تمتد لأكثر من أربعة عقود.. زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق تترجم عمق العلاقات بين البلدين وتجذّرها
تمتد لأكثر من أربعة عقود.. زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق تترجم عمق العلاقات بين البلدين وتجذّرها
استقبل الرئيس بشار الأسد الأربعاء، الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي وصل إلى سورية على رأس وفد وزاري كبير في زيارة رسمية تستمر يومين.
وبحث الرئيسان الأسد ورئيسي، العلاقات الثنائية في مختلف المجالات وسبل تطويرها، كما تناولت المباحثات التطورات في منطقة الشرق الأوسط وانعكاس التغيرات العالمية على المنطقة، وتوحيد الجهود من أجل استثمار هذه التغيرات لصالح البلدين وشعوب المنطقة.
وقال الرئيس الأسد خلال المحادثات الموسعة مع الرئيس الإيراني إن “العلاقات السورية الإيرانية غنيّة بالمضمون، غنيّة بالتجارب وغنيّة بالرؤية التي كوّنتها، ولأنها كذلك كانت خلال الفترات العصيبة علاقة مستقرّة وثابتة بالرغم من العواصف الشديدة السياسية والأمنية التي ضربت منطقة الشرق الأوسط”.
وأضاف الرئيس الأسد، إن “العلاقات عريقة بين البلدين منذ أكثر من أربعة عقود، مشيراً إلى أن العواصف التي ضربت منطقة الشرق الأوسط، غيرت مفاهيم ونسفت أسس ودمرت دولاً، لكنها لم تتمكن من التأثير على الرؤية الثابتة المشتركة بين سورية وإيران للأحداث التي كانت تمر بها، كما أثبتت هذه الرؤية المشتركة أنها مستندة إلى أسس صحيحة وثابتة، كما أنها مستندة على قيم ومبادئ وعقائد، ومصالح الشعوب وسيادتها واستقلالها”.
وتابع الرئيس الأسد إن “العلاقات بين سورية وإيران بنيت على الوفاء، فعندما شنت حرب ظالمة ضد إيران عام 1980 لمدة ثماني سنوات، سورية لم تتردد بالوقوف إلى جانب إيران بالرغم من التهديدات والمغريات، وعندما شنت الحرب ضدّ سورية اثني عشر عاماً، لم تتردد إيران بالوقوف إلى جانب سورية، بالرغم من التهديدات والمغريات أيضاً، ولم تتردد في تقديم كل الدعم السياسي والاقتصادي، بل قدّمت دماءّ، فالدماء هي أغلى شيء يمكن أن يقدّمه الإنسان لأخيه الإنسان”.
وتابع الرئيس الأسد إن الرؤية المشتركة ميّزت بين الواقعية السياسية وبين المقامرة السياسية، قائلاً “سورية وإيران لم يقامروا في السياسة على الإطلاق، ولم يضعوا مصيرهم في يد الأجنبي، وإنما راهنوا على انتصار الحق في النهاية”، وأضاف الرئيس الأسد “سورية وإيران ربحوا الرهان”.
وقال الرئيس الأسد مخاطبا السيد رئيسي لكلّ “هذه الأسباب زيارتكم اليوم هامّة، وتنطلق أهميتها من عمق العلاقات بين البلدين، وهذا العمق المنطلق من الماضي والمتجه إلى الأمام بثقة وبثبات باتجاه المستقبل”، مضيفاً “أتمنى أن نتمكن في هذه الزيارة من تحقيق النتائج التي ترقى لمستوى طموحات الشعبين السوري والإيراني وتحقق مصالح البلدين”.
من جانبه، قال الرئيس رئيسي خلال اللقاء إن “سورية حكومة وشعباً اجتازت مصاعب كبيرة، واليوم نستطيع القول بأنكم قد عبرتم واجتزتم كل هذه المشاكل، وحققتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم”.
وكان الرئيس الإيراني، وصل صباح الأربعاء إلى مطار دمشق الدولي، يرافقه وفد وزاري سياسي واقتصادي كبير، واستقبل الرئيس بشار الأسد، الرئيس الإيـراني إبراهيم رئيسي، بمراسم استقبال رسمية في قصر الشعب، حيث عزف النشيدان الوطنيان للجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية، بعد ذلك جرى استعراض حرس الشرف، وصافح الرئيسان بشار الأسد وإبراهيم رئيسي أعضاء الوفدين الرسميين.
وعقب وصول السيّد إبراهيم رئيسي، وخلال توجهه من مطار دمشق الدولي إلى قصر الشعب للقاء الرئيس بشار الأسد، توقف موكبه في شوارع دمشق، ليترجل من سيارته ويسلم على حشود السوريين، الذين تجمعوا لاستقباله وتعبيراً عن حبهم وتقديرهم لهذه الزيارة الاستراتيجية.
وعقب المحادثات، وقع الرئيسان الأسد ورئيسي مذكرة التفاهم لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد بين البلدين.
كما وقع الرئيسان، مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الزراعي بين البلدين، بالإضافة إلى توقيع محضر اجتماع للتعاون في مجال السكك الحديدية بين سورية وإيران، وتوقيع مذكرة تفاهم بشأن الاعتراف المتبادل بالشهادات البحرية بين البلدين.
اقرأ أيضاً: زيارة تاريخية.. الرئيس الإيراني يحطّ في دمشق والرئيس الأسد يجري مراسم استقباله
ووقّع الرئيسان أيضاً، محضر اجتماع للطيران المدني بين سورية وإيران، ومذكرة تفاهم في مجال المناطق الحرة بين سورية وإيران، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال النفط بين سورية وإيران.
يذكر أن زيارة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي إلى دمشق، تصدرت عناوين الوسائل الإعلامية، نظراً لأهميتها الكبيرة، لا سيما أنها تأتي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والقاسية التي تعيشها، كما تأتي في ظل تكثيف الكيان الصهيوني لاعتداءاته على سورية.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، نشر تغريدة على تويتر، قال فيها “أهمية هذه الزيارة، إلى جانب الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية، فهي تجسيد انتصار الإرادة السياسية للمقاومة، ووصف عبد اللهيان، الزيارة بأنها “نجاح لدبلوماسية الحكومة في استكمال عملية التكامل الإقليمي”.
كما قال المتحدث باسم الحكومة “علي بهادري جهرمي” إن الزيارة التي تأتي تلبية لدعوة من الأسد، ترتدي أهمية استراتيجية للبلدين وهدفها اقتصادي، وتأتي في إطار استمرار دبلوماسية الجوار”، مؤكداً “أنّها تعزيز للعلاقات السياسية والاقتصادية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسورية ومحور المقاومة”.
وقال السفير الإيراني لدى دمشق “حسين أكبري” إن طهران مستعدة لمساعدة سورية في جميع الظروف، وقادرة على اتخاذ إجراءات فعالة لحل المشاكل الاقتصادية في سورية.
وأضاف إن “إيران قادرة على اتخاذ إجراءات فعالة لحل المشاكل الاقتصادية في سورية، ومستعدون لتقديم المساعدة لهذا البلد حتى يتمكن من تجاوز المشاكل الراهنة كما كان الحال أثناء الأزمة السورية”.
وقال أكبري “تتمتع طهران ودمشق بقدرات اقتصادية جيدة تساعد الطرفين على تسهيل ظروفهما الاقتصادية لتواجد المستثمرين الإيرانيين في سورية إلی جانب تعميق العلاقات السياسية”.
فيما قال نائب مدير مكتب رئيس الجمهورية للشؤون السياسية “محمد جمشيدي”، بأن زيارة السيد رئيسي إلى سورية، استراتيجية وتاريخية، مضيفاً، إن الوثائق التي سيتم التوقيع عليها بين الرئيسين الايراني والسوري لها بعد اقتصادي.
واستقبل الرئيس بشار الأسد، قبل أيام قليلة، وزير الطرق وبناء المدن الإيراني مهرداد بذرباش، رئيس الجانب الإيراني في اللجنة الاقتصادية المشتركة والوفد المرافق له.
وبحث الجانبان، الآفاق الجديدة للتعاون الاقتصادي بين سورية وإيران وكيفية الاستفادة من الفرص المتاحة لتطوير العلاقات في مختلف المجالات الاقتصادية سواء على المستوى الاستثماري أو التبادل التجاري أو في مجال الطاقة.
وأكد الرئيس الأسد، أن ترجمة العمق في العلاقة السياسية بين سورية وإيران إلى حالة مماثلة في العلاقة الاقتصادية هي مسألة ضرورية ويجب أن تستمر حكومتا البلدين في العمل عليها لتقويتها وزيادة نموها.
وأشار الوزير بذرباش خلال اللقاء، إلى مجموعة من العناوين الاقتصادية التي ستعمل عليها اللجان المختصة السورية الإيرانية في المرحلة المقبلة وخاصة في مجال الاستثمار والطاقة والكهرباء.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع