مقالات

الأمم المتحدة.. شاهد زور على عذابات السوريين

الأمم المتحدة.. شاهد زور على عذابات السوريين

 

تستفيق الأمم المتحدة في كل مرة تريد فيها الولايات المتحدة والدول الغربية أن تمارس طقوس “الإنسانية الزائفة” على العالم، لتعلن أرقاماً مهولة عن الجياع في سورية وتدعو الدول الغنية (الغربية) لحشد المساعدات الإنسانية لرفع الجوع عن السوريين المصابين بداء الحروب والفوضى والإرهاب!!

تريد الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية تمديد مفعول قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2585 لتمرير “المساعدات الإنسانية” من معبر باب الهوى على الحدود السورية – التركية، فتحضر الأمم المتحدة ممثلة بأمينها العالم أنطونيو غوتيريش معلناً أمام أعضاء المجلس أرقاماً مهولة عن السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر ويحتاجون لمساعدات إنسانية عاجلة داخل البلاد وفي مخيمات اللجوء لتأكيد ضرورة تمديد العمل بالقرار!!

لقد أفصح غوتيريش عن أن 90 في المائة من السوريين يعيشون حالياً تحت خط الفقر، أي ما يقارب 14.6 مليون شخص يحتاجون للمساعدات الإنسانية منهم 12 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي حسب أرقام المنظمة الدولية التي تشير إلى أن الوضع الإنساني في سورية “لا يزال مزرياً بالنسبة لملايين الأطفال والنساء والرجال في كل أنحاء البلاد” وأن احتياجات السوريين هي في أعلى مستوياتها منذ بداية الحرب قبل 11 عاماً.

الأمين العام للأمم المتحدة أشار إلى تداعي البنية التحتية وتراجع النشاط الاقتصادي إلى النصف خلال عقد من الحرب والعقوبات ووباء كورونا، لكن كلامه تجاهل أي مطالبة برفع العقوبات الغربية المفروضة على السوريين، ولم يتضمن أي دعوة لوقف الحصار وإنهاء الاحتلال الأمريكي والتركي الذي يشكل السبب المباشر لتدهور أوضاع السوريين وتهجيرهم وتحويلهم إلى محتاجين للمساعدات بعد أن كانوا من مصدريها.

الأمم المتحدة ومعها العديد من دول العالم تعلم جيداً أن الاحتلال الأمريكي والتركي ودعمهم للإرهابيين هو السبب في تخريب الزراعة والصناعة وانعدام الأمن الغذائي لنحو 90 بالمائة من السوريين، ويعلمون أن سرقة واشنطن لنفط السوريين وغازهم وقمحهم هو السبب في استمرار انعدام الأمن الغذائي في سورية، ولكن المنظمة الدولية لا ترفع صوتها مطالبة بوقف ذلك بل تكتفي بالمناشدة لتقديم المساعدات الإنسانية.!!

ما يدعم قولنا هو تساوق الكلام الأممي مع كلام مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن السفيرة “ليندا توماس غرينفيلد” التي فاضت إنسانية لم تستطع جنبات المجلس أن تستوعبها ولا عقولنا الصغيرة كذلك، في “الحاجة الملحة” لتمديد مفعول القرار 2585.

قد يستغرب القارئ أن يكون الكلام التالي للسفيرة الأمريكية.. “هذه فرصتنا للارتقاء إلى مستوى المثل العليا لميثاق الأمم المتحدة. هذه فرصتنا لمواصلة تقديم المساعدات لتحقيق الحياة أو الموت للشعب السوري”. اعتقد أن ما يصح من قولها فقط الجملة الأخيرة، فالولايات المتحدة التي تحتل أرض السوريين وتسرق ثرواتهم وتحاصرهم وتمنع عنهم استيراد الوقود والغذاء والدواء، لا تجلب لهم سوى الموت والدمار.

سفيرة واشنطن في مجلس الأمن الدولي لا ترى من السوريين سوى من هم في مناطق الاحتلال التركي والأمريكي، فبالرغم من أن الأمين العام تحدث عن 12 مليون سوري بحاجة للمساعدات، فلم تتحدث “غرينفيلد” سوى عن أربعة ملايين شخص في شمال غرب سورية حاليا يحتاجون للمساعدات الإنسانية، أي من هم تحت سيطرة الإرهابيين والاحتلال التركي.

الكل يعلم أن سبب أزمة الغذاء والوقود في سورية هو الاحتلال الأمريكي والحصار الذي تفرضه واشنطن على سورية، وهذا ما عبر عنه نائب المندوب الروسي في مجلس الأمن عندما قال “من المؤسف أن التقارير، مرة أخرى، لا تُلقي المسؤولية عن حدوث ذلك على عاتق الولايات المتحدة الأمريكية”. ليس فقط بسبب العقوبات أحادية الجانب، ولكن أيضا بسبب احتلالها المستمر لشمال شرق البلاد.

اقرأ أيضاً: بحسابات انتخابية وسياسية.. أردوغان يعيد نشر حثالاته ويهيء الأرض لمشروعه

إن استعادة السوريين لأمنهم الغذائي بسيط جداً، ويتوقف فقط على وقف الإرهاب الاقتصادي والعقاب الجماعي المتمثل بالحصار الغربي الجائر الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على الشعب السوري، والتي تمثل عقبة أمام أي جهود تحسين الوضع الإنساني للسوريين.

السوريون لا يريدون من العالم أن يعطف عليهم ويقدم لهم المساعدات الإنسانية، فقط يريدون من الدول الغربية الاستعمارية التوقف عن دعم الإرهابيين وإنهاء احتلال أرضهم ورفع الحصار عنهم، وعندها فقط يستطيعون خلال عام واحد استعادة أمنهم واستقرارهم وتحقيق أمنهم الغذائي من خيرات بلادهم دون منّة من أحد.

وعندما تستطيع الأمم المتحدة ومجلس الأمن أن تساعدهم في ذلك، تتحول من شاهد زور على عذابات السوريين، إلى مدافع حقيقي عن حقهم في الحرية والحياة وفي استعادة عافيتهم وقوتهم التي عرفوا بها على مدى السنين.

  عبد الرحيم أحمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى