ماذا يحدث في الشمال السوري؟
ماذا يحدث في الشمال السوري؟
يواصل زعيم “هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة سابقاً” في إدلب، المدعو “أبو محمد الجولاني”، لملمة الانقلاب الداخلي في صفوفه بعد هروب قيادي بارز جديد لديه وتهديده بكشف أسرار “الهيئة”.
وذكرت مصادر محلية، لصحيفة “الأخبار اللبنانية”، أنه لم تنجح محاولات “الجولاني”، لملمة أوراقه، بعد انشقاق أحد أبرز معاونيه وهروبه إلى ريف حلب، إذ حالت قوّة تركيّة دون القبض على المسؤول المالي في “الهيئة”، المدعو “جهاد عيسى الشيخ”، الملقب “أبو أحمد زكور”، أثناء عملية نقله من إعزاز، حيث كان يختبئ، إلى إدلب.
وذكرت المصادر، أنه وبعد أن تمكّن مسلّحون تابعون لـ “الجولاني” من القبض على “الشيخ” إثر مواجهات استمرّت بضع ساعات، استطاع خلالها المسلحون اقتحام مزرعة على أطراف إعزاز قرب الحدود التركية كان يقيم فيها “زكور”، تدخّلت قوّة عسكرية وأمنية تركية، وأنزلت الرجل من سيارة كانت تنقله، ووجّهته إلى تركيا.
اقرأ أيضاً: “النصرة” تقتحم أعزاز بحثاً عن “أحد قيادييها المنشقين”.. إصابات بين المدنيين نتيجة الاشتباكات
وبحسب المصادر، قبل اعتقال “زكور”، ونقله إلى تركيا، نشرت مواقع ومنصّات معارضة، تسجيلات صوتية له تفضح بعض أسرار “الجولاني”.
ووفق المصادر، كشف “زكور” في أحد التسجيلات، أن التفجير الانتحاري الذي وقع في منطقة أطمة الحدودية مع تركيا عام 2017، والذي أودى بحياة العشرات من مقاتلي الفصائل نفّذته “الهيئة”، وليس تنظيم “داعش” الذي تبنّى الهجوم حينها.
كما كشفت التسجيلات، قيام “تحرير الشام” بتنفيذ عشرات الهجمات الانتحارية على مواقع كانت تسيطر عليها “حركة نور الدين الزنكي” المعارضة في ريف حلب الغربي، والتي أودت بحياة نحو 70 مسلحا في “الحركة”.
ولفت “الشيخ زكور”، في التسجيلات، إلى أن زعيم “الهيئة” يتواصل بشكل يومي مع الاستخبارات البريطانية والأميركية ويتفاخر بذلك، إذ قدّم الجولاني معلومات تمكّنت عبرها واشنطن من تنفيذ هجمات على مقاتلين تابعين لما يعرف باسم “جماعة خراسان”، والتي تمّت تصفيتها في إدلب، بالإضافة إلى معلومات عن المقاتلين غير السوريين الموجودين في “تحرير الشام”، خلافاً لما يحاول الجولاني إشاعته حول وجود خلية كانت تقوم بتسريب هذه المعلومات من دون علمه.
اقرأ أيضاً: بعد هروب مسؤولها المالي.. “الجولاني” يخشى كشف أسرار تنظيمه
وبحسب ما ذكرت مصادر الصحيفة اللبنانية، فإن هذه التسجيلات تكشف عن حجم الشرخ الموجود في “تحرير الشام”، وتعدّد الأطراف التي تتعامل مع الاستخبارات الغربية، وسط محاولة الجولاني الاستئثار بتلك العلاقات، لافتة إلى أن اكتشاف الخلية التي شنّ على إثرها زعيم “الهيئة” حملة الانقلاب الداخلية تمّ بعد تلقّيه معلومات استخباراتية من إحدى الدول، “يقال إن مصدرها الاستخبارات التركية”، في وقت يقول فيه معارضو “الهيئة” إن مصدرها فرنسي.
وتكشف التطورات الميدانية، في الساعات الماضية، وعلى رأسها تمكّن “جماعة الجولاني” من اقتحام معاقل الفصائل في ريف حلب والقبض على “الشيخ” الذي كان يحتمي فيها، حجم السيطرة التي بات يتمتّع بها رجل “القاعدة” السابق في ريف حلب، والتي وصلت إلى هذه الدرجة نتيجة جهود الشيخ نفسه.
وأضافت المصادر، أن “الجولاني”، في حال تجاوز أزمته الداخلية التي تعصف به في الوقت الحالي، بات على أبواب التهام كامل ريف حلب الشمالي، وهي خطوة، إن تمّت، لا تتعارض مع رغبة تركيا في توحيد هذه المناطق، خصوصاً أن أنقرة أبدت، أكثر من مرة، إعجابها بنموذج “تحرير الشام” الذي يعتمد على التمويل الذاتي، ولا يكلّفها أيّ مدفوعات مثل تلك التي تطلبها الفصائل.
اقرأ أيضاً: عودة الانقلابات الداخلية إلى صفوف “النصرة”.. هروب “المسؤول المالي” إلى جهة مجهولة
وقالت المصادر، ما يؤكد ذلك تدخل تركيا التي نقلت “الشيخ” للتحقيق معه في سجونها، علماً أنه مدرج ضمن قائمة عقوبات تركية – أميركية مشتركة بتهم تتعلّق بدعم “الإرهاب”، فضلاً عن أنه أصبح، في الآونة الأخيرة، أحد أبرز الأصوات المزعجة لأنقرة، حيث انتقد مواقفها بشكل علني، واتّهم أجهزتها الأمنية بالغدر والعمالة.
وتابعت المصادر، تفتح التطوّرات الأخيرة الباب أمام سيناريوات عديدة يواجهها “الجولاني”، من بينها تفكيك “هيئته” في حال اكتشاف تركيا، أثناء التحقيق مع “الشيخ”، وجود مشاريع مناوئة لها، في ظلّ الاختراقات الغربية الكبيرة لها.
أو مساعدته في إنهاء جميع خصومه الداخليين وإحكام قبضته بعد التأكد من موثوقيته ومن طاعته المطلقة، فضلاً عن سيناريوات أخرى عنوانها اندلاع مواجهات عسكرية داخلية في صفوف “تحرير الشام” قد تتوسّع لتشعل الشمال كاملاً، وهو ما لا تريده تركيا في الوقت الحالي.
وكان “زعيم الهيئة” المدعو “أبو محمد الجولاني”، أرسل عشرات من مسلحيه المدججين بالسلاح والعتاد إلى أعزاز برف حلب، لاعتقاله “زكور”، بعد وصول معلومات له تفيد بوجوده هناك، حيث شهدت المدينة، اشتباكات عنيفة بين مسلحي “الهيئة” ومسلحي “فصائل أنقرة”، أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين.
يذكر أن ما يسمى “المسؤول المالي في الهيئة”، المدعو “جهاد عيسى الشيخ – أبو أحمد زكور”، هرب قبل أيام إلى أعزاز بريف حلب ومن ثم إلى تركيا، وأصدر بياناً أكد خروجه من “تحرير الشام”، بسبب سيطرة وهيمنة “الهيئة” على الفصائل، وتوجيه التهم إلى كل من يخالف سياستها، بالإضافة إلى عمليات الاعتقال والخطف من دون التنسيق مع أي جهة.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع