تدني الأجور يدفع مئات الموظفين إلى الاستقالة.. الحكومة مستمرة بدراستها لتحسين الوضع المعيشي!
تعتبر زيادة الرواتب في سورية بما يتناسب مع الغلاء الذي ضرب الأسواق، وتضاعف عن راتبهم عشرات المرات، الهاجس الأول لأغلب المواطنين، الذين ينتظرون أن تنهي الحكومة دراساتها التي تتحدث عنها حول تحسين الوضع المعيشي وتبصر النور قبل “وقوع الفاس بالراس أكثر وأكثر”.
وفي هذا السياق، بشّر عضو لجنة الموازنة وقطع الحسابات في مجلس الشعب “زهير تيناوي”، بأن الدراسات التي تقوم بها الحكومة لتحسين الواقع المعيشي للمواطنين “جادّة”.
ولفت تيناوي لصحيفة “تشرين” الرسمية، إلى أن هناك نتائج إيجابية سيلمسها المواطن قريباً وستحدث تغييراً ملحوظاً في حياته المعيشية.
وتوقّع عضو مجلس الشعب، زيادة بنسب مرتفعة، ومن دون اللجوء إلى رفع أسعار حوامل الطاقة، أو أي زيادة أخرى.
وأكد أن الحكومة تسعى حالياً إلى تأمين مصدر مالي مستدام للزيادة، بحيث يشعر بها المواطن.
بدوره أكد رئيس مجلس الوزراء لصحيفة “البعث” أن الفريق الحكومي يعدّ دراسة متكاملة لواقع الرواتب والأجور وتحسين الواقع المعيشي، مبيّناً أن الدراسة في خواتيمها.
في هذه الأثناء، وبينما تواصل الحكومة دراساتها لتحسين الوضع المعيشي، شهدت الشهور القليلة الماضية ازدياداً كبيراً في أعداد الموظفين الراغبين في الاستقالة، بسبب تدني الرواتب والأجور، والتي لم تعد تكفي أجور النقل.
اقرأ أيضاً: الأوروبيين يتغنّون باستقطابها.. هجرة العقول تهدد بالتحول إلى “بلد عجوز”
وذكر تقرير صادر عن اتحاد العمال، أن أعداد المستقيلين ومقدمي طلبات الاستقالة من القطاع العام، ارتفعت خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث تم تسجيل استقالة 400 موظف في محافظة السويداء، و300 آخرين في محافظة القنيطرة أغلبهم من قطاع التربية.
وذكر التقرير، الذي نقلته الصحيفة الرسمية، أنه تم تقديم 516 طلب استقالة في محافظة اللاذقية، بينها 230 طلباً من عمال في شركات الغزل، و149 من عمال في مؤسسة التبغ، و58 من عمال في قطاع الزراعة، و31 من عاملين في مديرية الصحة، و48 طلباً من موظفين في مختلف القطاعات الأخرى.
وتعليقاً على ذلك، قال المحامي “محسن الأبرش” المختص بقضايا شؤون العاملين لـ “تشرين” تأتي هذه الزيادة في طلبات الاستقالة تزامناً مع سفر معظمهم للعمل في الخارج رغبة في الخلاص من الواقع المعيشي والاقتصادي الصعب المتمثل في غلاء المحروقات وشحّها، والارتفاع المتسارع في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، وأزمة المواصلات الخانقة، وانقطاع الكهرباء الذي يصل إلى 15 ساعة يومياً في أغلب المناطق.
وبين “الأبرش”، أنه وبموجب المادة 364 يعاقب القانون السوري من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن الراتب الشهري مع التعويضات لمدة سنة كاملة كل من ترك عمله أو انقطع من العاملين في الوزارات أو الإدارات أو المؤسسات أو الهيئات العامة أو البلديات أو المؤسسات البلدية، أو أي جهة من جهات القطاع العام أو المشترك قبل صدور الصك القاضي بقبول استقالته من المرجع المختص، وكذلك كل من عدّ من هؤلاء بحكم المستقيل لتركه العمل أو انقطاعه عنه مدة خمسة عشر يوماً.
بدوره، قال الخبير في الإدارة العامة “عبد الرحمن تيشوري”، إن القطاع العام وصل للإفلاس الإداري نتيجة ضعف الأجور والفساد، مشيراً إلى أنه خلال الأزمة بدا هناك عجز كبير بالأداء المؤسسي وظهرت مشكلات الفساد المالي والإداري والتسيب وعدم حماية وحراسة المؤسسات.
وأضاف أن الرقابة تكشف عن اختلاس 10 ملايين يومياً، مشيراً إلى أن 50% من الشباب الذين لديهم خبرة واسعة هاجروا، ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة في حال بقينا على حالنا وعدم وجود أي ردة فعل لإنقاذ من تبقى من شباب.
وقال “تيشوري” تزايد طلبات الاستقالة نتيجة عدم تناسب كتلة الرواتب مع التضخم الاقتصادي، بحيث لا تغطي حتى تكلفة النقل، ما يجعل الموظف يعمل بشكل شبه مجاني.
وأكد أن تهالك القطاع العام فيما يخص عمليات الترقية الوظيفية والتطوير، يسهم في تحفيز قسم كبير من الموظفين على ترك العمل الحكومي، حيث تمنح الحوافز والترقيات لموظفين محددين.
وبين أن الجزء الكبير من مشكلات القطاع العام السوري يعود الى المسألة الإدارية، فالأزمة الوظيفية في سورية هي أزمة إدارة وأخلاق، مؤكداً على ضرورة معالجة كل ما هو مرتبط بذلك لإصلاح قطاعنا العام، ولاسيما ضمن استفحال البيروقراطية ودفع الإتاوات وبيع فرص العمل وبازارات المناصب وتضليل الإنجازات وتضخيم الوهمي.
يذكر أنه في ظل ارتفاع الأسعار والتضخم الذي أصاب البلاد، بات الراتب الذي لا يتجاوز في سقفه 150 ألف ليرة، لا يكفي لإطعام الأسرة خبزاً لوحده طيلة الشهر.
وكان برنامج الغذاء العالمي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، أشار إلى أن 80% من السوريين باتوا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وتخطت نسبة الفقر 90% من السكان.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع