ضعاف النفوس يستغلونها بزراعة الخضار.. مياه الصرف الصحي تغزو عشرات الدونمات الزراعية بالسويداء
رغم مضي أكثر من خمسة عشر عاماً، على الولادة اللاشرعية لظاهرة إرواء الأراضي القابلة للزراعة، بمياه الصرف الصحي تمهيداً لزراعتها بالمحاصيل الصيفية والشتوية، ورغم أضرارها البيئية وأخطارها الصحية، إلا أن “فرملتها” ما زال عصياً على أصحاب القرار لتاريخه.
فعشرات الدونمات الزراعية ولا نبالغ إذا قلنا مئات، وحسب ما تحدث عدد من المواطنين لـ “كليك نيوز” ما زال إروائها يعتمد على المياه الآسنة، ولاسيما تلك الأراضي الواقعة إلى الغرب من مدينة السويداء، المستباحة منذ عدة سنوات بالمياه الملوثة، ما أدى إلى استثمارها من مالكيها وللأسف الشديد، بزراعة الخضروات الصيفية والشتوية، وبالتالي إروائها بالمياه الملوثة.
الأمر الذي أصبح يُشكلُ خطراً صحياً، على مستهلكي هذه الخضروات، لما تحمله لهم من ملوثات، نتيجةً لسقايتها الدائمة بمياه الصرف الصحي، وما زاد من الهواجس والمخاوف، هو تسببها بالعديد من الأمراض خاصة الكوليرا، وغيرها من الأمراض الهضمية، خاصة وأنها تباع ضمن الأسواق المحلية، دون أي رادع أخلاقي عند الذين أتوا بها، إلى تلك الأسواق لبيعها للمواطنين.
ليضيفوا أن العديد من الأراضي الزراعية الواقعة في قرى وبلدات المحافظة، تحولت أيضاً، ونتيجةً لخلوها من محطات معالجة، إلى مصبات دائمة للمياه الآسنة، ما أبقاها طبعاً عند البعيدين كل البعد عن كار الزراعة، مصدراً إروائياً لمزروعاتهم اللاصحية، علماً أن هناك لجنة مشتركة لقمع هذه الظاهرة من خلال حراثة الأراضي المزروعة بهذه الخضروات إلا أن هذه اللجنة وجراء الأحداث المؤسفة التي عصفت ببلدنا باتت دون تفعيل.
وحالياً بعد أن أوشكت مواسم الخضار الصيفية على الانتهاء، استبدلت زراعتها من أصحاب الأراضي بمحصول مادة الذرة العلفية، مستغلين ارتفاع أسعار مبيعها في الأسواق المحلية.
الطبيب البيطري وخبير اللحوم مروان عزي أوضح لـ “كليك نيوز” أن تغذية المواشي بالمحاصيل العلفية المروية بالصرف الصحي، دون أدنى شك، لها انعكاساتها السلبية على صحتها، لكونها أي المياه تسبب لها مشكلات مرضية، وجرثومية، وطفيلية، وفيروسية، حيث ينتقل المرض للمواشي، وبعدها للإنسان، وذلك عن طريق استهلاك منتجاتها من اللحوم والألبان، والأجبان.
وأخطر الأمراض تأتي عن طريق التسممات الثقيلة، مثل الكلور والرصاص والكادميوم، حيث ترتفع نسبة العناصر هذه بالمحاصيل العلفية، المروية بالصرف الصحي، وعند تغذية الحيوانات بها تترسب بأعضاء جسمها، لتفرز بمنتجاتها.
مدير شؤون البيئة في السويداء المهندس رفعت خضر قال لـ “كليك نيوز” لما لهذه المزروعات من أضرار بيئية وأخطار صحية، لقد طالبنا كمديرية بيئة خلال اجتماع اللجنة الزراعية والصحية الفرعيتين، الذي عُقد مع محافظ السويداء، خلال الشهر الماضي، لمواجهة مرض الكوليرا بضرورة تشكيل لجنة من البيئة والزراعة، والموارد المائية، والمحافظة، وقيادة الشرطة، للكشف على الأراضي المروية بمياه الصرف الصحي، ليصار إلى حراثتها.
ويبقى أن نقول في ظل الانتشار الواسع للأمراض، بات ضرورياً الحد ما أمكن من ظاهرة إرواء الأراضي بمياه الصرف، لما تحمله منتجاتها من أمراض وبائية، وبالنهاية بتر المشكلة من جذورها يكمن بالإسراع بإحداث محطات معالجة، ولاسيما في مدن المحافظة.
طلال الكفيري – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: أزمة النقل تتفاقم في السويداء.. كمية المازوت التي يحصل عليها السائقين يومياً لا تتجاوز ١٢ ليتر