“شغلنا ما عاد جاب همّو”.. سائقو السرافيس يشتكون عدم جدوى عملهم في ظل ارتفاع أجور الإصلاح
في الوقت الذي يشتكي فيه المواطنون بشكل دائم من ارتفاع أجور التكاسي وتحكّم أصحاب وسائل النقل العامة “السرافيس”، والاستغلال الكبير من قبلهم وعدم الالتزام بالتسعيرة المحددة، غير أن للسائقين وجهة نظر أخرى، فهم غير راضين أيضاً عن عملهم، “وماعاد جاب همو”، حسب قولهم.
حيث اشتكى العديد من مالكي وسائل النقل العامة “السرافيس– التكاسي”، حول عدم جدوى عملهم في هذه المهنة بالموازنة بين الدعم المقدم لهم من خلال الوقود والأجور المحددة، بالتوازي مع التكاليف المترتبة عليهم بين إصلاح وتكاليف محروقات خارج الدعم.
وأكد العديد من السائقين، لصحيفة “الوطن”، أن عملهم من دون مرابح بل على العكس تماماً، فما إن صدر قرار رفع أجور النقل زادت بالمقابل تكاليف الإصلاح وثمن المحروقات في السوق السوداء.
وبيّن سائق سيارة عمومي “سرفيس”، أن إصلاح السيارات معاناة مستمرة لكنها مضاعفة في سيارات النقل العامة مع تبدل الركاب وقياس حجم الكيلومترات التي تسيرها السيارة ما يزيد تعب محركها.
وأشار إلى أن أصغر عملية إصلاح للسيارة باتت تكلف بين 100 و150 ألف ليرة حسب نوع السيارة، إضافة لعمليات تبديل زيت المحرك المكلفة جداً، حيث يضطر سائق السيارة العامة لتبديله مرتين في الشهر بحسب نوع السيارة والمسافات التي تقطعها.
وأضاف السائق، وسطياً ثمن علبة الزيت المختومة “بيدون” 250 ألف ليرة، كما أن كل عملية غيار زيت للسيارة تتطلب تبديل “البواجي والمصفاية”، والجهات المعنية تحسب ثمن مخصصات الدعم فقط دون احتساب باقي التكاليف التي قد تصل أحياناً للملايين.
اقرأ أيضاً: 850 ألف طن توقعات إنتاج الحمضيات هذا العام.. مسؤول يقترح حلولاً لتأمين التسويق اللازم
وأكد السائق أن تنزيل محرك أي “سرفيس”، يتجاوز 12 مليون ليرة، دون احتساب أجور فني الميكانيك.
ولفت إلى أن أجور النقل غير منصفة ولا توازي حجم التكاليف أو تعب المهنة، مبيناً أن قلة قليلة فقط تلتزم بهذه التسعيرة والمواطن بات يعلم جيداً أنها غير منصفة، إضافة لعدم كفاية مخصصات الدعم واعتماد معظم مالكي سيارات النقل العامة على شراء المحروقات من خارج الدعم “حر”، وبأسعار جداً مرتفعة وغير ثابتة، وعليه تتم مضاعفة الأجرة وخاصة في الخطوط الطويلة والتي لا يتم فيها تبديل ركاب.
من جهته، بين سائق تكسي عمومي، للصحيفة نفسها، أنه تتم مشارطة الراكب على الأجرة، من دون العمل وفق العداد، لأن التسعيرة المحددة لا تضع بالحسبان باقي التكاليف.
وأوضح السائق، أن السيارة ليست فقط محروقات، فهناك أعطال كهرباء السيارة ودوزان وأعطال تسببها نوعية البنزين، وعليه فإن أصغر عطل بالدوزان يبدأ من 100 ألف ليرة، والحدادة أصغر عطل فيها يبدأ من 200 ألف ليرة، أما السيارة التي تحتاج إلى إصلاح كامل بالحدادة فالأمر يتطلب ملايين.
وأشار السائق إلى أن تكلفة إصلاح كل عطل مرتبطة بأسعار القطع، إضافة إلى أن أجور التركيب أو الإصلاح لا ضوابط عليها وهي تفوق نصف ثمن كل قطعة يتم إصلاحها أو تبديلها.
بدوره، بين رئيس الجمعية الحرفية لصيانة السيارات “يوسف جزائرلي”، أن لا علاقة لتغير الأسعار وارتفاعها أو انخفاضها بتعديل أجور النقل، كما أن أسعار إصلاح أعطال السيارات متغيرة ومختلفة بين محل وآخر ولا يمكن ضبطها أو تحديدها.
وأوضح “جزائرلي”، أن أسعار قطع التبديل لا علاقة للجمعية الحرفية بها، بل يتم تحديدها من غرفة التجارة وفق إجازات الاستيراد الخاصة بكل قطعة مع احتساب تكاليف النقل، ولكن ضمن مجمع إصلاح السيارات يتم تحديد الأسعار وفق ثمن القطعة وأجرة العامل، وهي متفاوتة حسب نظافة العمل ومهارة العامل.
ولفت “جزائرلي”، إلى أن تفاوت أجور الإصلاح أيضاً يعود لاختلاف مدفوعات كل محل عن الآخر من ناحية الإيجار والضرائب، فهناك فنيون يعملون في الطريق ولا يتكلفون بأجور أو ضرائب، حيث كانت سابقاً في (حوش بلاس) بحدود (700 – 800) ألف، واليوم باتت بحدود 4 ملايين وسطياً، كما أن مالكي السيارات يشتكون دوماً من ارتفاع أجور الإصلاح غير آخذين بعين الاعتبار أن الفني لا أجر محدداً له والتسعيرات بتغير دائم.
وأشار “جزائرلي” إلى الصعوبات الكبيرة التي تواجه المهنة وخاصة بالنسبة للضرائب المفروضة على الحرفيين، وصعوبة تأمين الكهرباء، إضافة إلى إيجارات المحال المرتفعة، وهذا كله ينعكس على أجور الإصلاح، والحرفي لن يخسر فيها بل يأخذ فرق الأسعار من أصحاب هذه السيارات فالأسعار لا يتم تعديلها رسمياً بل من قبل الفني نفسه.
وأمام هموم ومشاكل السائقين المستمرة، بقيت أزمة النقل على حالها، وظل المواطن وحده الحلقة الأضعف، والذي بات راتبه بالكاد يكفيه أجور النقل.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع