“النول”.. حرفة حموية تواجه خطر الاندثار
“لم يعد صوت النول يملأ الأماكن” هكذا يقول الحرفي في صناعة النسيج اليدوي “محسن دبيك” البالغ من العمر 65 عاماً، وهو من أبناء مدينة حماة، لـ “كليك نيوز” خلال حديثه عن مهنته التي بدأت بالاندثار حسب رأيه.
خمسون عاماً قضاها هذا الرجل الستيني وراء نوله ينسج “البرانص والمناشف متعددة الاستعمالات ومنها العرايسية”، هي حرفة ورثها عن والده الذي عمل بها منذ عام 1940م، ويقول “إن هذه الحرفة مرّت بالعديد من محطات التوقف لأسباب عدة رغم عراقتها ورغم تاريخها الطويل، وفي مقدمتها غياب سوقها، وعدم وجود الأيدي العاملة المدربة ذات المهارة، لاسيما وأن القدماء توفوا والشباب من الأجيال الجديدة فضلوا الابتعاد عن ممارسة تلك الحرفة التراثية، لقلة العائد من جهة، وعدم وجود أماكن لتصريف تلك المنتجات من جهة أخرى، ما تسبب في توقف عشرات الأنوال المُستخدمة في صناعة النسيج”.
اقرأ أيضاً: كلفة ترميمها أكثر من عشر مليارات.. 44 موقعاً أثرياً تضرر بفعل الزلزال في حماة
وأوضح “دبيك” أن “صناعة النسيج اليدوي، واحدة من الصناعات التراثية القديمة التي تعود إلى زمن النبي “شيث” عليه السلام، وهو أول من اشتغل بها، وبعدها توارثت حتى تاريخ اليوم، وتفرع منها نول المد العربي، نول السجاد، نول قصاصات القماش، نول بيوت الشعر، وكل شخص اختص بمهنة، ويوجد من النسيج اليدوي تقريباً بين 5 – 6 مهن، ومحافظة حماة كانت ولازالت هي المحافظة الوحيدة التي اشتهرت بهذه الحرفة في سورية ولا تزال حتى اليوم. ”
وأشار “دبيك” إلى أن “حرفة صناعة النسيج اليدوي اليوم ليست بخير وقد تندثر في ظل المعوقات التي تم ذكرناها، إضافة إلى أن النول يحتاج إلى تسدية، وسابقاً حتى عام 2010 كنا نقوم بالتسدية في محافظة حلب، لكن اليوم لم يعد هناك مسدى عربي لا في حلب ولا في الشام أو حمص”.
وأرجع “دبيك” سبب ذلك إلى قلة النوال، حيث كان يوجد بمحافظة حماة 3500 نول وبأنواع عديدة بقي منها 3 فقط، موضحاً أنه “اليوم يتم التسدية على النول الآلي إن كان مد عربي أو قصاصات القماش، كونها تعطي أسرع”.
وتابع “المهنة ممتعه وليست متعبة والعمل بها يجعل العقل يعمل، والجيل الجديد لا يعرفنا متمنياً ألا تموت هذه المهنة في ظل المعوقات التي مرّت بها، والناس اليوم تبحث عن أكلها وشربها فيمكن أن يستغني الزبون عن المنشفة لكنه لا يستغني عن أكله وشربه”.
وكان “سوق المهن اليدوية عام 2010 وما قبل اكتظاظ الناس كما سوق الطويل، أما اليوم فهو فارغ تماماً والناس لم تعد تأتي كونه أصابها نوع من الملل من قلة الناس التي تقصد هذا المكان الواقع في شارع المرابط ملجأ الأيتام سابقاً”.
وعن المواد الأولية المستخدمة في هذه المهنة قال “دبيك” إنه “يتم استخدام القطن السوري 100% ويتم استجراره من معمل حماة، والحدف من حلب، والحرير من الصين، وكنا ننسج شراشف الحرير والقطن واليوم لم يعد هناك سوى البشكير والمنشفة والبرنص.
اقرأ أيضاً: موظفون في حماة يشتكون توقف الصرافات التجارية.. مسؤول يوضّح
منوهاً إلى أن هذه المهنة تحتاج إلى سوق خارجي كون البضاعة تمشي ومطلوبة هناك، ومهما كان هناك بضاعة السوق الخارجي يحتويها”، مضيفاً إلى وجود مشروع تدريب مجموعة من الفتيات على الحرير الطبيعي بناء على طلبهم لإعانة نفسهم وسنبدأ بالمشروع بعد عيد الفطر.
وختم “دبيك” حديثة آملاً أن تعود الحياة كما كانت عام 2010 وما قبل كونهم تأثروا كثيراً من هذا الوضع، متمنياً إعادة الحياة لتلك الحرفة التراثية ذات الطابع الخاص والتي تعبر عن هوية محافظة حماة، وذلك من خلال قبول الجيل الجديد أن يتعلم هذه المهنة.
والمِنسج أو النول هو آلة تدار يدوياً أو آلياً، وهي تستخدم في نسج النسيج، تتكون من أجزاء يمكن بواسطتها أن تتعاشق مجموعتا السدى واللحمة مع بعضها البعض لتكوين المنسوج.
والهدف الأساسي من المِنسج هو إمساك خيوط السدى مشدودة لتسهيل تمرير خيوط اللحمة وتشبيكها، وقد يختلف شكل المِنسج وآلياته ولكن المبدأ الأساسي يبقى نفسه.
أوس سليمان – كليك نيوز