مقالات

أستانا، مؤتمر عودة اللاجئين.. طيف الاعتداءات والتهديدات.. وخطوات التطويق

أستانا، مؤتمر عودة اللاجئين

طيف الاعتداءات والتهديدات.. وخطوات التطويق

 

بالتزامن المخطط أو غير المخطط له تنعقد الجولة ١٨ من الاجتماعات الخاصة بصيغة استانا في العاصمة الكازاخية، وتتواصل بدمشق أعمال الاجتماع الرابع السوري – الروسي المشترك لمتابعة المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين الذي انطلق في ٢٠٢٠.

إستكمال لإنجازات الميدان

 

في مواجهة الإرهاب واستكمال دحره، وفي مواجهة الإرهاب الإقتصادي الأميركي الغربي، العقوبات والحصار، وتعزيزا للتعاون في مجالات واسعة، يواصل الجانبان السوري والروسي اجتماعاتهما بدمشق في إطار الاجتماع الرابع المعني بمتابعة نتائج المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين.

اللقاءات المتخصصة القطاعية مكثفة، تتم على إيقاع سريع جرى التحضير له، وقد أنتج حتى الآن توقيع عشرات الاتفاقات ومذكرات التفاهم لتعميق التعاون العلمي، البحثي، الثقافي، الطبي، التقاني، الإقتصادي، التجاري، والبحري، ودائما بما ينعكس على العلاقات الثنائية، وبما يؤسس لتقوية بنية المؤسسات التي بدأت إعادة الإعمار والتأهيل، وبما يهيء لعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم جنبا إلى جنب مع اتخاذ الكثير من القرارات والإجراءات التي من شأنها أن تسهل عودة المهجرين، وربما الأهم من شأنها أن تحرق ورقة الاستثمار السياسي التي تمسك بها جوقة مؤتمرات المانحين، من الكويت الى بروكسل.

من الكويت الى بروكسل

 

منذ ٢٠١٣ بدأ التسييس، وبدأت المتاجرة بمعاناة المهجرين السوريين الذين فروا من ممارسات وبطش التنظيمات الإرهابية التي سيطرت على مناطقهم، ومنذ ذلك الحين وصولاً إلى أيار الماضي حيث انعقد ما يسمى مؤتمر المانحين السادس في بروكسل، لم تتوقف محاولات التسييس وسرقة الأموال التي يتم جمعها تحت عناوين كاذبة تدعي الحرص على السوريين، التخفيف من معاناة المهجرين، وتلبية الاحتياجات الإنسانية، بينما تجري سرقة هذه الأموال التي تراوحت حسب بيانات المؤتمرات بين ٤,٤ و٩ مليارات دولار في كل انعقاد.

لاءات الغرب واميركا

 

إذا كانت العواصم الغربية وواشنطن وبقية التابعين الملتحقين، ما زالت تعيش وهم بيان جنيف رقم ١ وتتمسك بانتقائية بما يناسبها من القرار الدولي ٢٢٥٤ وتطرح لاءاتها بوقاحة ( لا لتطبيع العلاقات مع دمشق، لا لرفع العقوبات أو مراجعتها، لا لإعادة الإعمار ) وتربط عملية إعادة الإعمار بما تسميه “الإنتقال السياسي”، فإن سورية وإيران وروسيا وبقية الشركاء والأصدقاء والحلفاء، قد عزمت على إعادة الإعمار، بدأت، وهي تواصل عملها بزخم أكبر متحدية الحصار والعقوبات وكل أشكال الضغوط بما فيها العسكرية التي يخيم طيفها على اجتماعي دمشق واستانا، الاعتداءات الإسرائيلية في الجنوب والتهديدات التركية في الشمال، حيث الحاضر الأكبر يد أميركا العابثة المجرمة.

معركة القرار ٢٥٨٥ القادمة

 

إعادة الإعمار والتهيئة لدعم عودة اللاجئين والمهجرين، سياسياً ولوجستيا، هي معركة تخوضها سورية، بالتعاون مع روسيا وإيران والدول الصديقة والحليفة، وإذا كانت اجتماعات دمشق الحالية تستكمل على قاعدة ما تم إنجازه، فإنها تتحضر لخوض معركة القرار ٢٥٨٥ في مجلس الأمن الدولي خلال تموز المقبل.

معبر باب الهوى، لا يمكن أن يبقى النافذة لإدخال المساعدات المزعومة التي تتحول ذريعة لتقديم السلاح والدعم والإسناد لفصائل الإرهاب التي تحركها أوامر العمل التركية الأميركية الإسرائيلية في إدلب، ولذلك فإن التجديد لآلية ما عرف بالقرار ٢٥٨٥ مستبعد جدا، ولا يمكن الإبقاء عليها بيد النظام التركي ومشغليه، ذلك مع غياب أي دور للحكومة السورية، بل إن هدف إسقاط مسعى التجديد لتلك الآلية هو جعل المساعدات تمر حصريا من دمشق، وتنطلق منها لا من أنقرة، بما يعنيه ذلك من معان سياسية وعملياتية لجهة مواجهة أكاذيب الغرب وواشنطن ومخططاتهما.

انزالات أميركية، وانتهاكات

 

التحركات على الأرض، تتعارض مع كل التفاهمات والاتفاقات، سواء الأميركية الروسية، أو تلك الموقعة في إطار عملية استانا ومخرجاتها المشتركة بالمحتوى مع تفاهمات سوتشي، هي تحركات تكاد تكون يومية، انزالات عسكرية أميركية، إدخال قوات وتعزيزات إلى قواعد الإحتلال الأميركي بدءاً من محيط التنف وانتهاء بمنطقة جرابلس الحدودية، إضافة إلى الانتهاكات لما تم الاتفاق عليه بارتكاب اعتداءات إرهابية في ريف إدلب المسؤول الأول عنها النظام التركي كطرف ضامن في اجتماعات الدول الضامنة.

هذه الانزالات وتلك الاعتداءات التي يرصدها مركز المصالحة الروسي بشكل شبه يومي، لا يمكن القبول بها، وإن محاولة النظام التركي تزويد أذرعه الإرهابية بأسلحة نوعية إنما تكشف غايات شريرة تلتقي مع غايات العدوان الذي يحضر له نظام أردوغان في الشمال والشمال الشرقي لإقامة منطقة آمنة تكون الملاذ للإرهابيين والتهديد لوحدة الأراضي السورية، أحد أهم البنود في كل البيانات والقرارات الصادرة عن استانا وجنيف، فضلا عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

إن الرد الحقيقي على التحركات الأميركية، التهديدات التركية، الاعتداءات الإسرائيلية، يتجلى بالتصدي لها مجتمعة، في المضي بإنجاز المزيد من الخطوات على صعيد مؤتمر عودة اللاجئين، بتزخيم مخرجات عملية استانا وإجبار الأطراف المشاركة على الوفاء بالتعهدات والالتزامات المنصوص عليها في البيانات الختامية لاجتماعاتها، وبالعمل العسكري في ملاحقة التنظيمات الإرهابية، وبردع النظام التركي .. هو بالضبط ما يجري، حيث التعزيزات السورية تصل إلى اعزاز والمناطق المجاورة امتدادا إلى الرقة والحسكة، وليبقى الحساب مفتوحاً مع العدو الإسرائيلي.

دائرة عملية استانا الأوسع

 

الملفت في اجتماعات عملية استانا بدورتها الحالية هو أنها تتناول المستجدات الجارية باهتمام كبير، وقد كان ملفتا ما أشار إليه المبعوث الرئاسي الروسي الكسندر لافرنتييف من أن الاجتماع لن يناقش فقط الوجود الأميركي غير المشروع في الأراضي السورية، حيث الذريعة محاربة داعش بينما الحقيقة هي الامعان بممارسة نهب وسرقة الثروات والموارد الوطنية السورية والاستمرار بمحاولات إحياء وتدوير الدواعش وسواهم من المليشيات الانفصالية، بل ستكون الإعتداءات الإسرائيلية محط اهتمام وبحث، إضافة إلى الذرائع التركية المرفوضة التي تساق لتبرير العدوان على الأراضي السورية.

الموقف المتقدم للجانب الإيراني الذي عبرت عنه طهران إن لجهة رفض ذرائع أنقرة، أم لجهة ردع المحتل الأميركي والعدو الإسرائيلي، عبر عنه بوضوح السيد علي أصغر خاجي، وهو الموقف المتكامل مع الموقف الروسي، والداعم بقوة لموقف دمشق الثابت، في الدفاع عن السيادة، ووحدة سورية واستقلالها. لا بد أن يحاصر موقف أنقرة، ولا بد من التأسيس عليه في المرحلة المقبلة.

المرحلة المقبلة قد تكون ممتلئة بالمراوغات والمساومات التي درج عليها نظام أردوغان، غير أن التعزيزات العسكرية السورية الروسية الإيرانية بالمنطقة المستهدفة، ودعوة موسكو لإيجاد حلول بمشاركة جميع الأطراف عبر الحوار الذي يخفف التوتر ويمنع العدوان ويحقق الاستقرار في المنطقة الحدودية، لا يمكن للنظام التركي تجاهلها، وليبقى الحل الوحيد لكل ما يتعلق بذلك هو إعادة انتشار الجيش العربي السوري في هذه المنطقة وعلى امتداد الشريط الحدودي، سيحصل، شاءت قوى العدوان، تركيا، ام لم تشأ، وإلا، فعلى أنقرة ومشغليها أن تتحمل نتائج حماقة لن تمر ..

إن تطويق حماقات التهديد والعدوان، في الشمال والجنوب، جار، وبمنتهى الجدية، ذلك من بعد إرسال الرسائل التحذيرية.

علي نصر الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى