مقالات

قمة طهران.. الهوامش الواسعة

قمة طهران.. الهوامش الواسعة

 

إذا كانت مناسبة انعقاد قمة طهران الثلاثية التي جمعت الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام التركي رجب أردوغان، هي عملية أستانا الخاصة بالدول الضامنة – هي القمة السابعة منذ انطلاقة مسار أستانا ٢٠١٧ .

فإن القمة انطوت على ما هو أبعد من أستانا إن لجهة الهوامش الواسعة التي رسمتها في السياسة الدولية والإقليمية أم لجهة الرد باللقاءات الثنائية الروسية الإيرانية على زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى جدة وتل أبيب.

قبل أسابيع قليلة، وفي ظل الصراع الدولي المحتدم كان هناك مناسبات أخرى عكست جوانب الصراع الدولي، قمة مقابل قمة، عشق أباد بحر قزوين بمقابل الناتو والدول السبع، واليوم طهران بمقابل جدة وتل أبيب، والقادمات منها ستحصي الكثير من المفردات المتداولة وقد تكون مذخرة بمفردات لم يسبق أن جرى تداولها.

قمة طهران الثلاثية ربما لم تكن تقليدية فيما خص الملف السوري “مسار أستانا” إلا في بيانها الختامي المشترك لجهة تأكيده على وحدة الأراضي السورية، ورفض الدعوات الانفصالية، ومحاربة الإرهاب، ورفض العقوبات المفروضة على سورية.

اقرأ أيضاً: السيد خامنئي لأردوغان: أي هجوم على سورية سيأتي بالضرر لتركيا ويكون في صالح الإرهابيين

وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية، وضمان العودة الآمنة للمهجرين، ذلك أن التهديد التركي بشن عدوان عسكري واسع في الشمال السوري بقي المحور الأهم قيد الاهتمام الإيراني الروسي كحليفين لسورية وجه كل منهما تحذيراته لأنقرة بطريقته.

التي تراوحت بين الرفض القاطع والحازم وبين بيان المخاطر التي تضيف تعقيدات كثيرة ولا تحل مشكلة من المشكلات القائمة والعالقة التي لا حل لها إلا بالحوار وبالعودة للاتفاقيات الموقعة، وليبقى انتشار الجيش العربي السوري في المنطقة الحدودية السورية التركية الضمان المؤكد الذي يحفظ الأمن والاستقرار للجانبين ويبدد كل المخططات الأخرى.

الموقف الإيراني الحازم الذي تبلغه أردوغان مباشرة برفض أي إجراء أو عمل عسكري داخل الأراضي السورية لا شك أنه قلص هوامش أنقرة وتهديداتها، وإذا ما أضيف إلى ذلك الموقف الروسي الواضح والذي يأتي في ذروة الاشتباك مع الغرب والناتو في أوكرانيا ووسط تداعيات الحرب فيها.

فإن التهديدات التركية إما أن تطوى وتصبح من الماضي أو أن يمضي بها أردوغان متنصلا كعادته من كل التفاهمات الحالية والسابقة التي تعهد بها في ختام جولات أستانا وسوتشي منذ ٢٠١٧.

اقرأ أيضاً: قمة طهران.. الالتزام بسيادة سورية ووحدة أراضيها

وبالتالي عليه أن يتحمل تبعاتها في توقيت داخلي حرج بسبب وقوفه على عتبة الاستحقاقات الانتخابية المصيرية، وفي توقيت دولي بالغ الحساسية لأسباب تتعلق بالحرب الدائرة بين الغرب وروسيا.

صحيح أن أردوغان تبلغ الرسائل والتحذيرات السورية الإيرانية الروسية، وصحيح أنه كان في قلب قمة طهران وجزءا منها وشاهدا على الهوامش الواسعة التي رسمتها، وكان أحد الجوانب المهمة لهذه الهوامش توقيع الاتفاقيات الاقتصادية والاستراتيجية الثنائية الروسية الإيرانية، والتركية الإيرانية.

قمة طهران
قمة طهران

لكن الصحيح أيضاً أنه العضو في الناتو والشريك لأميركا، والمراوغ في علاقته مع الجميع من إسرائيل إلى الخليج، ومن روسيا إلى أميركا، هو الأمر الذي ينزع عنه كل مصداقية ويبقي الحالة مفتوحة على كل الاحتمالات التي قد ترجح فيها احتمالات الانزلاق لارتكاب حماقة العدوان الذي يندفع له ليكون ربما آخر حماقاته.

المبادرة الإيرانية المدعومة روسيا بتقليص مساحات المواجهة ونزع فتيل التفجير، وسعيا لصنع حالة تحفظ الأمن والاستقرار على الحدود السورية التركية، ستبقى المحك الحقيقي والاختبار العملي للنظام التركي المطالب بالتخلي عن أوهامه العثمانية، والمدعو للانسحاب من المشروع الأميركي، والذي عليه أن يلتقط الفرصة المتاحة وأن يفهم بأن اتفاقية الغاز التي وقعها مع طهران هي واحدة من طيف الهوامش الواسعة ومرتسماتها التي قد تكون طوق النجاة له في الوقت العصيب الذي يمر به.

كليك نيوز – علي نصر الله 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى