مهن خارجة عن المألوف تجلب لصاحبها المتعة ولمحيطه الشكوى
مهن خارجة عن المألوف تجلب لصاحبها المتعة ولمحيطه الشكوى
أسرابٌ من الطيور تحوم فوق المدينة تتمايل يميناً وشمالاً، صعوداً وهبوطاً حسب إشارات شخص يقف على أحد الأسطح بحوزته عصاً طويلة مزينة بقطعة قماش سوداء أو بيضاء، تبدو وكأنها صلة التخاطب بينه وبين الحمام المحلق أعلى، ليبدو لك الأمر مجرد لعبة أو تسلية أو تمضية وقت، فيما للحقيقة قصة أخرى، يخوض من خلالها صاحبها مغامرات يومية، بمزاج خاص وذهن صاف وكاريزما عالية، وباستخدام أدوات ومهارات مختلفة.
يخترق صفيره الأجواء بمثابة إنذار أو تلويح بوجوده، حيث المناطق الشعبية والأسطح المطلة على السكان، والذي يسوق حتماً لمشاجرات وجدالات لا تنتهي، إلا أن ما لا يمكن احتماله أو العبث به، تداخل أطراف العملية ممن يعرفون باسم “الحميماتية” في اصطياد طيور أخرى، ليبدو الأمر فيما بينهم إهانة لصاحبها، فالمعلم الشاطر لا يخسر أياً من طيوره ضمن قواعد هذه اللعبة.
يعرف اصطلاحاً بلقب “الكشاش”، أي تطيير الحمام ضمن أسراب تسمى محلياً “كشات”، علماً أنه من الواجب التفريق بين من يربي الطيور بقصد الزينة التي تعد مشروعة ومحببة للكثير، وبين من يمارس مهنة “الكش”، فهنا كل شيء مباح بالنسبة له ويعد المنتصر في حال وقع طير جديد ضمن سيطرته، ليقسم مرات عدة أنه الأحق به.
يمضي أكثر من 6 ساعات يومياً على سطح منزله، بصفته المشرف على إدارة حوالي 200 حمامة، يجمع المال من مصروفه اليومي لتهيئة قن صغير لهم، دون النظر للمتاعب القادمة من هذا الفعل، فالتكلفة العالية لشراء الطيور وتأمين الغذاء لهم، والمحافظة على السرب من الضياع أو السرقة تحتاج حسابات كثيرة يغفل عنها صاحبها، الذي وجد المتعة في اقتنائها وإطلاقها في السماء ممثلة حالة من المنافسة فيما بينها.
في وقت لاتزال النظرة المحلية له بالدونية وعدم التقبل، لا بل الكره أحياناً فيما لو ارتبطت بسلوكيات عدة مثل التجمعات الشبابية غير المحببة من قاطني المنطقة نفسها، والتي اتسمت لدى غالبيتهم بالعشوائية والفوضى، ما يمنع الكثير من الأهالي إقدام أبنائهم على هذه المهنة أو الهواية المنتشرة بين اليافعين بصورة خاصة.
يصفها البعض بـ “وجع الراس”، وعديمة الفائدة أيضاً، ليبقى الحل الأمثل بنظرهم بالتخلص من هذه الثقافة وعلاجها بتوجيه الشباب لتربية الحمام بقصد الربح المادي، ممن وصفوا بالتجار بنظر عشاق هذه المهنة، الذين تمتعوا بامتيازات خاصة فيما بينهم، في إسقاط حمامة شاردة من كشة شخص آخر، عبر محاصرة سرب أو جذب الطير لمكان معين وإغرائه بالطعام أو غواية الأنثى، وهنا تبرز الحنكة في اختيار العمل من قبل صاحبه الذي لازال حتى اليوم حبيس رواية “الحميماتي” غير المقبول اجتماعياً والمدان في قوله وفعله أينما حل.
بارعة جمعة – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: “صيد الطير الحر” هواية تخفي كنوزاً.. أدواتها الحظ والصبر والخبرة