مشوار الألف ميل لا يعترف بالمستحيل.. سيدة من اللاذقية تدخل الجامعة في عامها الـ 55
كثيرة هي الأمنيات الكامنة في نفوسنا، ولكن قليل منا من يسعى لتحقيقها، كيف وإن كانت حلماً طال انتظاره، وحان الوقت للإمساك به بعد طول غياب!!، فرغبتها الجامحة للمنافسة رغم ظروفها الصعبة كانت الأقوى من أن يمنعها عمرها من الوصول لمبتغاها، الذي تأخر منذ لحظة ارتباطها، لحين إقدامها على المثابرة من جديد بجد واجتهاد رغم غيابها سنين طوال عن مقاعد الدراسة.
انقطاع مبكر
وأمام ما تعيشه الكثير من المجتمعات العربية من تقاليد وسلوكيات ترجمها اللجوء لتزويج فتياتهن بعمر مبكر، كانت “فاطمة دباغ” ذات الـ 55 عاماً من اللاذقية، نموذجاً لإحدى هذه الثقافة، فغدت أماً لثلاثة أولاد، بعد زواجها بعمر الثالثة عشرة، إلا أن ما عاشته ولازمها لسنين طويلة لم يقتل بداخلها الرغبة في التعلم، مترجمة حبها له في تعليم أبنائها أولاً، ومساعدتهم لقطع شوط كبير في ميدان الدراسة، ليبقى لها فيما بعد حرية التصرف في وقتها الطويل الذي بات سمته الوحيدة الفراغ القاتل على حد تعبيرها.
حبها للعمل والانتاج بمختلف أنواعه دفعها لخيار بات مقصدها الأول، لا سيما وأنها كانت مثالاً لحب العلم والعمل ضمن محيطها، ومن خلال حديثنا معها عن شعورها الأول في بداية هذه المغامرة وصفت لنا البدايات بقولها: “شاهدت حفيدي في العام الماضي في أجواء الدراسة السنوية، ما دفعني لتحفيز والدته على إتمام تعليمها، وهذا ما حصل بالفعل”، لم يغادر هذا المشهد ذاكرة فاطمة، بل كان دافعاً أكبر لإقدامها على الدراسة، في وقت راودتها بعض الأفكار عن السبب الكامن وراء وقوفها دون الاندفاع لهذا الخيار أيضاً!!.
التطبيق العملي
هنا كان لا بد من البدء ووضع حجر الأساس لدى “فاطمة”، قاصدة في اليوم التالي دائرة الامتحانات لتقديم طلب رسمي، معلنةً بدء مشوار الألف ميل بخطوة، بعد انقطاع دام 40 سنة عن الدراسة، ومتوجة نجاحها بالتميز وتحقيق درجة عليا ضمن امتحان الشهادة الإعدادية.
طموح أكبر
فرحة النجاح لا توصف، لسان حال “فاطمة دباغ” التي لم تقف أمام هذه المرحلة فقط، بل جعلت منها تمهيداً لما هو أفضل وبما يرقى بطموحها كأنثى.
“قررت إتمام مشواري الدراسي، وعيناي تتجهان نحو الشهادة الثانوية، فتقدمت لامتحان السبر الترشيحي”، وهنا أخذت فاطمة قرارها في الاستمرارية وخوض غمار هذه التجربة، بعزيمة وإرادة مسبقة على النجاح، إلا أن كل ذلك فرض عليها الانفراد بنفسها، والبعد عن محيطها، ومن ثم التفرغ للدراسة لمدة حوالي 10 ساعات يومياً، واصفةً هذه الأيام بالعصيبة جداً، إلا أن فرحة التفوق للمرة الثانية كانت أجمل.
نعم، بالإرادة والتصميم يستطيع المرء تحقيق المستحيل، هذا ما ختمت به “فاطمة دباغ” حديثها عن قصة نجاحها، التي فاضت معها مشاعر السعادة والفخر بدخولها قسم الأدب العربي في الجامعة، داعيةً جميع النساء للمثابرة والعودة من جديد لميدان التعليم والتعلم، وعدم الرضوخ للظروف وإن كانت صعبة.
زياد علي سعيد – كليك نيوز
اقرأ أيضًا: في شهرها السابع وتساعده بتصليح أفران الغاز.. زينب وفادي نموذج الكفاح المشترك