عمل الأزواج في مكان واحد بين السلب والإيجاب.. ماذا يقول أهل الاختصاص في ذلك؟
نصادف في الحياة اليومية، الكثير من الأزواج الذين يعملون سوية في نفس المكان أو المؤسسة، هذا الأمر قد يبدو للبعض أمراً رومنسياً، فيما يرى العديد من الأزواج أنه قد يتسبب في العديد من المشاكل.
وتقول إحدى السيدات التي تعمل مع زوجها في المكان نفسه، للوهلة الأولى يبدو الأمر ممتعاً، وقد يفرح كل اثنين أو ربما يكونان محسودين على فرصة التواجد معاً أطول وقت ممكن، وربما يتمنى أي اثنين لو كانا مكانهما؛ حيث إنّ العمل مع الأزواج في المكان نفسه يسوده جو من الألفة والاحترام.
وتشير السيدة وفق ما نقلت صحيفة “تشرين”، إلى أنّها واحدة من النساء اللواتي يرفضن بشدة أن يعملن مع أزواجهنّ في المكان نفسه، لعدة أسباب أهمها، أنّ الأمر سيكون مملاً، أي روتين في المنزل والعمل، إضافة إلى أني لو كنت في المكان نفسه سأفتح على نفسي باب الثرثرة والتدخل في خصوصياتي، خاصّة أنني أخشى أن تنتقل الخلافات المنزلية إلى العمل.
اقرأ أيضاً: شارع الخراب.. متنفس أهالي مدينة حمص وملجأهم من لهيب الأسعار
ويقول مدرّس شاب يدرّس مع زوجته في المدرسة نفسها، لا يعرف الكثيرون طبيعة علاقتنا لأنها رسمية جداً، أناديها آنسة حنان وتناديني أستاذ عامر، وقلّما يحصل بيننا احتكاك في قاعة المدرسين، ويشير إلى أنّه ليس من المعيب أن تعمل معي زوجتي في المكان نفسه، ولكن كما تعلمون نحن في مجتمع لا يحترم الخصوصيات، ولا حتى العلاقات الاجتماعية لذلك سوف أستقيل بمجرد أن أجد البديل مكاني لأنني لا أريد أن تتأثر علاقتي بزوجتي أو بأبنائي، فنحن متفاهمان على أساس أنّ أمور العمل في المدرسة وأمور الأبناء والأسرة في المنزل، وبمجرد خروجنا من باب المدرسة نضع كل أمورها جانباً من دون الحديث عنها لليوم التالي.
وفي هذا السياق، ترى اختصاصية الصحة النفسية الدكتورة “غنى نجاتي”، أن وجود الشريكين في بيئة العمل نفسها لها أوجه إيجابية وسلبية.
وأضافت لصحيفة “تشرين” من التأثيرات الإيجابية أنه تصبح لديهم ذكريات مشتركة وتقدير لتعب بعضهم بعضاً وأصدقاء مشتركون وتوافر المواصلات في حال كانت لديهم وسيلة نقل فلا يضطر الزوج في الذهاب لأكثر من منطقة.
أما التأثيرات السلبية، بحسب “نجاتي”، فقد يصبح لدى الشخص حالة ملل نتيجة وجودهما في المنزل والعمل.
من جانبها، رأت الباحثة الاجتماعية “أسمهان زهيرة” أن تواجد الأزواج في بيئة العمل نفسها نقطة حساسة للكثيرين، والبعض يعدّها إيجابياً من خلال تفهمهم لمتطلبات الوظيفة؛ حيث يمكن أن يساعد أحدهما الآخر في الصعود إلى السلم الوظيفي، الأمر الذي يسهم في الإحساس بالآخر عندما يتأخر عن العمل مثلاً أو عندما يترافق عمله بظروف صعبة؛ وكذلك بالتقليل من الإحساس بالذنب عندما تزداد متطلبات العمل.
وأضافت في المقابل يرى آخرون، أن هذا الأمر هو زيادة في الروتين، ومزيداً من الملل وعدم وجود فرصة للجلوس مع بعضهم؛ إضافة إلى الاستياء والمنافسة غير الصحية في العلاقة بينهما في حال ارتقاء أحدهما من دون الآخر أو عندما تتوافر فرصة تعوق المسيرة المهنية للآخر؛ وقد يترافق لدى البعض إحساس بالاعتماد على الآخر بشكل مفرط.
وعن المشاعر السلبية، بيّنت “زهيرة”، أنّها حاضرة في العلاقات الزوجية، وخاصة في حال عدم تساوي الراتب؛ وعندما يتعلق الأمر بالمقارنة بالنجاحات المالية فيكون الشجار المتكرر سيد الموقف.
وأضافت “زهيرة” كما يعد التنافس المفرط إيذاء المشاعر باستمرار، ويؤدي للغضب والتوتر والغيرة المهنية، وبالتالي المشاجرة المتكررة، والتنافس على حساب الأسرة، كما قد تنتقل الخلافات العائلية إلى العمل وتصبح الخصوصية متاحة لجميع المعارف.
وأضافت الباحثة الاجتماعية، أنه من الضروري الابتعاد قدر المستطاع عن تواجد الشريكين في بيئة العمل نفسها، لأن تواجدهما في المنزل والعمل يخلق جواً يسوده الضجر والملل، وقد تكون نتيجته الانفصال، أما إذا اضطرا للعمل معاً فلا بدّ من وجود حدود؛ زوج في المنزل؛ وزميل في العمل.
وأكدت أن معاناة الزملاء الأزواج أكثر من سعادتهم، فالقرب المفرط له تبعات تؤثر في الجوانب النفسية للطرفين، وبالتالي تتضرر العلاقة الزوجية والمهنية؛ لذا لابدّ من التفكير بكسر روتين الحياة كأن يجتمعان معاً بعيداً عن هموم العمل ومشاكله.
وما بين إيجابيات عمل الزوجين معاً وسلبياته، يبقى التفاهم ووعي الشريكين بأن علاقتهما المتينة تقف أمام أي صعاب تواجهها، ولن تزعزعها خلافات في مكان العمل الواحد أو غيرها.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع