التصعيد في المنطقة.. إلى أين؟
التصعيد في المنطقة.. إلى أين؟
بالرغم من الدعوات الأمريكية الغربية الموجهة لدول المنطقة بعدم توسيع رقعة الحرب في الشرق الأوسط أو الدخول المباشر في الحرب إلى جانب المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، (المقصود هنا حزب الله وسورية وإيران) يواصل كيان الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة، وتمتد يده العدوانية لشن غارات على منشآت مدنية سورية وغيرها وليس آخرها اغتيال مستشار عسكري إيراني رفيع المستوى في دمشق بدعم وتشجيع أمريكي واضح.
فهل تقود التصرفات الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة إلى توسيع نطاق الحرب وتحويلها إلى حرب إقليمية؟ هل نبدأ عام 2024 بحرب إقليمية جديدة نتيجة التهور الإسرائيلي، أم ستبقى الحرب محصورة ضمن قواعد الاشتباك المعهودة على حافة الحرب الإقليمية؟
لقد تكررت الاعتداءات الإسرائيلية والأمريكية ضد سورية وضد الحشد الشعبي العراقي، وضد إيران، واليوم يتكرر العدوان باغتيال مستشار عسكري إيراني “بارز” في العاصمة السورية دمشق، وأكدت طهران أن “تل أبيب” ارتكبت جريمة إرهابية لن تبق دون رد وأن الرد سيكون قاسياً.
اقرأ أيضاً: ماذا ينتظر العالم من أطفال فلسطين
فهل سيكون الرد الإيراني من حجم الرد على اغتيال واشنطن اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في العراق قبل أربعة أعوام تقريباً؟
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان توعد كيان الاحتلال الإسرائيلي برد قوي على اغتيال المستشار في الحرس الثوري الإيراني في سورية رضي موسوي عندما أعلن أنه يتعين على “تل أبيب” أن “تنتظر عداً تنازلياً صعباً”. فما الذي قصده عبد اللهيان بالعد التنازلي؟ عداً تنازلياً بانتظار الرد الإيراني أم عداً تنازلياً لانهيار الكيان؟
الجريمة الإسرائيلية لم تكن لتحصل لولا التشجيع والدعم الأمريكي غير المحدود والذي تجلى في إرسال الأساطيل إلى الشواطئ الشرقية للمتوسط وإلى الخليج العربي، وتشكيل تحالف أطلقت عليه واشنطن اسم “حارس الازدهار” في البحر الأحمر بحجة صد الهجمات اليمنية ضد السفن والنواقل المتوجهة إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وقد جاءت جريمة الاغتيال بعد اتهامات وجهتها واشنطن إلى طهران بالوقوف وراء الهجمات على السفن في البحر الأحمر وتهديد الملاحة فيه، في حين نفت إيران هذه الاتهامات على لسان المتحدث باسم الخارجية ناصر كنعاني ووصفتها بأنها تهدف إلى “صرف أنظار العالم عن تورط واشنطن بالجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة”.
اقرأ أيضاً: وحدة الساحات من وحدة القضية
في الثالث من كانون الثاني 2020 اغتالت الولايات المتحدة الأمريكية اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس بعد وصوله إلى العاصمة العراقية بغداد وبعيد خروج موكبه من المطار، الأمر الذي دفع طهران للقيام برد قوي في الثامن من الشهر ذاته، ضد قاعدتي عين الأسد الأمريكية غربي الأنبار وقاعدة حرير في أربيل، أسفر عن دمار كبير في القاعدتين وإصابة عشرات الجنود الأمريكيين وسط تكتم واشنطن عن حجم الخسائر آنذاك.
بعد أربعة أعوام تقريباً ترتكب “تل أبيب” جريمة مشابهه في دمشق، والمتابع للسياسة الإيرانية يدرك تماماً أنها لن تسكت على اغتيال بهذا الحجم، وأن ردها قد يكون معلناً وصريحاً أو يتم تنفيذه بطريقة تؤلم الكيان المحتل بدون أن تعلن ذلك.
لكن المرجح أن تعلن طهران عن ردها بعد تنفيذه سيما وأنها قطعت عهداً بالرد والانتقام على لسان وزير دفاعها محمد رضا أشتياني، الذي أكد بحسب وكالة تسنيم الإيرانية أن بلاده “سترد بقوة على العدو الصهيوني الضعيف في الوقت والمكان المناسبين” وأن الرد سيكون “صارماً”.
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي هو الآخر أكد أن “إسرائيل” ستدفع “ثمن” اغتيال الجنرال موسوي رفيق الشهيد اللواء الحاج قاسم سليماني، فيما أعلن “حزب الله” اللبناني أن اغتيال إسرائيل للمستشار رضي موسوي اعتداء صارخ وتجاوز للحدود.
المنطقة اليوم كلها مشتعلة وعلى حافة حرب إقليمية كبرى نتيجة السياسات الأمريكية الغربية الداعمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي المنفلت من كل القوانين والأعراف، وقد يؤدي أي حادث متهور أو اعتداء إرهابي من نوع اغتيال المستشار موسوي إلى تدحرج كرة النار واشتعال حرب إقليمية تغير وجه المنطقة.
اقرأ أيضاً: ما بين الحرب والمناخ
فالكل يده على الزناد، ومحور المقاومة أظهر تماسكاً وتنسيقاً عالي المستوى في التعامل مع العدوان الإسرائيلي على غزة، من اليمن إلى العراق وسورية ولبنان وفلسطين، لذلك فإن على الولايات المتحدة أن تعيد النظر في سياساتها وممارساتها العدوانية في المنطقة.
فما كان ممكناً قبل سنوات لم يعد مقبولاً اليوم، والدليل على ذلك ما تنجزه المقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة وإلحاق الخسائر البشرية الكبيرة بها بالرغم من فارق التفوق العسكري والتكنولوجي الذي تتمتع به قوات الاحتلال.
لقد بات معروفاً أن كيان الاحتلال المحشور في قطاع غزة، غير القادر على إحراز أي من أهدافه التي أعلنها قبل شهرين ونيف، يريد جر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية يعتبرها مخرجاً له من المستنقع الذي ورط نفسه فيه.
لكن طهران التي تعلم النوايا الإسرائيلية لن تمنح تل أبيب أو واشنطن الذريعة لشن حرب إقليمية في التوقيت الذي يريده الكيان الإسرائيلي، ولن تنجر لحرب من هذا النوع إلا بالتوقيت الذي يريده محور المقاومة ويعد العدة له، فهل اقتربت ساعة الصفر؟
لقد أثبتت عملية طوفان الأقصى أن قوى المقاومة قادرة على إلحاق الهزيمة بالكيان الإسرائيلي وأن واشنطن لن تكون قادرة على حمايته، فهي غير قادرة على حماية قواعدها في سورية العراق التي تتعرض يومياً لضربات من قوى المقاومة.
ما يجري في المنطقة اليوم يؤكد أن محور المقاومة، حسم أمر المواجهة، لكنه يقيس رده على قوى العدوان بميزان دقيق ويجري حساباته وفق خطط موضوعة لا تخضع للاستفزازات غير المحسوبة.
لذلك على واشنطن التي تتحمل مسؤولية التوترات والحروب في المنطقة أن تتوقف عن مساندة كيان الاحتلال في جرائمه وإلزامه التوقف عن اعتداءاته بحق دول المنطقة وشعوبها، قبل أن تتفاقم الأمور وتصل نقطة اللاعودة.
عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع