بعد ارتفاع المحروقات.. محال تسعّر على هواها وأخرى تغلق أبوابها خوفاً من الخسارة
بعد ارتفاع المحروقات.. محال تسعّر على هواها وأخرى تغلق أبوابها خوفاً من الخسارة
بات الحديث عن ارتفاع الأسعار في سورية أشبه بالمثل القائل “دق المي وهيي مي”، فكل صراخنا وحديثنا يذهب هباء منثوراً، فربّما لا أحد يسمع أساساً، أو ربما يسمع المعنيون لكن لا مجيب.
وبالطبع هذا الحديث ليس بجديد، لكن دفعة القرارات التي اتخذتها الحكومة قبل أيام، ربما كانت الأقسى في عمر الأزمة الاقتصادية السورية، وكانت بمثابة الضربة القاصمة لآخر رمق نحيا عليه.
وفي هذا السياق، ضربت المحال والمطاعم الشعبية بدمشق عرض الحائط بالأسعار الرسمية الصادرة وذلك بعد ارتفاع أسعار المحروقات، لتفرض أسعارها كما يحلو لها، بحيث كل مطعم ومحل وضع الأسعار على مزاجه بذريعة ارتفاع أسعار المواد الأولية.
وأكد عضو جمعية المطاعم والمتنزهات والمقاهي الشعبية في دمشق “سام غرة”، أن المواد الأولية ارتفعت بنسبة 50 بالمئة خلال الأيام القليلة الماضية ليزيد قرار ارتفاع أسعار المحروقات “من الطين بلة”، ما دفع المحال والمطاعم لوضع أسعارهم الخاصة من دون انتظار الأسعار والنشرات الرسمية الصادرة عن حماية المستهلك أو المحافظة.
وأشار “غرة”، في حديثه لصحيفة “الوطن”، إلى أن الزيوت ارتفعت أسعارها للضعف، إضافة إلى ارتفاع أسعار الطحينية لأكثر من 60 ألف ليرة للكيلو الواحد، وكيلو المسبحة بـ 26 ألف ليرة، وبعض المحال يبيع الكيلو بـ 32 ألف ليرة، لافتاً إلى ارتفاع أسعار السندويش لأكثر من 1000 ليرة عن الأسعار قبل ارتفاع المحروقات.
اقرأ أيضاً: خبراء اقتصاديين يوصفون الواقع الاقتصادي بعد الزيادة.. دعوات لإعلان حالة طوارئ اقتصادية
ونوه عضو جمعية المطاعم، بأنه سيتم بحث الموضوع مع المعنيين في التموين والمحافظة بأسرع وقت للتوصل إلى تصور عام ووضع أسعار جديدة سريعة.
في السياق، أكد عدد من تجار المفرق في بعض أسواق دمشق، أن الإقبال على شراء المواد حتى الغذائية منها انخفض وحركة البيع تعتبر ضعيفة نتيجة ارتفاع الأسعار الكبير، ناهيك عن عدم توفر المواد بالشكل المطلوب.
وبينوا أن أسعار المواد التي يشترونها تختلف بين تاجر جملة وآخر وليس هناك سعر موحد للمواد، لذا يلجؤون نتيجة عدم ثبات الأسعار وانخفاض تصريف المواد لشراء كميات محدودة.
من جانبه، أكد رئيس جمعية حماية المستهلك في محافظة دمشق “عبد العزيز معقالي”، أن العديد من المحال بمختلف المحافظات أغلقت أبوابها، بسبب الارتفاعات الكبيرة بأسعار المواد، مشيراً إلى أنه ومن خلال الاجتماع مع أصحاب عدد من المحال لفتوا إلى أن البيع وفق الأسعار الحالية يعتبر خسارة.
وأوضح رئيس جمعية حماية المستهلك، أن الأسعار ازدادت بعد ارتفاع المحروقات بمعدل 40 بالمئة، معتبراً أن حركة الأسواق ضعيفة جداً، ومنوهاً بضرورة تدخل الجهات المعنية لوضع حد لهذه الارتفاعات واتخاذ الإجراءات على صعيد ضبط سعر الصرف وتخفيف أسعار المواد الأولية.
بدوره، أكد نائب رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها “ماهر الأزعط”، وجود ندرة في المواد وخصوصاً الغذائية حالياً في صالات السورية للتجارة وعدم توافر اللحوم البيضاء في معظم الصالات، مطالباً السورية للتجارة بأن تعمل على توفير كل المواد في صالاتها وتمارس دورها بالتدخل الايجابي بشكل فعلي على الأرض.
في المقابل، استبعد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق “محمد الحلاق”، ارتفاع الأسعار بنسبة كبيرة عقب زيادة الرواتب والأجور، مؤكداً أنها بين 5 و7 بالمئة.
وأكد أن زيادة الأسعار جاءت بسبب زيادة الأعباء والنفقات والمصاريف المدفوعة من المنتج التي تلعب من خلالها أسعار المحروقات دوراً كبيراً، مشيراً إلى أن المشكلة بعدم توفر المحروقات رغم رفع سعرها، حيث تخضع لابتزاز تجار سوق السوداء الأمر الذي أدى لارتفاع التكلفة بشكل أكبر.
وبيّن “الحلاق” أن الأسعار لا تنضبط إلا بالتنافسية وزيادة وفرة السلع، ومن يتحدث عن استغلال التجار يضحك على نفسه، مؤكداً عدم وجود جشع من التجار إنما هناك عدم وضوح للنفقات والتكاليف والمصاريف والأعباء وعدم استقرار في سعر الصرف، الأمر الذي يجعل جميع التجار وأصحاب المهن يعملون وفق مبدأ التحوط أي بمعنى زيادة نسبة الربح كي لا يخسر التاجر، وهذا الأمر لا يمكن تجاهله ومن يقل غير ذلك فهو غير مطلع على واقع الأسواق.
في هذه الأثناء، حذر الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب الدكتور “حسن حزوري”، من أن التضخم وتغير سعر الصرف سيأكل الوفورات التي ستتحقق في الموازنة، وستنعكس سلبياً على موازنة عام 2024، وسيكون الوضع أكثر صعوبة، وخاصة في ظل بقاء العقلية نفسها التي ترسم السياسة النقدية والمالية من دون تغيير.
وبينما يواصل التجار والمعنيون تقاذف الاتهامات، حول واقع السوق، بقي المواطن وحده الضحية، التي يجلدها الجميع، دون أي رحمة!!
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع