العقوبات على روسيا والصراخ في أوروبا
العقوبات على روسيا والصراخ في أوروبا
بعد مضي أكثر من شهر على #فرض العقوبات الغربية الأوروبية ضد روسيا على خلفية عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، تعترف #ألمانيا بعدم قدرتها على تحمل تبعات حظر الغاز والفحم والنفط الروسي رغم أنها بدأت #البحث عن البدائل، وفي فرنسا واليونان بدأت المظاهرات احتجاجاً على ارتفاع أسعار #الطاقة، فيما منظمة الطاقة العالمية تدعو الدول الغربية إلى تقليص أيام #الدوام والعمل من المنزل لخفض الطلب على #الوقود.
هذا قبل أن يتخذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرار بيع الغاز للدول (غير الصديقة) بالعملة الروسية (الروبل) اعتباراً من الأول من #نيسان، فما هو مصير عقود الغاز الأوروبية التي ينبغي تسديد قيمتها بالروبل الروسي؟ وهل سيكون من المجدي البحث عن بدائل غير متاحة في المدى المنظور؟ لقد أصبحت أوروبا أمام #ورطتين، عدم قدرتها على التخلي عن الغاز الروسي واضطرارها للدفع بالروبل بدلاً من اليورو أو الدولار!! قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن “على أوروبا أن تجد مخارج للورطة التي أوقعتها بها واشنطن”، ويبدو أنها مجرد بداية للورطة #الاقتصادية التي سوف تبدأ مفاعيلها الحقيقة في #الخريف القادم بحسب التحليلات الاقتصادية.
فالتعويل الأوروبي على الولايات المتحدة أو أي مصدر آخر كبديل للطاقة الروسية وخصوصاً في مجال #الغاز الذي تعتمد أوروبا على 40% من احتياجاتها عليه والفحم الحراري الذي تعتمد على 45% من احتياجاتها من #روسيا هو ضرب من الوهم والجنون حالياً، فالولايات المتحدة نفسها ليست بمنأى عن تأثير #العقوبات التي فرضتها على روسيا إذ ارتفع سعر غالون البنزين إلى 6 دولارات مقابل 3 العام الفائت.
صحيح أن العقوبات الغربية #ستلحق أضراراً بالاقتصاد الروسي بلا شك، وصحيح أن قيام الدول الأوروبية والغربية بتجميد #الأرصدة الروسية ومصادرة ممتلكات الشركات الروسية مثل (غازبروم) و(روس نفط) يشكل سطواً حقيقيا على #ممتلكات الغير، غير أن كل ذلك لا يستطيع أن يخفي حقيقة التأثير الأقوى لتلك #العقوبات وتداعياتها الأكثر إيلاماً على الدول الأوروبية والتي بدأت تظهر مفاعيلها في أسواقها تحليقاً لأسعار #السلع والمواد وشبه غياب لبعض السلع من رفوف السوبرماركت.
الوكالة الدولية للطاقة اقترحت خطة تقشفية لتقنين الطلب على النفط في وقت يحذر فيه الخبراء الأوروبيون من أن أسعار #الديزل قد تصل 6 يوروهات لليتر الواحد، ودعت الخطة إلى العمل من المنزل لمدة تصل إلى 3 أيام في الأسبوع وعدم استخدام #السيارات في المدن خلال أيام العطلة وخفض أجور وسائل النقل العام وتحفيز #المشي وركوب الدراجات واستخدام القطارات السريعة بدلاً من #الطائرات انطلاقا من تقديرات واقعية تفيد بأن معظم سكان أوروبا لن يكون بمقدورهم ركوب سياراتهم وكذلك #المعامل سوف تتوقف وينهار #الاقتصاد الأوروبي ويتحول الغرب الغني لمجرد خيال.
صحيفة “دير شبيغل” الألمانية كشفت قبل أيام أن معظم الشركات الألمانية بدأت تلجأ لرفع أسعار منتجاتها #الاستهلاكية والغذائية متأثرة بارتفاع أسعار #الطاقة وهذا الأمر بدأ يتحول إلى تضخم يثقل كاهل الناس، وقد يفضي إلى تضخم لم تشهده البلاد منذ عام 1981 ويصل إلى 5% فيما ارتفعت أسعار #الأسمدة 4 أضعاف عن العام الماضي ما يهدد مستقبل الزراعة أيضاً.
رغم ذلك تواصل أوروبا ضرب رأسها بالجدار، فقد دعا البرلمان الأوروبي في قرار تبناه إلى فرض #حظر “شامل وفوري” على واردات “النفط والوقود النووي والفحم والغاز” من روسيا في وقت تتردد ألمانيا في تبني #القرار لأنه سيكلفها بحسب الخبراء 3% من ناتجها المحلي الإجمالي وفي وقت ترفض #هنغاريا وصربيا المشاركة في العقوبات ضد موسكو.
تداعيات العقوبات الأوروبية على روسيا ظهرت في شوارع #باريس تظاهرات من سائقي سيارات النقل احتجاجًا على ارتفاع أسعار الوقود، وفي اليونان #إضراباً على مستوى البلاد لمدة يوم واحد احتجاجا على ارتفاع الأسعار إلى أعلى مستوى في 25 عام.
بالمقابل تسعى #موسكو إلى تعزيز علاقاتها التجارية مع الدول الأسيوية (الصين والهند وباكستان) حيث أفادت دائرة الجمارك الرئيسية في #الصين بأن قيمة الغاز الذي صدرته روسيا إلى الصين في كانون الثاني وشباط الماضيين تتجاوز نصف مليار #دولار متجاوزة العام الماضي بثلاثة أضعاف، وهذا الأمر سوف يتضاعف مع العمل لبناء خط #أنابيب جديد عبر منغوليا.
ليس هذا فحسب، فقد بدأ الروبل الروسي بالتعافي أمام الدولار واليورو على خلفية قرار الرئيس بوتين بيع الغاز الروسي بالروبل، وصرح “ديمتري مدفيدف” نائب رئيس مجلس الأمن الروسي أن موسكو سوف تمتنع عن #تصدير منتجاتها الزراعية (لغير الأصدقاء) وكذلك لن تستورد منهم شيء وقال (سوف نتناول #الإفطار بـأنفسنا، ويمكن أن نتقاسم الغداء مع #الأصدقاء، لكننا لن نقدم العشاء لأعدائنا)، في إشارة إلى استعداد روسيا للأسوأ، فماذا ستفعل #أوروبا؟