العنف والشتم والسلب منهجاً لهم.. المتسولون يطوّرون أساليبهم للحصول على المال
في ظل استمرار تدني الحياة المعيشية، وضعف الدخل وارتفاع الأسعار، ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة التسول بشكل كبير، حتى في قلب العاصمة دمشق، وأمام أعين “وزارة الشؤون”، لكنّ اللافت تطور أساليب “المتسولين”، الذين باتوا يستخدمون العنف والشتم والسلب منهجاً لهم، ضدّ “المارّة”.
وأشارت الأستاذة في قسم علم الاجتماع بجامعة دمشق الدكتورة “حنان ديابي”، إلى أن تغير أسلوب التسول مؤخراً يعود إلى ما تعرض له هؤلاء الأطفال من مشاهد عنف ورعب ودمار ولسوء الأوضاع الاقتصادية، إضافة إلى غياب دور رقابة الأسرة التي في أغلب الأحيان هي من تشغلّهم.
اقرأ أيضاً: حصّة كهرباء “معمل الأسمدة” تعود لمحطات التوليد.. هل يتحسّن واقع التقنين؟
وأكدت “ديابي” في حديث نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، أنها تواصلت مع العديد من المتسولين من مختلف الفئات والأعمار، حيث بيّن لها المتسولون ما دفعهم لاستخدام أسلوب التسول بالعنف.
ونقلت الدكتورة عن المتسولين قولهم، بما أن الناس لم يعد يجدي معهم الاستعطاف والاستجداء ولا يشعرون بمعاناتنا، فإننا مجبرون على استخدام العنف والشتم كسلوك، لأن أضعاف هذا العنف والشتم نتعرض له يومياً كعقوبة من مشغلنا “الأهل أو أفراد شبكات التسول”، إذا لم نحصل على الكثير من المال إضافة إلى الحرمان من الطعام.
اقرأ أيضاً: زيادة الاعتماد على الخبز “كقوت يومي”.. حلب تستهلك نحو 500 ألف ربطة يومياً
ورأت “ديابي”، أن سوء الأوضاع الاقتصادية ليس مبرراً للتسول، لأن هناك الكثير من الفقراء والمحتاجين فعلاً إلا أنهم لا يتسولون.
وأوضحت أنها التقت العديد من الفتيات تتراوح أعمارهن بين 13حتى 15عاماً في معاهد الأحداث ومراكز الإيواء المؤقتة خلال دراسة أخرى أجرتها في حلب ودمشق، مضيفة أنها وجدت خلال الدراسة، أن أغلب الحالات قد تعرضت للتحرش الجنسي والاغتصاب أثناء تسولها.
إضافة إلى التقائهن في هذه المعاهد بالفتيات الجانحات ممن امتهن الدعارة ما يدفعهن لامتهان هذه المهنة لاحقاً عوضاً عن التسول أو تزامناً معه، لأنها أكثر ربحاً.
ورأت “ديابي”، أن الحل يتطلب تضافر جهود وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مع وزارتي التربية والأوقاف ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني، مؤكدة دور هذه الجمعيات في رعاية الأيتام والطفولة ومحاربة التسرب المدرسي.
اقرأ أيضاً: الدكتور نبوغ العوا لـ “كليك نيوز”: حالات الرشح الحالية ليست أنفلونزا عادية فهي كورونا بمتحور جديد
ودعت الدكتورة في علم الاجتماع، إلى ضرورة سد الحاجة المادية للأفراد لأن هناك متسولين محتاجون فعلاً، من خلال تأمين فرص عمل وبدائل مجزية تبعد المتسول عن هذه المهنة وتسد حاجته، كما يجب إعادة النظر في قانون عمالة الأطفال وخاصة أن أجور الأطفال غير مجزية أبداً ما يدفعهم للتسول لأنه أربح وأسهل.
يذكر أن الحرب على سورية، منذ العام 2011، تسببت بظهور العديد من الآفات الاجتماعية واستفحالها، كظاهرة التسول، حيث بات يمتنع الكثير من المتسولين عن الإقامة في مراكز تشغيل المشردين المخصصة لهم، بسبب المبالغ المالية التي يجنونها من التسول.
وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، كشفت في تشرين الثاني الفائت، أنها تعمل على إعداد مسودة قانون خاص بمكافحة التسول.
هذا وتوقع العديد من خبراء الاقتصاد، أن يكون العام 2024، أكثر سوءاً من الناحية الاقتصادية، وسيزيد معدل التضخم بأضعاف عمّا كان عليه العام الحالي، ما ينذر بكوارث اجتماعية قد يسببها الفقر الذي نهش العظام الهشّة! وهنا يأتي دور الحكومة بإصدار قرارات تنقذ المواطنين من الهاوية المعيشية التي وصلوا إليها.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع