ماذا يشتري المواطن براتب الـ 150 ألف ليرة؟
ماذا يشتري المواطن براتب الـ 150 ألف ليرة؟
بات الحديث عن غلاء الأسعار في سورية مكرراً على مسامع الناس في الشوارع، وعلى صفحات وسائل التواصل الإجتماعي، ومقدمة نشرات الأخبار المحلية.
ورغم زيادة الحد الأدنى للأجور في البلاد الاخيرة، لتصبح ما يقارب 30 دولاراً في أفضل الحالات، إلا أنها لم تسعف هذه الغالبية العظمى من المواطنين بتحسين وضع معيشتهم، وتجاوز الأيام الأولى من الشهر دون أن تتبخر الآلاف وراء بعضها.
والمضحك المبكي في الوضع الراهن، أن الموظف الذي بحث قبل الحرب في كل السبل مع إقحام “الواسطات” لتأمين وظيفة حكومية، أصبح يتبع السبل نفسها لكن بطريق عكسي نحو الاستقالة.
وشهدت الأشهر القليلة الماضية من العام الحالي مع الأزمة الاقتصادية المتجهة للاستمرار زيادةً كبيرة يمكن وصفها “بالمخيفة” في أعداد الموظفين الراغبين في الاستقالة، مع خطر إفراغ المؤسسات الحكومية.
وللمرة الأولى في تاريخ البلاد، بلغ التضخم معدلات غير مسبوقة تخطى معها سعر صرف الدولار الواحد حاجز 5 آلاف ليرة، وانعكاس ذلك على تسعير كل ما في الأسواق.
وتراجعت القيمة الشرائية لراتب الموظف السوري، رغم الزيادة كون ذلك ترافق مع رفع أسعار المحروقات 3 أضعاف، إضافة إلى معظم المنتجات الغذائية والأساسية.
ولشرح ما نتحدث عنه وهو ضعف القوة الشرائية لراتب الموظف، ولنعرض ماذا يمكنه أن يشتري بـ 150الف ليرة؟ قامت “كليك نيوز” بجولة في أسواق مدينة حمص، لرصد حركة البيع والشراء، وحصلنا على نتيجة يمكن تعميمها على بقية المحافظات، رغم هوامش الزيادة أو النقصان.
بعملية حسابية بسيطة للراتب مقارنة مع سعر بعض المواد واللوازم الأساسية، فإن 150 ألف ليرة تشتري 10 لتر زيت نباتي، أو 4 كيلو لحمة، وطردين من المتة، وعدة علب حليب الأطفال.
أما الخضراوات، والتي بات معظم المواطنين يشترونها “بالحبّة” ارتفعت أسعارها بشكل جنوني، ووفقاً لنشرة أسعار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي تبقى حبراً على ورق كاتبيها، وصل سعر كيلو البندورة نوع أول إلى 1800، وسعر كيلو البصل الفرنسي نوع أول 2400، وبلغ سعر كيلو البطاطا نوع أول 2300.
وكيلو الزهرة نوع أول 1500 ليرة، وسعر كيلو ملفوف افرنجي نوع أول 600 ليرة، وسعر كيلو كوسا نوع أول 2600، وسعر كيلو الخيار نوع أول 3000 ليرة، وسعر كيلو البصل الحد اليابس 2500 نوع أول، سعر كيلو الباذنجان الحموي نوع أول 850 ليرة.
وبلغ سعر كيلو البرتقال أبو صرة نوع أول 2400، وسعر كيلو الجزر نوع أول 1400 ليرة، سعر كيلو كرمنتينا فرنسية نوع أول 1200، سعر كيلو التفاح الأحمر والأصفر نوع أول 2400، سعر كيلو رمان نوع أول 2700ليرة.
بالانتقال إلى الألبسة التي اقتصر شراءها على الحدود الدنيا لمعظم المواطنين، فإن راتبك قد يكفيك لشراء حذائين من النوعية الجيدة، أو 5 من النوعية الرديئة أو الأقل جودة، أو بدلاً كاملاً من اللباس من النوعية المتوسطة.
وإن انتهت صلاحية بطارية المنزل، فإن راتبه كاملاً لا يشتري بطارية بسعة 35 أمبير التي تعد أصغر الأنواع المستخدمة في المنازل للإنارة عبر “الليدات” كأضعف الإيمان.
وإذا ما توجهنا إلى العقارات، الآخذة في بالإرتفاع دون وجود أي معيار لتحديد أجرتها شهرياً، فلا يمكنك براتب يبلغ 150 ألف أن تستأجر لك منزلاً إلا في ضواحي مدينة حمص على سبيل المثال، أو في الأحياء الشعبية البعيدة عن مركز المدينة كالضاحية وحي الورود.
وأما شراء شقة، فذلك بالحلم الجميل صعب المنال، حيث أنك كموظف يجب عليك توفير راتبك كاملاًّ لمدة 6 سنوات كي تمتلك شقة في ضواحي المدينة وبمساحة لا تتجاوز 75 متراً.
تكنولوجياً، تتضح هشاشة الراتب أكثر، حيث أنه لا يكفيك شراء جهاز مستعمل من فئة “الغالكسي” “غراند برايم”، أو هواتف الشركات الأخرى التي لا تزيد ذاكرتها عن 8 غيغا فقط.
أما في حال الهواتف الجديدة، فعليك إخفاء راتبك كاملاً لعام كامل حتى تستطيع شراء جوال جديد ذو مواصفات متوسطة، مع ظهور عامل الجمركة الجديد، الذي أرهق كاهل المواطنين ودفعهم للجوء نحو الهواتف المهربة.
دخانك أيضاً يحتاج لميزانية كبيرة من راتبك الضئيل، حيث أن لن يشتري لك أكثر من 4 كروزات دخان من الفئة المتوسطة طبعاً، والأمر ذاته يندرج على الدخان العربي الذي ارتفعت أسعاره بشكل كبير، ما جعل البعض يشتري بالأوقية.
والجدير بالذكر أن ما تم تناوله من أسعار، لا يشمل مصاريف إضافية يومية، كالمواصلات وفواتير الماء والكهرباء والدواء وغيرها.
وكانت ظهرت عدة دراسات اقتصادية تؤكد أن أسرة مكونة من 5 أشخاص تحتاج مالا يقل عن مليون ونصف ليرة للعيش بالحدود المقبولة.
والأهم من أي دراسة اقتصادية هو إيجاد حل من قبل المعنيين في الفريق الحكومي لضبط فلتان الأسواق، والتسعير الكيفي على مزاج التجار الكبار، وانعكاس ذلك على تسعيرة تاجر الجملة والمفرق، حيث أن المواطن وراتبه يبقون ضحايا هذا الواقع المرير.
عمار إبراهيم – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: “أصبحنا نشتري الخضار بالقطعة”.. من يضع حداً لـ “هيستريا الأسعار” اليومية؟