجئين والنازحين في الحسكة مهددون بأمنهم الغذاء
وبين الدكتور “إبراهيم تركماني” من كلية طب الأسنان في جامعة البعث أن الأتمتة تشكل نظاماً مهماً يوفر الكثير من الوقت والجهد، والتأجيل لا مبرر له، وإذا تخوفنا من الفساد، فسيبقى ولن يفنى أو يباد، لكن نسبته ستقل كثيراً، فهل في النموذج السابق لم يكن هناك فساد، والكل يعلم قصصاً متنوعة، لكن المعالجة يجب أن تتم، واعتقد جازماً أن الأتمتة نهج امتحاني جيد، والتخوف الذي يراه بعض الناس سيبقى لحالات فردية.
ورأت الدكتورة “غنى نجاتي” المتخصصة في الصحة النفسية، والمتفرغة في الكليات الطبية بجامعة الشام الخاصة، أن الطلاب كانوا يرتاحون نفسياً للدورة التكميلية لأنها تعطيهم فرصة لاستدراك الأخطاء، التي وقعوا بها في الدورة الأولى، وبعض المواد غير الموفقين بتقديمها بشكل جيد، وفقاً لمتابعاتي، وتشكل لهم هذه الدورة على الصعيد النفسي طوقاً للنجاة وتحسين علاماتهم وتحقيق أمانيهم.
أما ما يتعلق بالأتمتة، فإنها أشهر طرق القياس والتقييم العالمية، القائمة على مساعدة الطالب لتذكر المعلومة، عن طريق التعرف عليها، وهي أسهل من التحريري التقليدي، مع أنها قد لا تناسب جميع المقررات الدراسية والمناهج، ويجب أن يكون هناك منهجية معينة لكتابتها ودراستها، والأتمتة صح أو خطأ أو اختيار متعدد، وبرأيي هناك صعوبة في أتمتة مواد كاللغة العربية والرياضيات.
اقرأ أيضاً: بعد انقطاعه أكثر من 10 سنوات.. عودة العلاج الأزوتي لمصابي اللاشمانيا في دير الزور
واعتبرت المدرّسة “ابتسام سلوم” إلغاء الدورة التكميلية، قراراً صائباً، بسبب انتفاء السبب الذي أدى إلى إقرارها، كما أنها أثرت بشكل واضح على المفاضلة الجامعية، وساهمت في رفع معدلات القبول، وتأخير بدء العام الجامعي، وعدم راحة المدرسين لالتزامهم طيلة شهر الصيف في المراقبة والتصحيح لفترات طويلة من الزمن، بينما تخشى من الأتمتة لأنها قد تكون عامل مساعد ” لتنقيل وتخفيف على الطلاب الذين كانوا يحملون الرشيتات”.
أما رئيس مجلس الإدارة في مجموعة الشمس التعليمية “سلمان الشاعر”، فيوضح من واقع تجربة تطبيق المدرسة نظام الأتمتة على طلابها، من الصف الخامس وحتى الثاني الثانوي العلمي، منذ العام 2015 أن أسئلة الخيار المتعدد مريحة نفسياً للطالب بعكس التقليدية، وعادلة بشموليتها، وتدربه على مهارة التفكير والمحاكاة، لأنه سيختار الإجابة الأكثر صواباً وليس مجرد حفظ البصم، وتمنع الغش في حال اتباع تعدد النماذج، والتصحيح الإلكتروني يكون بعيداً عن مزاجية المصحح وحالته النفسية، ويمكن هذا النظام الامتحاني من توفير قاعدة بيانات لميزات طلاب كل محافظة على حدى، ويؤدي إلى سرعة في صدور النتائج.
ويبقى السؤال المهم هل تشكل إلغاء الدورة التكميلية خطوة أولى في إعادة التعليم إلى مساره الصحيح، والنهوض بالعملية التعليمية التدريسية، بعد حالات التعثر والمعاناة العديدة التي شهدتها في السنوات الأخيرة؟.
أيمن فلحوط – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع