مقالات

معركة القرار ٢٥٨٥ وما بعد الفيتو

معركة القرار ٢٥٨٥ وما بعد الفيتو

 

٦ أشهر قبل تموز الجاري، أي منذ مطلع ٢٠٢٢ كانت الدول الغربية بدأت حملتها لخوض معركة القرار الدولي ٢٥٨٥ الخاصة بالتمديد لآلية إدخال المساعدات الإنسانية المزعومة. عبر معبر باب الهوى حصريا استمراراً لما هو حاصل.

الحملة الغربية التي بدأت مبكراً من أجل التمديد للقرار ٢٥٨٥ بصيغته المعتمدة كانت تنطوي على محاولة لمنع اعتماد أي تعديلات تطلبها سورية وتشتغل عليها روسيا والصين. أقلها وضع آلية موازية للمراقبة والمراجعة ومتابعة التنفيذ وبما يضمن التحقق من أن النتائج المتوخاة تتحقق، ومن أن المساعدات يتم توزيعها بشكل جيد. ومن أن القوافل لا تحمل ما لا ترغب الحكومة السورية بإدخاله.

 

هي معركة حقيقية جرت داخل أروقة الأمم المتحدة  ومجلس الأمن الدولي وسط إصرار الولايات المتحدة والدول الغربية على التمديد للقرار ٢٥٨٥ دون إدخال أي تعديلات على آليته ومندرجاته. ووسط رفض هذه الدول لأي مشروع آخر يمكن “الهلال الأحمر والصليب الأحمر” من الإشراف على توزيع المساعدات – هذا ما تضمنه مشروع القرار الروسي الذي تم رفضه. – فكان من الطبيعي أن تستخدم موسكو الفيتو ضد التمديد. وهو ما أسقط الآلية السابقة، فماذا بعد الفيتو؟ وماذا بعد إسقاط مشروع القرار الروسي المتوازن؟.

اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة.. شاهد زور على عذابات السوريين

 

منذ تموز ٢٠١٤ حيث اعتمد القرار ٢١٦٥ لإجازة مرور القوافل الإنسانية عبر الحدود كانت معارك سياسية ودبلوماسية تجري لمنع تسييس الغرب مسألة المساعدات. ولمنع إدخال السلاح للتنظيمات الإرهابية ضمن هذه القوافل. ولمحاصرة النظام التركي والولايات المتحدة والغرب كأطراف راعية لهذه التنظيمات. ولمنع هذه الأطراف من استغلال مظلة الأمم المتحدة وعناوين إنسانية لتقديم الدعم والإسناد للإرهابيين.

في هذا السياق تمكنت سورية، روسيا، والصين، والأصدقاء الآخرون من إغلاق ٣ معابر كانت تستخدم بدعم الإرهاب هي “الرمثا” و “باب السلام” و “اليعربية”. ولأن معبر “باب الهوى” استغل لتحقيق غاية دعم الإرهاب كان لا بد من استكمال خوض معركة إغلاقه أو إجبار واشنطن والغرب على قبول وضع آليات موازية تتيح التحقق من المراقبة والمتابعة المستمرة والدقيقة للتنفيذ. وللمواد التي يتم إدخالها.

واشنطن والغرب. برفض التعديلات، وبرفض المشروع الروسي، قد افتضح أمرها مرة واحدة، وكذلك الأمم المتحدة التي كانت شاهد زور فشلت بأداء واجبها في إدخال المواد والمساعدات. وكانت تستجيب لواشنطن وتخضع لها بالتوقف عند حدود الإدخال. ووضع المواد – التي لا تعرف ربما عنها شيئا – بين أيدي التنظيمات الإرهابية.

المندوبة الأميركية في مجلس الأمن الدولي ثبتت الفضيحة في تصريحاتها التي أعقبت إنتهاء جلسة مجلس الأمن بالفيتو الروسي. حيث هاجمت موسكو واتهمتها بعدم المهنية في المفاوضات التي سبقت الجلسة. ولم تكتف بذلك، بل ذهبت لتهديد السوريين بجعلهم يدفعون الثمن لموقف موسكو. مؤكدة أن واشنطن ستواصل البحث عن اليات لإدخال المساعدات لارهابييها في إدلب، أي أنها ستدفع الوضع لمزيد من التوتر الذي قد يترتب عليه خوض مواجهات مباشرة. إذا وقعت، فإنها ستطوي ربما صفحة الإرهاب في إدلب، أو تشعل حرباً يهدد نظام أردوغان بإشعالها تحت مزاعم إقامة “المنطقة الآمنة”!!.

ما الآليات التي ستبحث عنها الولايات المتحدة لمواصلة إدخال المساعدات لارهابييها؟ هل الإدخال المباشر عبر الحدود مع تركيا من خارج أي توافق وخلافاً لأي تفاهمات. هو ما تقصده؟ .. بإمكانها فعل ذلك، وهي تقوم بذلك في منطقة التنف لدعم الدواعش وقواتها المحتلة. والميليشيات الانفصالية، لكنها إذا ما قامت بذلك لدعم الإرهابيين في إدلب، فيجب عليها أن تستعد مع أنقرة لتطورات أخرى. فتمرير السلاح بعد الفيتو استغلالاً للعناوين الإنسانية إنما هو انحراف لن يمر.

إن ما بعد الفيتو الذي أسقط التمديد لآليات القرار ٢٥٨٥ ليس كما قبله. وإذا كانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والنروج وايرلندا ومجموعة الدول الغربية الداعمة للإرهاب تعتقد أن شيئا لم يتغير. فستكون مخطئة في حساباتها وتقديراتها، ذلك أن جولة التسييس قد انتهت. وذلك أن حملة استغلال العناوين الإنسانية التي افتضحت غاياتها لم يبق منها إلا التناقضات التي يضاعفها الإصرار على التمديد بمقابل الإبقاء. على العقوبات الظالمة والمجاهرة بمحاصرة كل مساهمة دولية بعملية إعادة الإعمار والتنمية في سورية.

علي نصر الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى